تعمل الدولة المصرية بكافة مؤسساتها منذ اليوم الأول من العدوان الإسرائيلي على غزة للتحرك للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة وإبرام صفقة لتبادل الأسرى، وذلك حقنا لدماء الفلسطينيين والتأكيد على أن الحل السياسي هو السبيل الأمثل لإيجاد حل للصراع التاريخي بين الفلسطينيين والإسرائيليين الممتد لمدة عقود.
ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة تكثف مؤسسات الدولة المصرية المعنية من جهودها لوقف العدوان والتوصل لصفقة بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي، ورغم عدم توافر الإرادة السياسية اللازمة لتقديم تنازلات لإنجاح الصفقة إلا أن القاهرة استمرت في جهودها الرامية لإرساء الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من استقطاب سياسي وعسكري منذ ما يقرب من عام كامل، وتتمسك مصر بتوفير كافة أشكال الدعم لسكان قطاع غزة بالعمل على تخفيف حدة الأزمة الإنسانية.
وعملت مصر بجهد كبير لتقديم مبادرات تلبي مطالب حماس والجانب الإسرائيلي لإنقاذ ما تبقى في غزة من بنى تحتية وبعض المنازل السكنية للمواطنين البسطاء في رفح الفلسطينية، إلا أن عدم الوضوح ورغبة كل طرف في الظهور وكأنه هو المنتصر في هذه الحرب العبثية التي دفع ثمنها المدنيين دماء غالية وذكية، تسبب في تعثر المفاوضات التي تجري على قدم وساق منذ أكتوبر الماضي.
ونجحت الوساطة المصرية في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة خلال السنوات الماضية، وذلك بعد تدخل المسؤولين المصريين خلال الحروب الستة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، وهو ما يؤكد أن الوسيط المصري الوحيد القادر على إرساء حالة الأمن والاستقرار ووقف أي تصعيد عسكري بين الفصائل الفلسطينية في قطاع من جهة وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جانب آخر.
ويثق الشركاء الإقليميين والدوليين في الوسيط المصري الذي يعمل بكل حيادية ونزاهة في أي عملية تفاوضية حيث يعمل المسؤولون المصريون على وضع إطار شامل لأي تحرك في أي تصعيد عسكري، وذلك للمضي قدما في إقناع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بأهمية العودة إلى التهدئة والركون إلى طاولة المفاوضات بدلا من الصراع العسكري.
وخلال جولة التفاوض التي تعمل على إرساء التهدئة وإبرام صفقة لتبادل الأسرى لعبت مصر دورا محوريا في العملية التفاوضية، وتمثل كافة الأفكار المصرية أساسا لأي مبادرة تطرح على الطاولة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والعودة إلى مربع التهدئة وإبرام صفقة تبادل للأسرى.
أكد مراقبون أن مصر نجحت في وضع كافة التفاصيل الفنية الدقيقة الخاصة بعملية التفاوض على عدة مراحل ويتبقى توفر إرادة سياسية للطرفين المتفاوضين للتوصل لاتفاق، موضحين أن الجانبين الأمريكي والقطري أشادوا بشدة بالأفكار والرؤى المصرية التي قدمت للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني خلال الأشهر الماضية.
وترحب الفصائل الفلسطينية في غزة والجانب الإسرائيلي بالوساطة المصرية في أيا من جولات التصعيد أو الحرب الشاملة، وذلك لثقتهم في الدور الذي تلعبه مصر من أجل إرساء الأمن والاستقرار في الإقليم، وسعيها الدؤوب على إيجاد حل للقضية الفلسطينية عبر الطرق والمسارات السياسية بعيدا عن الصراع العسكري المسلح الذي يخلف خسائر مادية وبشرية كبيرة للغاية.
وأشار المراقبون إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ينظرون للموقف المصري بكل تقدير واحترام لما تمثله القاهرة من ثقل على المستويين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى كون مصر أحد أبرز الشركاء الاستراتيجيين لواشنطن ودول الاتحاد الأوروبي خلال العقود الماضية، مؤكدين أن المفاوض المصري يمتلك من الأدوات التي تمكنه من استعادة الهدوء في الأراضي الفلسطينية المحتلة شريطة توافر الإرادة السياسية لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وتتمسك الدولة المصرية بممارسة دورها الهام والتاريخي الداعم لأبناء الشعب الفلسطيني لمنع إنزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى نقطة اللا عودة، بالإضافة إلى مضاعفة حجم المساعدات الإنسانية إلى غزة حيث وفّرت الدولة المصرية النصيب الأكبر من المساعدات إلى غزة حيث تفرض إسرائيل تفرض الحصار والعقاب الجماعي، وتضع العراقيل غير القانونية أمام النفاذ الآمن والسريع والمستدام للمساعدات الإنسانية.
ما يجري في الإقليم يؤكد دقة تحذيرات القيادة المصرية من توسيع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، ما يتطلب تكاتفا إقليميا ودوليا لنزع فتيل الأزمة والدفع نحو إرساء الأمن والاستقرار، ونثق في قدرات مؤسساتنا المصرية وفي مقدمتها القوات المسلحة التي تعمل على حماية مصر وشعبها من أي خطر خارجي يهدد الأمن القومي، وتعمل على الحفاظ على سيادة مصر وحماية أراضيها.