في الفترة الأخيرة، اجتاحت تطبيقات المراهنات الإلكترونية المجتمع المصري، لتتحول من مجرد هواية عابرة إلى ظاهرة خطيرة تهدد استقرار الأسر ومستقبل الشباب، مع وعود كاذبة بتحقيق الأرباح السريعة والمضمونة، فأصبحت هذه التطبيقات قبلة للكثيرين، وخاصة من فئة الشباب والمراهقين الذين يبحثون عن وسيلة سهلة لتحقيق أحلامهم المالية.
لكن الواقع ليس ورديا كما تصوره تلك الإعلانات المبهرة، فخسارة الأموال ليست سوى البداية، حيث تقود هذه التطبيقات مستخدميها في بعض الأحيان إلى طريق محفوف بالمخاطر النفسية والاجتماعية، تحت وطأة الديون والضغوط النفسية، يجد البعض أنفسهم محاصرين بين خيارين مريرين إما الانخراط في أعمال غير قانونية مثل السرقة أو الأحتيال لتعويض خسائرهم، أو إنهاء حياتهم كوسيلة يائسة للهروب من جحيم المراهنات.
الرقابة الإدارية تضبط عصابة تستقطب الشباب للمراهنات بالإنترنت
أمرت نيابة الشئون الاقتصادية وغسل الأموال، بحبس تشكيل عصابي في عدد من محافظات الجمهورية تخصص في استقطاب الشباب للمشاركة في المراهنات الالكترونية والرياضية التي يتم إدارتها من خارج مصر، وكلفت الجهات المختصة بحصر المحافظ الالكترونية المستخدمة في مواقع المراهنات.
ومن جانبها أعلنت هيئة الرقابة الإدارية عن تمكنها بالاشتراك مع قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية من إلقاء القبض على تشكيل عصابي منظم في عدد من محافظات الجمهورية تخصص في استقطاب الشباب للمشاركة في المراهنات غير المشروعة عبر المواقع الإلكترونية المتخصصة التي يتم إدارتها من خارج جمهورية مصر العربية.
جاء ذلك فى إطار جهود الدولة لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعى والحفاظ على أموال المواطنين.
ونستعرض لكم فى السطور التالية عددًا من القصص الواقعية لشباب وقعوا في فخ المراهنات الإلكترونية، وارتكبوا جرائم بشعة في سبيل تلك المراهنات.
طالب خسر 85 ألف جنيه بالمراھنات فيحاول إنهاء حياته
في محافظة شمال سيناء نجحت أجھزة وزارة الداخلیة في كشف ملابسات ما تبلغ لقسم شرطة بئر العبد بمدیریة أمن شمال سیناء من إحدى المستشفیات بدائرة القسم باستقبالھا طالب- مقیم بدائرة القسم مصاب بحالة اعیاء إثر محاولته التخلص من حياته.
بالانتقال وسؤال الطالب المذكور قرر بمحاولته انتهاء حياته أثناء تواجده بمنزله لمروره بحالة نفسیة سیئة، بسبب خسارته مبلغ مالى 85 ألف جنیه على أحد تطبیقات المراھنات الریاضیة عبر شبكة الإنترنت، تم إتخاذ الإجراءات القانونیة.
مدرس فيزياء قطع طالب لـ3 أجزاء بسبب المراهنات
في جريمة من الجرائم التي هزت الرأي العام منذ شهور ذاته أقدم مدرس فيزياء، على قتل طالب بالدقهلية وقطعه لـ3 أجزاء بسبب المراهنات، حيث انتهت تحقيقات النيابة فى القضية رقم 1041 لسنة 2024 جنايات الستاموني، إلى ثبوت اتهام المدرس بجناية قتل الطالب عمدا مع سبق الإصرار؛ وذلك لرغبته في الحصول على فدية من ذويه.
وكانت النيابة العامة باشرت التحقيقات، وكلفت الشرطة بالتحري عن الواقعة لكشف ملابساتها، وسألت شهودها، وتوصلت إلى أن وراء ارتكابها المتهم والذى تبين أنه طالب جامعي كان يعطى المجنى عليه درسا خاصا، وما أن علم بمقدرة والده المالية؛ ونظرا لتعرضه لخسارة مالية نتيجة مضاربته عبر أحد المواقع الإلكترونية؛ قام باستدراج المجني عليه وقتله، وإلقاء جثمانه فى إحدى الأراضى الزراعية – بعد شطره لـ 3 أجزاء، ثم طلب من ذويه فدية مالية.
مهندس الدقهلية شهيد الغدر والخيانة
وسطرت محكمة النقض كلمتها الأخيرة في محاكمة المتهم بقتل مهندس طلخا أحمد عاطف، في القضية المعروفة بشهيد الغدر والخيانة، بتأييد الحكم بالإعدام.
وتبين أن صديقه قام باستدراج المجني عليه، حتى وصل به إلى أعلى كوبري جامعة المنصورة، وألقى به من أعلاه، وظلت الجثة عالقة في مكانها لمدة 11 يوما حتى عثر عليها أحد العمال بالصدفة اثناء عمليه تطهير لمياه النيل.
وكشفت المباحث خيوط الحادث ، وتبين أن المحني عليه طلب من الجاني رد بعض الأموال التي تحصل عليها من المجني عليه لقيامه بإدارة تلك الأموال مقابل ارباح شهرية ، نظرا لأن زوجته أوشكت على عملية ولادة، ونظرا لأن الجاني لم يملك أي أموال نظرا لمروره بضائقة مالية ، فقام بالتخلص منه والقاءها فى نهر النيل بعد أن صعد معه بكوبري الجامعة ، وتعلل بأن السيارة تعطلت نتيجة ارتفاع مؤشر الحرارة به ، وبعد توقفه قام بالقاءه داخل نهر النيل.
وكانت محكمة جنايات المنصورة، عاقبت في وقت سابق، المتهم بقتل صديقه مهندس الدقهلية أحمد عاطف الشربيني حامد الزيني، بالإعدام شنقاً.
مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونى يحذر
وفى 5 سبتمبر حذر مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونى، من المراهنات على المواقع الالكترونية باعتبارها أمر محرم شرعا.
وأكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونى أنه بالرغم ما أباحته شريعة الإسلام من الترويح عن النفس، الا أنه لا ينبغى أن نغفل في الوقت نفسه ما وضعته الشريعة من ضوابط حتى يُحافظ المسلم من خلالها على دينه، ونفسه، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره، ومن أهم هذه الضوابط ألا يشتمل الترويح على مقامرة.
وأشار المركز إلى إن المراهنات التي يجريها المشاركون على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة، ويدفعون أموالًا في حساباتها، ثم يأخذ هذه الأموال الفائز منهم فقط، ويخسر الباقون؛ لهي عين القمار المحرم.
كما أن القمار أو المراهنة من الميسر المُتَّفق على حرمته شرعًا، فقد أمر الله تعالى باجتنابه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}. [المائدة: 90، 91]
وأهاب المركز بالوالدين والمربِّين والعلماء والأساتذة والدعاة والإعلاميين وكل فئات المجتمع بضرورة نشر وعي مجتمعيّ عام يقي أبناءنا وشبابنا ومجتمعاتنا مفاسد هذه المراهنات على دينهم وحياتهم وأموالهم وأخلاقهم.