الجمعة، 22 نوفمبر 2024 12:35 ص

التحول إلى الدعم النقدى يتصدر أولويات القوى السياسية.. الأحزاب تضع رؤيتها على مائدة الحوار الوطنى.. "المصرى الديمقراطى" يوصى بالتحول التدريجى.. و"التنسيقية" تدعو إلى تدقيق البيانات الخاصة بمنظومة الدعم

التحول إلى الدعم النقدى يتصدر أولويات القوى السياسية.. الأحزاب تضع رؤيتها على مائدة الحوار الوطنى.. "المصرى الديمقراطى" يوصى بالتحول التدريجى.. و"التنسيقية" تدعو إلى تدقيق البيانات الخاصة بمنظومة الدعم الحوار الوطنى
الجمعة، 18 أكتوبر 2024 03:00 م
كتبت: سمر سلامة
"التنسيقية" تدعو إلى تقنين الدعم النقدي من خلال وضع إطار تشريعي منظم لمنظومة الضمان الاجتماعي
>> حزب الجيل يؤكد: استقرار البيئة الاقتصادية ضرورة لإنجاح الدعم النقدي
 
>>الحزب المصري الديمقراطي يدعو لربط الدعم النقدي بالحد الأدنى للفقر
 
>> حزب الجيل : نجاح المنظومة الجديدة مرهونا بالقدرة على السيطرة على أسعار السلع
 
>> خبير اقتصادي: الدعم النقدي يساهم فى خفض عجز الموازنة العامة

تأتى قضية التحول إلى الدعم النقدي واحدة من أهم القضايا التي تتبناها الحكومة المصرية، باعتبارها قضية مجتمعية تستهدف ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وفي هذا السياق يستعد الحوار الوطني لإطلاق جلساته لمناقشة هذا الملف من جميع الجوانب بمشاركة القوى السياسية والمجتمعية، حيث يسعي الحوار لتوسيع قاعدة المشاركين في الجلسات لضمان الخروج برؤية متكاملة تحقق طموحات الشعب المصري.
 
الحوار الوطني يرصد نقاط  القوة والضعف في نظام الدعم العينى
وفي محاولة منه لتبسيط القضية على المواطن البسيط، أصدرت الأمانة الفنية للحوار الوطني ما أطلقت عليه التحليل الرباعي للدعم العيني أو السلعي، والذي يعتمد على رصد نقاط القوة والضعف والتهديدات والفرص التي تتعلق بعملية التحول، حيث أشار التقرير إلى أن التحول إلى الدعم النقدي يساهم في توفير السلع الأساسية بشكل مباشر، مما يرسخ للمواطن حرص الحكومة على تحسين مستوى المعيشة، بالإضافة إلى اعتياد المواطن على هذا النوع من الدعم، فضلا عن اشراك مؤسسات المجتمع المدني في المشاركة في توزيع الدعم.
 
وتناول التقرير أيضا مجموعة من نقاط الضعف والتي يأتي من بنيها تسرب الدعم لغير مستحقيه، ومن ثم لا يصل دعم الغذائي إلى مستحقيه من الفئات الأكثر احتياجا، كما يواجه هذا النظام مجموعة من التهديدات تتمثل في زيادة الأسعار العالمية أو نقص في الموارد قد يؤثر سلبا على هذا النظام، كذلك الهدر المستمر للسلع أثناء التوزيع، وارتفاع معدلات الفساد.
 
وفي ذات الصدد، تفاعلت الأحزاب والقوى السياسية مع هذا الملف حيث أصدرت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين مقترحا بشأن التحول للدعم النقدي انتهي إلى إصدار عدد من الحلول والبدائل التي تساهم في إنجاح المنظومة الجديدة من بينها إعادة تعريف وتحديد فلسفة واضحة لسياسات الحماية الاجتماعية بشكل عام في برنامج الحكومة الحالي، ومستهدفات برامج الدعم المتنوعة مع التركيز على استهداف التمكين ومكافحة الفقر، على أن يتم اتباع التطبيقات العلمية فيما يخص برامج الدعم النقدي.
 
التنسيقية تدعو إلى تدقيق البيانات الخاصة بمنظومة الدعم
كما أكدت التنسيقية على ضرورة تدقيق قاعدة البيانات الحالية للدعم، من خلال التنسيق الفوري مع الجهات المعنية قبل تنفيذ المنظومة المقترحة، للوقوف على أسباب قصور قاعدة البيانات الحالية، وما يواجهها من تحديات، مع توحيدها وتنسيقها وإدماج كافة قواعد البيانات الجزئية والفرعية مع القاعدة الرئيسية، على أن تكون جهة واحدة مسئولة عن إدارة هذا الموضوع، ويقترح أن تكون وزارة التموين والتجارة الداخلية هي الجهة المسئولة عن إدارة ملف تحديث وتحسين وتوحيد وتنقية قاعدة البيانات، علمًا بأن عملية تنقية البيانات لابد وأن تكون دورية (3 شهور) لأنها عملية ديناميكية، وليست ثابتة تتم لمرة واحدة، فضلا عن ضم كافة الجهات المعنية بما لا يسمح بأي قصور أو عقبات قد تظهر نتيجة عدم ضم جهة بعينها في بداية المشروع.
 
إصدار كارت للمواطن بقيمة الدعم النقدي المستحق
كما دعت التنسيقية إلى إصدار كارت للمواطن يتم إيداع قيمة الدعم النقدي ليتم الاستهلاك عبر منافذ وسلاسل البيع، فضلا عن استحداث آلية لتقدير نسبة الزيادة السنوية في قيمة الدعم النقدي وفقًا لمؤشر خاص بالسلع السبع الأساسية تبعًا لتكلفة إنتاج السلع والتغير في معدل التضخم حتى نحافظ على القوة الشرائية للمواطن في تلبية احتياجاته من السلع الأساسية.
 
تقنين الدعم النقدي من خلال وضع إطار تشريعي منظم لمنظومة الضمان الاجتماعي
وشددت على ضرورة تقنين الدعم النقدي بوضع إطار تشريعي لمنظومة الضمان الاجتماعي والذي يقر بأحقية المواطنين الواقعين في براثن الفقر والفئات الأكثر هشاشة وضعفًا في تلقي تحويلات نقدية مشروطة وغير مشروطة يتيح تقديم مجموعة من برامج الدعم النقدي على حسب الفئات المستهدفة، على أن يتم التدرج التطبيقي لمنظومة التحول للدعم النقدي.
 
كذلك بحث تطبيق تجربة الدخل الأساسي الشامل  بشكل جزئي، وهي تجربة مختلفة من الدعم طبقتها بعض الدول النامية الشبيهة للحالة المصرية مثل الهند وجنوب إفريقيا بأشكال مختلفة، لذا من الممكن أن يتم تطبيق هذه التجربة بشكل جزئي على بعض الفئات، مثل كبار السن ، وسكان الريف، بما يساهم في تقليل معدلات الهجرة إلى المدن من ناحية، ومن ناحية أخرى يضمن شكل من عدم توزيع آثار التنمية، وربط ذلك بزيادة الإنتاج الزراعي، والتزام الطلاب من الحضور إلى المدارس، وغيرها من الشروط الصحية والتعليمية التي تربط ما بينها وبين الحصول على الدعم النقدي في صورة دخل أساسي شامل.
 
وانتهت توصيات التنسيقية إلى سرعة التحول في المدى المتوسط لاقتصاد أقل نقدًا، ، وذلك عبر تحديث تطبيقات الدفع الرقمي، والدفع لإلغاء بعض العملات الورقية في المستقبل وتقليل حجم ورق البنكنوت المتبادل، يساهم مثل هذا الأمر في مزيد من إمكانية تتبع نمط الاستهلاك للمواطنين، وبالتالي تحسين مستويات الاستهداف في برامج الدعم عبر القدرة على متابعة حجم الإنفاق وتوزيعه بشكل أكثر دقة، ما يضمن حوكمة حقيقية لبرامج الدعم.
 
الحزب المصري الديمقراطي يوصي بالتحول التدريجى للدعم النقدي
ومن جانبها عقدت أمانة الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ورشة عمل حول الدعم العيني والدعم النقدي وتأثيرهما على المواطن وأثر كل منهما على سياسات الحماية الاجتماعية.
 
وانتهت الورشة إلى عدد من التوصيات على رأسها التأكيد على أن الدعم النقدي له العديد من المميزات على مستوى تحسين مستويات الاستهداف وتقليل الهدر، لكن في ذات السياق فإن التخلي عن الدعم العيني للسلع الاستراتيجية خصوصا الخبز على المدى القصير والمتوسط له مخاطر عديدة، لذا يمكن التحول التدريجي للدعم النقدي لبعض السلع والخدمات بشرط توفر البنية التحتية التي تكفل وصول الدعم النقدي بسهولة لمستحقيه على المدى المتوسط.
 
كما أوصت الورشة على ضرورة مراجعة طريقة حساب سلة السلع المرتبطة بحساب التضخم، من حيث اختيار السلع المرتبطة بالمائدة المصرية، بما يساهم في دقة تحديد حجم الدعم المستحق، والبدء في الاستهداف الجزئي لبعض الفئات في منظومة الدعم النقدي، للسيدات الحوامل أو كبار السن على سبيل المثال، كجزء من التحارب التطبيقية قبل التحول الكامل.
 
الحزب المصري الديمقراطي يدعو لربط الدعم النقدي بالحد الأدنى للفقر
وشددت التوصيات على ضرورة ربط معدلات الدعم النقدي بالحد الادنى للفقر على المستوى الوطني، وحساب مبلغ الدعم بشكل مختلف للمستحقين عبر معادلة إنفاق تأخذ في الاعتبار تباين مستويات الفقر بين المستحقين، دون التسبب في حالة من التضخم الحلزوني عبر زيادة الدعم النقدي بنفس نسبة زيادة معدلات التضخم من خلال طباعة البنكنوت، فضلا عن تحديد مستهدفات واضحة لبرامج الدعم، وتنقية قواعد البيانات المستهدفة قبل المضي في أي سياسة جديدة.
 
حزب الجيل: استقرار البيئة الاقتصادية ضرورة لإنجاح الدعم النقدي
كما قدم حزب الجيل الديمقراطي رؤيته إلى إدارة الحوار الوطني، والتي أكد خلالها  دعم الدولة والحكومة المصرية في كل ما يساهم في تخفيف العبء عن الموازنة المصرية ويخفض العجز إلا أن مصلحة المواطن والحفاظ علي معدلات دخله الحقيقي وليس النقدي تعتبر خط فاصلا في هذا الدعم، مشيرا إلى أن مقترح التحول إلى منظومة الدعم النقدي أمر محمود ولكن لابد من تحين الوقت وتمهيد الأمر باستقرار البيئة الاقتصادية، لا سيما السيطرة علي معدلات الارتفاع في الأسعار الناتجة عن اضطرابات أسعار الصرف وارتفاع التكاليف للإنتاج السلع هو امر أساسي قبل البدء في التحول الي المنظومة المقترحة.
 
كما شدد حزب الجيل على ضرورة التأكد من أن المبالغ المقررة لمن سيتم إدراجهم علي قوائم المستفيدين ستكون بها المساحة التي تسمح لهم بمواجهة التغيرات الطبيعية في الأسعار التي اقرها البنك المركزي المصري في سياسته النقدية ( في حدود من ٧٪ الي ٩٪) وان أي تغيرات اكثر من ذلك سيتم التعامل معها اما برفع المقررات النقدي للدعم او بالتحرك لضبط الأسواق من خلال اليات رقابية.
 
نجاح منظومة الدعم النقدي مرهونا بقدرة الدولة على السيطرة على أسعار السلع
أيضا من واقع العديد من الدراسات والتجارب التي تمت بخصوص التحول إلى الدعم النقدي في دول أمريكا اللاتينية والهند فان نجاح المنظومة كان مرهونا بقدرة الدولة علي السيطرة على الأسعار للسلع المدرجة والمقدمة لمستحقي الدعم والسيطرة علي تغيرات الأسعار بها في ظل بيئة اقتصادية مستقرة.
 
الدعم النقدي يساهم فى خفض عجز الموازنة العامة
على جانب آخر قال الدكتور مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الحكومات تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطبيق سياسة الدعم، وهو إعادة توزيع الدخل لصالح الفقراء، بشرط توافر أمرين رئيسين وهما الاختيار الدقيق للسلع التي سيتم دعمها ونظام محكم لتوزيع السلع المدعمة، لضمان وصوله لمستحقيه من الفئات الأشد فقرا.
 
وأضاف الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص، أن التحول إلى الدعم النقدي خطوة مهمة باعتباره نظام عادل لمحدودي الدخل عن الاضرار التي يمكن أن تحدث نتيجة ارتفاع الأسعار، فضلا عن قدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية بين شرائح المجتمع إلى جانب أن الدعم النقدي يمنع تسربه إلى غير المستحقين لأنه يوجه مباشرة للمواطن، بالإضافة إلى أنه يتيح مساحة أوسع للاختيار من العديد من السلع والمنتجات، بدلا من التقييد بمجموعة محددة من السلع الأساسية، وبالتالي زيادة حرية الاختيار في السلع المستهلكة وفقا لاحتياجاته وأولويات انفاقه.
 
وأكد الدكتور مصطفي أبوزيد، أن الدعم النقدي يساهم في ترشيد الاستهلاك نظرا لتغيير السلوك الاستهلاكي للفرد والمساهمة في تراجع عجز الموازنة العامة والاستفادة الكاملة من كامل مخصصات الدعم بالموازنة العامة للدولة، نظرا لان الدعم النقدي يقضى على نسبة الهدر في تلك المخصصات، مما يعنى توجيه كامل المبلغ للفئات المستحقة والاستفادة فيما بعد في زيادة أعداد المستفيدين من الدعم النقدي فى المستقبل.
 
ومن ناحيته قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن التحول إلى الدعم النقدي بدلاً من السلعي، يتطلب اتخاذ مجموعة من الإجراءات التمهيدية والتدابير الوقائية والتحوطات الاستباقية  فضلاً عن اختيار توقيت التطبيق باعتباره العامل الرئيسي في نجاح عملية التحول وضمان استدامتها وذلك قبل الاتجاه إليها بصورة كاملة ، مؤكدا أن الحكومة المصرية أمام تحدي جديد بين كيفية تحقيق التوازن بين سياسات ترشيد الدعم وسياسات كبح التضخم.
 
وأضاف "عادل"، في تصريح خاص، أن الدعم النقدى فرصة لتحسين جودة الخدمة ووصول الدعم لمستحقيه، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لإعادة تخصيص وتوزيع الموارد، ومنها تعزيز قدرة الدولة على إعادة هيكلة الموارد الحكومية الموجهة للدعم العيني فى تحسين الخدمات الأخرى، فضلا عن زيادة الكفاءة الإدارية من خلال تحسين كفاءة الإنفاق والعدالة في توزيع الموارد، فحال صحة التطبيق سيقدم حلاً موحداً متكاملاً للأنظمة من خلال الربط بين جميع الجهات الحكومية لدعم عملية اتخاذ القرار بشكل سليم وشفاف.
 
وتابع الخبير الاقتصادي أن الدعم النقدي يساهم في جودة الخدمة ووصول الدعم لمستحقيه، وإعادة تخصيص وتوزيع الموارد الحكومية الموجه للدعم العيني في تحسين جودة الصحة والتعليم والخدمات الأخرى، كذلك رفع كفاءة تخصيص الموارد وترشيد الإنفاق والقضاء على التسرب والفساد المرتبط بمظومة الدعم العيني، وتطبيق نظام اقتصاد السوق الحر حيث تخارج الدولة من إنتاج وبيع وشراء السلع التموينية، مما يتيح الفرصة للمنتجين لزيادة معدلات التشغيل والإنتاج  والنمو.
 
وأكد "عادل"، أن التحول للدعم النقدي بآلية تطبيق صحيحة سيحقق فوائد ومكتسبات اجتماعية واقتصادية وسياسية، على رأسها العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر والقضاء على الجوع وتوفير الصحة الجيدة والتعليم الجيد للأسر والأفراد الأكثر احتياجاً، كما أن ترشيد الإنفاق الحكومي على الدعم العيني وتحقيق وفرة مالية ستساهم في أن يتم توجيهها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تستفيد منها ذات الأسر المستفيدة من الدعم لتتحول تدريجياً من أسر مستقبلة للدعم الحكومي إلى أسر مُنتجة ومضيفة للاقتصاد وتعمل على الارتقاء بمستواها الاقتصادي والاجتماعي، مما يخفف العبء على الموازنة العامة للدولة مستقبلاً.
 
ونوه عن أن الدعم النقدي يساهم في تحسين السياسات العامة للدولة سواء تأسيسية أو إصلاحية أو ضبطية، بما في ذلك النشاطات الحكومية والقرارات اللازمة لتنفيذ البرامج التي تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية والمتمثلة في حل المشكلات وتحقيق التنمية وتوجيهها وتوازنها والعدالة في تحقيق الخدمات العامة وترشيد القرارات الحكومية، مشددا على أن التحول إلى الدعم النقدي يتطلب وضع رؤية متكاملة لمنظومة الدعم النقدي، تتضمن آليات العمل وكيفية التطبيق ومعايير قياس المستهدفات من تطبيقها على المدى القصير والمتوسط والبعيد، حتى يكون التحول ذو أثر يعالج مشكلات وعجز قائم دون الدخول في تحديات جديدة، وبما يدعم مستهدفات الدولة الاقتصادية والتنموية وينعكس إيجاباً على اقتصاد الدولة والمواطن.

print