أصدرت الدائرة الجنائية (د) – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، تصدت فيه لعمليات التزوير في عقود الزواج، وأيدت حكم أول درجة بالحبس والسجن للزوجة وزوجها وشاهد على الزواج، لزواجهما وهى في شهور العدة ومطلقة بذات تاريخ الزواج من آخر ولا يحل لها الزواج إلا بعد انقضاء عدتها، فضبط عقد الزواج على هذا الأساس ووقع المتهمون على الوثيقة مع علمهم بتزويرها، ورسخت النقض لـ3 مبادئ قضائية.
1- عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية، لأنها بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار المترتبة عليها ــــ متى تمت صحيحة ــــ قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها.
2- مناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج: وقوع تغيير في الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك.
3- إثبات الحكم حضور الطاعن أمام المأذون مع المحكوم عليها الثالثة بصفته شاهداً وإقراره على قولها بخلوها من الموانع الشرعية حال كونها في فترة عدتها من زواجها السابق مع علمه بذلك كفايته لإدانته بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج.
الخلاصة:
عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأنها بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار المترتبة عليها متى تمت صحيحة قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها، ومناط العقاب على التزوير فيها هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعتبر تزويراً، ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه حضر أمام المأذون مع المحكوم عليها الثالثة بصفته شاهد وأقر على قولها أنها خالية من الموانع الشرعية والواقع أنها كانت لا تزال في فترة عدتها من زواجها السابق مع علمه بذلك، فإن هذا يكفي لإدانته بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج بما لا يكون للنعي على الحكم في هذا الشأن محل.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 1777 لسنة 82 القضائية، برئاسة المستشار النجـار توفيـق، وعضوية المستشارين أحمد حافظ، مدحـت دغيم، مصطفـى فتحـي، ومحمد صلاح.
الوقائـع.. اتهام 3 أشخاص بالتزوير لتزويج "سيدة" قبل انتهاء شهور العدة
اتهمت النيابة العامة كلاً من: "1- …، 2- …، 3- ..." في قضية الجناية رقم "...." لسنة 2011 قسم أول طنطا (المقيدة بالجدول الكلى برقم "…" لسنة 2011 کلي طنطا)، لأنهم في 26 من يناير سنة 2011 بدائرة قسم أول طنطا - محافظة الغربية:- وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا مع موظف عام حسن النية وهو مأذون ناحية ثاني طنطا توفي في ارتكاب تزوير محرر رسمي وهو وثيقة عقد زواج المتهم الأول من المتهمة الثانية الرقمية....، وذلك بجعل واقعة مزوره في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن مثل المتهمان الأول والثالث ووكيل المتهمة الثانية أمام المأذون سالف الذكر وقرر بخلوها من الموانع الشرعية وعدم سابقة زواج المتهمة الثانية، وذلك على خلاف الحقيقة لكونها معتدة ومطلقة بذات التاريخ من آخر ولا يحل لها الزواج إلا بعد انقضاء عدتها، فضبط عقد الزواج على هذا الأساس ووقع المتهمون على الوثيقة مع علمهم بتزويرها.
النيابة تحيل المتهمين الـ3 للمحاكمة الجنائية.. و"الجنايات" تقضى بسجنهم
وفى تلك الأثناء – أحالتهم النيابة العامة إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2015 عملاً بالمواد 40/ثانياً وثالثاً، 41/1، 211، 213، 212 من قانون العقوبات ومع إعمال نص المواد 17، 55، 56 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة "....." بالحبس مع الشغل لمدة 6 أشهر وأمرت بإيقاف عقوبة الحبس لمدة 3 سنوات تبدأ من اليوم، ثانياً: غيابياً بمعاقبة "…"، و"…" بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات ومصادرة المستندات المزورة وألزمتهم جميع المصاريف الجنائية، وتم الطعن على الحكم أمام محكمة النقض لإلغائه.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه صيغ في عبارات غامضة ومبهمة خلت من بيان واقعة الدعوى ومضمون أدلة الإدانة، والتي اكتفى بنقلها كما هي واردة بقائمة الثبوت المقدمة من النيابة العامة، ولم يبين عناصر الاشتراك في التزوير خاصة القصد الجنائي رغم دفاعه بعدم علمه بتحريم زواج المطلقة في فترة عدتها، واعتبره شريكاً في تزوير عقد الزواج مع أنه ليس طرفاً أصيلاً فيه.
وتابعت "مذكرة الطعن": واستهل دفاعه بأن واقعة التزوير التي دين عنها لم يكن قد فصل فيها بحكم بات بما كان لازمه وقف الدعوى، وإذ صدر بعد ذلك حكم في الدعوى سالفة البيان حائز لقوة الشيء المحكوم به قضى ببطلان عقد الزواج المزور دون أن يعيب على شهادة الطاعن بشيء مما كان يوجب ــــ احتراماً لحجية هذا الحكم ــــ القضاء بالبراءة إلا أن المحكمة لم تفعل هذا أو ذاك والتفتت عن دفاعه رغم جوهريته، وأخيراً أعملت المادة 55 من قانون العقوبات دون النص على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعي الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ولا محل له.
النقض: الاشتراك في التزوير من مخبآت الصدور ودخائل النفس
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ــــ وهو الحال في الدعوى المطروحة ــــ فإن النعي على حكمها في هذا الصدد ــــ بفرض صحته ــــ يكون على غير سند - لما كان ذلك - وكان الاشتراك في التزوير من مخبآت الصدور ودخائل النفس ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات
وتضيف "المحكمة": لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه واقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها، وفي رده على دفاع الطاعن بشأن انتفاء ركن العلم لديه من أن الطاعن كان شاهداً على واقعة طلاق المحكوم عليها الثالثة الحاصل في 26 يناير 2002 وهو ذات التاريخ المبرم فيه عقد الزواج المزور، سائغاً وكافياً للتدليل على علمه بعدم خلو المحكوم عليها المذكورة من الموانع الشرعية، لكونها في فترة العدة فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب أو الفساد في الاستدلال يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بجهله قواعد الشريعة الإسلامية وعدم معرفته بأحكام الطلاق واطرحه في تدليل سائغ، وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباب معقولة، وهو ما لا يجادل الطاعن فيه كما أنه لم يقدم الدليل عليه إلى محكمة الموضوع بل ثبت للمحكمة قيام العلم في حقه للأسباب التي أوردتها في معرض ردها على الدفع، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون بعيداً عن الصواب.
النقض: مناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج وقوع تغيير في الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك
لما كان ذلك، وكان عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية، لأنها بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون للآثار المترتبة عليها ــــ متى تمت صحيحة ــــ قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها، ومناط العقاب على التزوير فيها هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعتبر تزويراً، ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه حضر أمام المأذون مع المحكوم عليها الثالثة بصفته شاهد وأقر على قولها أنها خالية من الموانع الشرعية والواقع أنها كانت لا تزال في فترة عدتها من زواجها السابق مع علمه بذلك، فإن هذا يكفي لإدانته بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج بما لا يكون للنعي على الحكم في هذا الشأن محل.
لما كان ذلك، وكانت المادة 223 من قانون الإجراءات قد نصت على أنه إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى، وتحدد للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أو للمجني عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية مما لا يقتضي به وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر من ظروف الدعوى أن الأمر يقتضي وقفها ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية ومضت في نظرها، ويضحى ما ذهب إليه الطاعن في ذلك في غير محله.
المادة 458 من قانون الإجراءات الجنائية
لما كان ذلك، ولئن كانت المادة 458 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن تكون للأحكام الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية في حدود اختصاصها قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية في المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية، بيد أن الطاعن لا يدعي ــــ وعلى ما يبين من أسباب طعنه ــــ أن الحكم في الدعوى رقم "...." لسنة 2010 شرعي أول طنطا المقيدة استئنافياً برقم "...." لسنة 61 قضائية، خلص في قضائه إلى خلو الزوجة من الموانع الشرعية وصحة عقد الزواج محل واقعة التزوير، بل أورى أنه قضى ببطلان عقد الزواج لأن الزوجة لم تنقض عدتها، وهو ما لا يظاهر الطاعن في نفي إسناد الاتهام إليه، ومن ثم لا تجوز المحاجة به.
لما كان ذلك، وكان وقف تنفيذ العقوبة أو شموله لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أمر يتعلق بتقدير العقوبة وهذا التقدير في الحدود المقررة قانوناً للجريمة التي ثبتت على المتهم من سلطة محكمة الموضوع بحيث لا تلزم ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة عليه بالقدر الذي ارتأته، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهـذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه.