أصدرت الدائرة السادسة، بمحكمة جنايات شبين الكوم، المنعقدة بمجمع المحاكم بوادي النطرون، حكما فريدا من نوعه، ببراءة 20 متهما من جريمة تأسيس وإدارة جماعة إجرامية منظمة تخصصت في تهريب المهاجرين لأوروبا، وفجرت المحكمة مفاجأة من العيار الثقيل بإحالة المجني عليه وضابط الهجرة مجرى التحريات إلى النيابة العامة عن وقائع تزويرهما واقعات وتحريات القضية، لإتخاذ اللازم قانونا.
ملحوظة:
حيث قضي نصا: بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شؤونها حيال "المجني"عليه" في واقعة التزوير الثابتة بمحضري جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة بشأن ما قرره من سفره لدولة روسيا عن طريق مطار القاهرة الجوى على خلاف الحقيقة الثابتة بشهادة التحركات الصادرة عن الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، وكذا اتخاذ اللازم قانونا حيال "ضابط الواقعة" مجرى التحريات.
صدر الحكم في قضية النيابة العامة رقم 6716 لسنة 2024 جنايات مركز السنطة، المقيدة برقم 811 لسنة 2024 كلى غرب طنطا، لصالح المحامى محمود رجب فتح الله، برئاسة المستشار محي الدين إسماعيل محي الدين، وعضوية المستشارين جمال سعيد الرحماني، ومحمود زاهر الحسيني، وبحضور كل من وكيل النيابة محمد عصام هزاع، وأمانة سر وليد شعبان الأعصر.
الوقائع.. اتهام 20 شخصا بالاتجار في البشر وتهريب المهاجرين لأوروبا
تتحصل وقائع النزاع في أن النيابة العامة أحالت 20 متهما للمحاكمة الجنائية العاجلة، وهم كل من: "محمد. أ"، و"علاء. م"، و"أسماء. ع"، و"عزت. أ"، و"طارق. س"، و"محمود. ع"، و"خالد. ر"، و"إبراهيم. م"، و"خالد. أ"، و"محمد. أ"، و"طارق. أ"، و"حربى. أ"، و"شاكر. و"، و"السيد. ش"، و"أحمد. ع"، و"عبدالله، ز"، و"عادل. و"، و"أحمد. م"، لأنهم في غضون شهر يناير عام 2023، بدائرة مركز السنطة، محافظة الغربية، ارتكبوا ا وآخرين مجهولين جريمة تهريب المهاجرين ذات الطابع عبر الوطني بأن أسس وأدار المتهمين الأول، والثاني والثالث جماعة إجرامية منظمة تخصصت في تهريب المهاجرين من الرابع حتى العشرين كلا بدوره فيها مستغلين حاجة المهاجر المُهرب "محمود. ع"، وآخرين لتسفيرهم للدول الأجنية لاستقطابهم والتحصل منهم على مبالغ مالية برضائهم لتهجيرهم بطريقة غير شرعية معرضين حياتهم للخطر، وهيئوا بواسطة المتهمين التاسع عشر والعشرين أماكن الإيواء المهاجرين على النحو المبين بالتحقيقات، وركنت النيابة العامة في صحة الإتهام وثبوته في حق المتهمين إلى شهادة المُهاجر المُهرب، والنقيب "أحمد. م"، والمقدم "محمود. ص".
شهادة المُهاجر المُهرب (المجنى عليه)
فقد شهد المُهاجر المُهرب "محمود. ع"، أنه في غضون شهر يناير 2023 تعرف على المتهم "علاء. م"، وطلب منه مساعدته للسفر إلى دولة إيطاليا، والذي أبلغه بأن المتهم "محمد. أ" يتقاضى 450 ألف جنيها نظير تسفيره إلى إيطاليا بطريقة غير شرعية، وبالتواصل مع الأخير طلب منه دفع مقدم 100 ألف جنية، قام بدفع 50 ألف جنيها إليه، بينما قام بدفع 50 ألف أخرى لـ"أسماء. ع" بناء على طلبه.
وتابع في شهادته: وبالفعل سافر من مطار القاهرة إلى "موسكو"، حيث استقبله كلا من "أحمد. م"، و"عادل. و"، وقاما بسحب جواز سفره وهاتفه المحمول، كما حصلوا منه على مبلغ 3500 يورو، وقاموا بنقله إلى "بيلاروسيا"، وآخرين مدة أسبوع في إحدى الشقق، ثم قاموا بنقلهم ليلا إلى الغابات مجهزين بأدوات حفر وحبال وسلالم حتى وصلوا إلى "بولندا"، وعلى حدودها تم القبض عليهم وترحيلهم إلى القاهرة، وبالتواصل مع المتهم "محمد. أ" لرد المبالغ المدفوعة رفض.
شهادة ضابط الواقعة تتفق مع شهادة المُهاجر المُهرب
وشهد المقدم "محمود. ص"، رئيس فرع وسط الدلتا بالإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، أن تحرياته السرية أسفرت عن صحة الواقعة على النحو الوارد على لسان المُهاجر المُهرب، وأن وراء ارتكابها جماعة إجرامية منظمة الأغراض تهريب المهاجرين غير الشرعيين إلى إيطاليا عن طريق السفر الى روسيا وعبر الغابات لإحدى دول الاتحاد الأوروبي، ومنها الى مقصدهم إيطاليا نظير دفع مبلغ 450 ألف جنيه، وأن الأول يشاركه الثاني والثالث في زعامة الجماعة الاجرامية وإصدار التكليفات لباقي أفرادها، وأن دور المتهمين من الرابع وحتى الثامن عشر أستقطاب المهاجرين والاتفاق معهم واستلام المبالغ المالية، ويتولى المتهمون من التاسع عشر والعشرين استقبال المهاجرين بدولة روسيا.
المتهمين ينكرون الوقائع جملة وتفصيلا
وباستجواب المتهمين الأول والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر بتحقيقات النيابة العامة أنكروا الوقائع المنسوبة إليهم.
الدفاع يدفع بانتفاء صلة المتهمين بالواقعة وكذب البلاغ وكذب تحريات الشرطة
وبجلسة المحاكمة في 2 يونيو 2024 مثل المتهمين الأول والثالث والرابع والعاشر بشخصهم واعتصموا بالإنكار ومثل المتهم السادس بوكيل، والدفاع الحاضر معهم والنيابة العامة اكتفيا بأقوال شهود الإثبات، والمحكمة أمرت بتلاوتها، فتليت والدفاع الحاضر معهم شرح ظروف الدعوى وملابساتها ودفع بانتفاء صلة المتهمين والمرافعة، وكذب البلاغ، وكذب تحريات الشرطة، وقد ورد للمحكمة إفادة "عبدالله. ع"، و "محمد. أ"، ثابت فيها عدم الاستدلال على وجود ثمة تحركات للأول والثاني والرابع، وأن "عادل. و" غادر البلاد في 22 أكتوبر 2022 إلى روسيا عبر ميناء القاهرة الجوى، والدفاع الحاضر مع المتهمين قدم 5 حوافظ مستندات اطلعت عليها المحكمة، وآلمت بمحتواها طويت أحداها على إفادة الإدارة العامة لرى الغريبة ثابت فيها أن "محمود. ع"، يعمل بهندسة رى "....." بوظيفة فنى، ومتواجد بعمله لم ينقطع عنه في الفترة من 2 يناير 2023 حتى 10 فبراير 2024.
ضرورة اقتناع المحكمة بالدليل وشهادة الشهود
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: حيث إنه من المقرر قانونا أن المحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه إقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، كما أن وزن أقوال الشهود متروك لتقدير محكمة الموضوع، ولما كان من المقرر أنه يكفي أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد الاتهام المسند للمتهم لكي تقضى له بالبراءة، إذ أن الأمر في هذا الشأن يرجع إلى وجدان المحكمة ما دام أنها قد أحاطت بالدعوى وظروفها عن بصر وبصيرة، وأقامت قضاءها على أسباب تحمله.
المحكمة تؤكد: يكفي أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد الاتهام المسند للمتهم لكي تقضى له بالبراءة
وبحسب "المحكمة": وكان الثابت للمحكمة أن المهاجر المهرب "محمود. ع" أبلغ بمحضر جمع الإستدلالات المؤرخ 10 فبراير 2024، وشهد بتحقيقات النيابة العامة أنه في غضون شهر يناير 2023 تعرف على المتهم "علاء. م"، وطلب منه مساعدته للسفر إلى دولة إيطاليا والذي أبلغه بأن المتهم "محمد. أ" يتقاضى 450 ألف جنيه نظير تسفيره إلى إيطاليا بطريقة غير شرعية، وبالتواصل مع الأخير طلب منه دفع مقدم 100 ألف جنيه، قام بدفع 50 ألف جنيه إليه، بينما قام بدفع 50 ألف أخرى لـ"أسماء. ع"، بناء على طلبه، وبالفعل سافر من مطار القاهرة إلى "موسكو"، حيث استقبله كل من "أحمد. م" و"عادل. و"، وقاما بسحب جواز سفره وهاتفه المحمول، كما حصلوا منه على مبلغ 3500 يورو، وقاموا بنقله إلى بيلاروسيا وآخرين مدة أسبوع في احدى الشقق ثم قاموا بنقلهم ليلا إلى الغابات مجهزين بأدوات حفر وحبال وسلالم حتى وصلوا إلى بولندا وعلى حدودها ألقى القبض عليهم وترحيلهم إلى القاهرة .
المحكمة تكتشف كذب المهاجر المهرب من شهادة التحركات
وبالتواصل مع المتهم "محمد. أ" لرد المبالغ المدفوعة رفض، والمحكمة قامت بالاستعلام من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية عن تحركات "محمود. ع"، ووردت إفادتها المؤرخة 10 أغسطس 2024 ثابت بها عدم الإستدلال على وجود ثمة تحركات للمذكور، كما قدم الدفاع حافظة مستندات طويت على إفادة الإدارة العامة لري الغربية ثابت فيها أن "محمود. ع"، يعمل بهندسة ري "...."، بوظيفة فني ومتواجد بعمله لم ينقطع عنه في الفترة من 1 يناير 2023 حتى 10 فبراير 2024 الأمر الذي يكشف بجلاء ويقين كذب المهاجر المهرب فيما قرره وتلفيق الإتهام إلى المتهمين، ومن ثم بات الإتهام المسند إلى المتهمين قد غاب وانتقى من الأوراق ولا تساير النيابة العامة فيما ساقته من أدلة .
المحكمة تفند التحريات.. وتكتشف كذب مُجريها هي الأخرى
وتضيف "المحكمة": ولا يتبقى في الأوراق سوى تحريات الشرطة والتي كشفت إفادتي الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية عن تحركات "محمود. ع"، والإدارة العامة لري الغربية أنها تحريات كاذبة تغاير الحقيقة مزورة على المتهمين، ولما كانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين، وأنه يضير العدالة ويذل منها الإفتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وكان الدستور قد كفل هذه الحريات باعتبارها من أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان، وكان الدليل القائم في الأوراق قبل المتهمين المذكورين قد غاب وانتقى من الأوراق، مما يتعين معه عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببراءة جميع المتهمين أسند إليهم من اتهام.
فلهذه الأسباب:
وبعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر:
حكمت المحكمة حضورياً للمتهمين للأول والثالث والرابع والسادس والعاشر، وغيابياً لباقي المتهمين .
أولاً: ببراءة كل جميع المتهمين مما نسب إليهم من اتهام.
ثانياً: بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإتخاذ شئونها حيال "محمود. ع" في واقعة التزوير الثابتة بمحضري جمع الإستدلالات وتحقيقات النيابة العامة بشأن ما قرره من سفره لدولة روسيا عن طريق مطار القاهرة الجوي على خلاف الحقيقة الثابتة بشهادة التحركات الصادرة عن الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، واتخاذ اللازم قانوناً حيال مجري التحريات .