عقد الهبة من العقود المنشئة الناقلة للملكية، وهو تبرع على الغير ولو بغير مال أي بما ينتفع به مطلقا سواء كان مالا أو غير مال، وهو عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض، ويجوز أن يفرض الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين، ويجب أن تتوافر في هذا العقد شروط عامة واجب توافرها في كافة العقود الأخرى.
وعقد الهبة من العقود المسماة والتي تُرتب التزاما على عاتق أحد طرفي العقد دون الآخر، وهو عقد يتصرف بمُقتضاه الواهب في مال له دون عوض، ولا يتم عقد الهبة إلا إذا قبلها الموهوب له أو نائبة، ويكون عقد الهبة بسند رسمي وإلاّ وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر ومع ذلك يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض دون الحاجة إلى سند رسمي.
هل يجوز للأب أو الأم البيع أو الهبة لأحد الأبناء دون الآخر؟ ولو قاصر؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على مدى جواز التفضيل في الهبة والعطايا لسبب، وذلك من خلال الإجابة على السؤال.. هل يجوز للأب أو الأم البيع أو الهبة (يكتب) لأحد الأبناء دون الآخر؟ ولو قاصر؟ وهل يجوز للقاصر (أقل من 21 سنة) البيع والشراء بإسمه من الأساس؟ وكيفية إثبات الهبة وفق صحيح القانون؟ وما هو الفرق بين الهبة والتنازل؟ وهل عقد الهبة في حال عمل صحة توقيع سيكون فى ضريبة تصرفات عقارية؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض عبدالعزيز المعداوى.
التفضيل بين الأبناء في الهبة والعطايا لسبب
في البداية - يجوز التفضيل وعدم التسوية بين الأولاد في الهبة، فليس هذا بمكروهٍ أو مُحرَّم شرعًا إذا كان له سببٍ، كمرض، أو صغر سنٍّ، أو مساعدة للزواج، أو مساعدة على التعليم والدراسة ونحو ذلك مما يستدعي الزيادة في الهبة، ولا يكون الشخص مرتكبًا للظلم بعدم التسوية بين أولاده في الهبة، ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنه تَصَرَّف فيما يملك حسب ما يراه مُحقِّقًا للمَصلَحة، وهذا ما ورد في الفتاوى الشرعية أيضا من دار الإفتاء وعلماء الأزهر الشريف – وفقا لـ"المعداوى".
هل يجوز للأب أو الأم البيع أو الهبة (يكتب) لأحد الأبناء دون الآخر؟ ولو قاصر؟
یجوز، فالتصرفات الصادرة بالبيع من المورث حال حياته سواء لأحد ورثته أو للغير صحيحة ونافذة حتى لو ترتب عليها حرمان بعض الورثة من الإرث، لأن الإرث لا يترتب آثاره إلا على مايخلفه المورث بعد وفاته، أما ما قد يكون خرج من ماله حال حياته فلا يحق للورثة الإعتراض عليه لإنعدام الصفة والمصلحة، فهو حر فى ماله وهو عايش على قيد الحياة، ولك الحق فى الطعن على العقد بالصورية النسبية أو المطلقه بعد وفاته لو مضرور وأثبت إنه وصية لا بيع – الكلام لـ"المعداوى".
ولو البائع الأب أو الأم والإبن قاصر يتكتب فى العقد الأب بشخصه وبصفته ولى طبيعي، أما الثمن فيكتب أن الأم مُتبرعة بالثمن (بدون الرجوع على القاصر حالًا وإستقبالًا)، أما لو إحتفظ الأب أو الأم فى العقد بحيازته للعين وحق الإنتفاع بها مدى حياته إعتبر التصرف مُضاف إلى مابعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية، ولو القاصر يشتري من الغير يُكتب إسم القاصر مُشتري بولاية والده وتبرع والده بالثمن، ولا يجوز للأخير التصرف فى البيع بأى نوع من أنواع التصرفات، والقاصر عمومًا يستطيع البيع والشراء لو (من شخص غريب) بعقد بيع مباشرة بإسمه طالما تصرف نافع له وله التمسك بإبطال العقد حتى سن 22 سنة – هكذا يقول "المعداوى".
وهل عقد الهبة في حال عمل صحة توقيع سيكون فى ضريبة تصرفات عقارية؟
وللإجابة على السؤال.. وهل عقد الهبة في حال عمل صحة توقيع سيكون فى ضريبة تصرفات عقارية؟ يُجيب "المعداوى": سيتم الإخطار بنموذج "8" عقارى، ثم الطعن عليه أمام لجنة داخلية، ثم إحالته للجنة طعن، وسيتم إلغاء الضريبة بقرار لجنة الطعن الضريبي طالما للأصول أو الفروع أو الأزواج، لأن عقد البيع (هبة مُستترة) فلا تخضع للضريبة الواردة بالمادة 42 .
كيفية إثبات الهبة وفق صحيح القانون
تعد الهبة كما ذكرنا من قبل عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض، وفق مادة 486 فقرة 1 مدني وتكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطله مالم تتم تحت ستار عقد أخر، طبقا للمادة "488" فقر "1"، ومعني ذلك أن الهبة لا تثبت إلا بوجود محرر رسمي وهو معني ظاهر إن صح القول، إذ فيجوز إثبات الهبة بشهادة الشهود إذا لم يكن هناك محرر رسمي، وهو ما أكدته نص الماده 63 من قانون الإثبات حيث نصت علي الأتي: "يجوز كذلك الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي – هكذا يقول "المعداوى":
1-إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول علي دليل كتابي .
2-إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه .
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الإشكالية في الطعن المقيد برقم 1129 لسنة 54 قضائية – جلسة 26 يناير 1988 – والذى جاء في حيثياته: نص المادة 63 من قانون الإثبات حيث نص الحكم علي الأتي: "لئن كان جواز إثبات التصرفات القانونية وفي المادة 489 م علي أنه إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل، فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه، فإن مقتضي ذلك أن إثبات عقد الهبة التي يتم تنفيذها تنفيذآ إختياريآ لا يتقيد بأن يكون بورقة رسمية".
على أنه يجب العلم بأن شهادة الشهود طريقه لإثبات الهبة لو سلم الواهب الهبة مختارآ في حياته للموهوب له، فلا ينفي الهبة وجود خطأ في الشكل ويسري ذلك الأمر بالنسبه للورثة، أما إذا لم يتم التسليم من الأساس فشهادة الشهود ليس لها أي قيمة، وإنما يلزم وجود محرر رسمي لإثبات الهبة، وهذا ما ذهب إليه فقهاء القانون ورسخته محكمه النقض في حكمها السالف ذكره.
ما الفرق بين الهبة والتنازل؟
والهبة: هي عقد بمقتضاه يملك شخص شخص آخر ملك دون عوض اي دون دفع مقابل العقار أو الشيء الموهوب، وفي أغلب الأحيان يكون الواهب أب لإبنه، أو جد لحفيده أو زوج لزوجته أو بالعكس، ابن لأبيه أو حفيد لجده أو زوجة لزوجها، ونظرا لتعقد عقود الهبة افرد القانون عدول الإشهاد دون غيرهم لإبرام عقد الهبة، ولا يمكن التراجع في الهبة إلا بشروط منها اخلال الموهوب له بالتزامات مثل العناية بالواهب أو أن الواهب يصبح دون مأوى وظروف صعبة نتيجة فقدانه للشيء الذي وهبه وعلى الواهب أن يثبت للقضاء براهين تراجعه في الهبة .
بينما التنازل: هو تحيل قانوني على الهبة يعمد اليه بعض المحامين كي يتمكنوا من إبرام العقد، لأن عقد الهبة كما ذكرنا لا يكتبه إلا عدول الاشهاد فالتنازل إذا هو هبة، ومن مساويه أيضا يمكن الطعن فيها لدى القضاء والتراجع عنها بإثبات التحايل القانوني وابطالها.
إجراءات تسجيل عقود الهبة في الشهر العقاري
يلجأ الكثير من الآباء إلى إجراء أو عمل عقود إشهار هبة فى الشكل الرسمى للأبناء، وخصوصا إذا كانوا بنات فقط، حتى يضمن حقوقهن في الميراث الخاص به بعد وفاته، وحتى لا يشاركهن الأقارب في الميراث الخاص بوالدهن، ويضطر العديد من الآباء إلى إجراء مثل تلك العقود إذا كان هناك مشكلات مع الأخوة على الميراث، ونستعرض الإجراءات والمستندات المطلوبة لإجراء عقود إشهار الهبة من مصلحة الشهر العقاري أو أحد مكاتبه، وفق الموقع الرسمي لمصلحة الشهر العقاري، كالتالي:
المستندات المطلوبة لإجراء عقود إشهار الهبة
- يقوم الوالد بتقديم سند إثبات ملكية العقارات والممتلكات والأراضي، أو ما يثبت أنه له نصيب مع أخوته وأقاربه في تلك الممتلكات.
- ثم يقوم أيضا بتقديم كشف رسمي للجرد الحالي للممتلكات والعقارات والأراضي وجميع ما يملكه الوالد من ميراث.
- ثم يقوم بتقديم شهادة تفيد بعدم وجود مخالفات فى المبانى من الحى أو جهاز المدينة المختص.
شروط إبرام عقود إشهار الهبة
- يجب أن يكون العقد مستندا على أساس قانوني.
- من الضروري أن يكون العقد أهدافه واضحة ومعلنة.
- يجب أن يكون العقد قابلا للتنفيذ وله صفة قانونية.
- يجب أن يكون العقد له أهداف قانونية قابلة للتنفيذ.
البيانات المطلوب تسجيلها في عقود إشهار الهبة
- البيانات الشخصية الخاصة باسم الطرف الأول "الواهب" والديانة والجنسية والعنوان المقيم به.
- البيانات الشخصية الخاصة باسم الطرف الثاني «الموهوب له» والديانة والجنسية والعنوان المقيم به.
- ذكر جميع البيانات الخاصة بالممتلكات المراد إبرام عقود الهبة بها، والحدود الخاصة بها سواء كانت بحري أو قبلي أو شرقي أو غربي.
- ثم يقر أطراف التعامل بناتج كشف التحديد الصادر عن المكتب الهندسي وتقديم كافة المستندات المطلوبة.
رأى دار الإفتاء في الأزمة
هذا وقد سبق لدرا الإفتاء التصدي لسؤال حول حكم هبة الأب لابنه القاصر، والذى جاء فيه: فقد سأل كاتب إحدى المحاكم في رجل يملك منزلًا، وله ابن قاصر، فباع هذا الرجل المنزل لابنه القاصر وهو في صحته بثمن معلوم سامحه منه، وقَبِل ذلك من نفسه لابنه المذكور، وحرر بذلك كتابة أمضاها بخطِّه، وشهدت بذلك شهود موقعين عليها، ثم حدث ببعض بناء المنزل المذكور خلل، فأزاله الولي البائع، وبنى بدله بناءً جديدًا بالمنزل المذكور بالأنقاض القديمة وبأنقاض جديدة، وأنفق على ذلك من ماله متبرعًا؛ حيث لا مال للقاصر المذكور حاضر ولا غائب.
فإذا مات البائع الولي المذكور، وقام بعض ورثته يعارضون الابن المشترى له المذكور في البناء المذكور الجديد، أو يطالبونه بما أنفقه عليه مورثهم؛ يمنعون من ذلك، ويكون لا حق لهم في ذلك، ويكون الولي متبرعًا بما أنفقه في ذلك، أم كيف؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.
والإجابة جاءت كالتالى:
إذا كان الأمر كما ذكر في هذا السؤال، وقد باع الرجل المذكور منزله لابنه القاصر في حال صحته، وسلامة عقله، وجواز تصرفاته الشرعية بيعًا صحيحًا شرعيًّا، مستوفيًا شرائط الصحة شرعًا، بثمن معلوم سامحه منه بعد ذلك، ثم جدد المنزل بطريق ولايته الشرعية على ابنه القاصر، وأنفق على ذلك من ماله متبرعًا بما أنفقه لجهة ابنه المذكور، ثم مات بعد ذلك والمنزل ملك للابن المرقوم؛ فليس لورثة البائع مطالبة ذلك الابن بما أنفقه مورثهم على المنزل المذكور ولا معارضة الابن في البناء الجديد، ويكون ذلك الأب متبرعًا بما أنفقه على تجديد ذلك المنزل؛ قال في "الفتاوى الأنقروية": [الواحد لا يصلح بائعًا ومشتريًا من نفسه إلا الأب والجد عند عدم الأب] انتهى.
وفي "رد المحتار": [لو باع ماله من ولده لا يصير قابضًا لولده بمجرد البيع، حتى لو هلك قبل التمكن من قبضه حقيقة هلك على الوالد، ويتم البيع بقوله: بعته من ولدي، ولا يحتاج إلى قوله قبلت] انتهى ملخصًا - وفي "متن التنوير": [وهبة مَن له ولاية على الطفل في الجملة تتم بالعقد؛ أي الإيجاب فقط، وهبة الدين ممن عليه الدين وإبراؤه عنه يتم من غير قبول] انتهى ملخصًا مع بعض زيادة.