السبت، 02 نوفمبر 2024 11:35 ص

عشان نفهم.. هل يجوز الطعن على "أمر الإحالة"؟.. المشرع أجازه في المادة 164 من قانون الإجراءات الجنائية.. وأحكام النقض اعتبرت القصور في أمر الإحالة والتجهيل "لا يُبطل المحاكمة".. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة

عشان نفهم.. هل يجوز الطعن على "أمر الإحالة"؟.. المشرع أجازه في المادة 164 من قانون الإجراءات الجنائية.. وأحكام النقض اعتبرت القصور في أمر الإحالة والتجهيل "لا يُبطل المحاكمة".. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة محكمة - أرشيفية
السبت، 02 نوفمبر 2024 09:00 ص
كتب علاء رضوان

"أمر الإحالة".. هو قرار یصدر عن قاضى التحقیق، أو النیابة العامة بعد الانتهاء من التحقیق بإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة إذا توافرت الأدلة الكافیة على حدوث التهمة ونسبتها إلى المتهم، وتختلف الإحالة من حیث القواعد المنظمة لها بحسب ما إذا كانت الواقعة "مخالفة" أو "جنحة" وما إذا كانت "جنایة"، فإن كانت الواقعة "جناية" فإنه طبقا للمادة 158 من قانون الإجراءات الجنائیة تحال الدعوي من قاضي التحقيق إلي محكمة الجنایات، ویكلف النیابة العامة بإرسال الأوراق إلیها فورا.

 

أما إذا كانت النيابة العامة هي التي تتولي التحقيق، فلقد نصت المادة 2/214 إجراءات على رفع الدعوى فى مواد الجنایات بإحالتها من المحامى العام أو من یقوم مقامه بتقریر إتهام موضحا فیه الجریمة بأركانها والظروف المشددة والمخففة والمواد القانونیة المنطبقة، وترفق به قائمة بمؤدى أقوال الشهود وأدلة الإثبات، وأن تقوم النیابة العامة بإعلان الخصوم بالأمر الصادر بالإحالة لمحكمة الجنایات خلال الـ10 أیام التالیة لصدوره، كما نصت المادة 160 إجراءات علي أن الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق بالإحالة تشمل أسم ولقب وسن المتهم، ومحل ميلاده وسكنه وصناعته، وبيان الواقعة المنسوبة إليه ووصفها القانوني.   

 

الفرق_بين_المحكمة_الإدارية_والمحكمة_العادية

 

أمر الإحالة في الجنايات في ضوء قضاء النقض

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على أهمية أمر الإحالة وإشكالياته، والقصور فى أمر الإحالة، ورأى ومذهب النقض فى قصور أمر الإحالة، حيث أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان، ومن ثم فإن القصور في أمر الاحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق، فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق .   

 

أهمية أمر الاحالة  

 

في البداية - يلعب أمر الإحالة في الجنايات دورا هاما إذ بصدوره لدي البعض تخرج الدعوي من حوزة النيابة العامة ولا يجوز لها أن تعدل عنه أو تجري أي تحقيق في الدعوي أو تضيف أي اتهامات جديدة، كما أن المحكمة تتقيد بما ورد في أمر الإحالة من اتهامات ووقائع فلا تملك اضافة وقائع لم ترد فيه، لأن أغفال ذكرها ينطوي ضمننا علي صدور قرار بألا وجه لإقامتها، ويعتبر أمر الإحالة لدينا مرحلة وسط بين التحقيق والمحاكمة ينقل المحقق من خلالة الدعوي من مرحلة التحقيق إلي مرحلة المحاكمة – وفقا لـ"فاروق". 

 

النيابة.العامة  

                                                                         

القصور فى أمر الإحالة

 

قد يعتري أمر الإحالة قصور أو تجهيل في بيات الاتهام أو يورد مواد عقاب لا تنطبق مع الوصف كوضع نصوص الرشوة حال أن الوصف استغلال نفوذ  أو قد يتناقض مع أدلة الثبوت كأن تنسب مثلا النيابة العامة للمتهم واقعة استيلاء علي أموال عامة، وتأتي القائمة خلوا مما يفيد هذا الاستيلاء أو تنسب للمتهم واقعة قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد وتورد أدلة تقطع بأن الواقعة مجرد مشاجرة أو يشوب إعلان الأمر للمتهم عيوب تبطله أو لم يعلن أصلا، ويثور التساؤول حول ما إذا كانت تلك العيوب تؤدي إلى بطلان الأمر من عدمه؟ وهل يجوز للمتهم أن يتمسك بالبطلان أمام محكمة الجنايات من عدمة؟ - الكلام لـ"فاروق".

                        

رأى مذهب النقض فى قصور أمر الإحالة

 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل تلك الإشكالية في العديد من أحكامها أبرزها الطعن المقيد برقم 9861 لسنة 89 قضائية – 16 فبراير 2020 – والذى جاء في حيثياته:  أطرد قضاء النقض علي أن القصور في أمر الإحالة والتجهيل لا يُبطل المحاكمة ولا ينال من صحة الإجراءات، إذ مقتضي البطلان إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزة محكمة الموضوع واتصالها بها وهو ما لا يستقيم قانونا، ويكون للمتهم أن يطلب من المحكمة ما فات النيابة العامة من قصور في إجراءات التحقيق. 

 

High-Court1579

 

ويؤكد "فاروق": ولقد احتارت محكمة النقض في تبرير قضاؤها بعدم بطلان أمر الإحالة وألتمست له أكثر من مبرر، فذهبت في بعض أحكامها إلي أن البيانات الواجب أن يشتمل عليها أمر الإحالة والمحددة في المادتين 160، 214/2 إجراءات جنائية لا يترتب علي قصورها أو النقص فيها بطلانه، إذ هدف الشارع منها تحديد شخصية المتهم والتهمة الموجهة إليه، كما ورد في الطعن المقيد برقم 5979 لسنة 88 قضائية – جلسة 21 نوفمبر 2018، وذهبت في أحكام أخري أن أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع هو إجراء من اجراءات التحقيق ولا يخضع لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان.

 

  محضر الجلسة يُجبر محضر أخطاء أمر الإحالة 

 

ولهذا قضت بأن خطأ أمر الإحالة في اسم المتهم أو سنه أو صناعته لا يبطله، إذ للمتهم أن يطلب للمحكمة استكمال ما فات أمر الإحالة بيانه، وأن محضر الجلسة يجبر هذا الخطأ، ومادام فات المتهم أن يثبت في هذا المحضر تصحيح الإسم فلا يصح النعي ببطلان الإجراءات، وقضت كذلك بأن الدفع ببطلان قرار الإحالة لتناقضه مع أدلة الثبوت و تحريات الشرطة المفرغة فيه غير مقبول، وقضت كذلك بأن عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلانه، وأنه لا تثريب على المحكمة التفاتها عن الرد على الدفع ببطلان أمر الإحالة، لكونه ظاهر الفساد – الكلام لـ"فاروق".

 

images

 

ومع ذلك يتضح ضمنا من بعض أحكام النقض أنها لا تري بأسا من إثارة الدفع ببطلان أمر الإحالة والنعي عليه بالقصور والتجهيل بشرط أن يتمسك به المتهم أمام محكمة الموضوع، إذ جري قضاؤها في هذا الشأن أن أمر الإحالة من الإجراءات السابقة علي المحاكمة، وأن النعي ببطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض غير مقبول، إذ أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع، وقالت أيضا النقض في أحكامها بأن الدفع ببطلان أمر الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائز مادام لم يدفع به أمام محكمة الموضوع، كما أن تعييب أمر الإحالة والدفع بالخطأ فيه لأول مرة أمام  محكمة النقض غير مقبول، وقضت تطبيقا لذلك أن الدفع ببطلان قرار الإحالة لصدوره من غير مختص لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائز، طبقا للطعن رقم 9856 لسنة 86 قضائية.

 

تقدير مذهب النقض

 

قضاء النقض في عدم بطلان أمر الإحالة في الجنايات للتجهيل والقصور وعدم الإعلان ولكافة العيوب التي تشوبه غير سديد ولا يشفع للنقض قالت أن ترتيب البطلان يعيد الدعوي الي مرحلة التحقيق بعد الفراغ منها، إذ هذا النظر مردود عليه أن القانون ذاته أجاز الطعن في أوامر الإحالة في بعض الأحيان فالمادة 164 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للنيابة العامة الطعن بالإستئناف على أوامر الإحالة الصادرة من قاضي التحقيق بالإحالة الى محكمة الجنح بإعتبار أن الواقعة "جنحة" حال أن النيابة تري أنها "جناية" اي أن قضاء النقض الذى "فيه نظر" يخالف سياسة المشرع، فضلا عن اخلاله بمبدأ المساواة بحرمان المتهم من الطعن على أمر الإحالة الصادر الى محكمة الجنايات علي خلاف الحال بالنسبة للنيابة العامة، ويؤكد في ذات الوقت عدم صحة ما تراه النقض من حظر الطعن بالبطلان في أمر الإحالة لكونه يعيد الدعوي الى مرحلة التحقيق – هكذا يقول "فاروق".   

 

ططس

 

ولا يشفع للنقض تبريرا لمذهبها أن تقرر بأن للمتهم أن يتمسك بما يعتري ويشوب أمر الإحالة من عيوب، ويطلب من المحكمة تداركها، إذ في ذلك تحميل المتهم محاكمة قد تطول اجرائتها في بعض الأحيان حتى يصل الي مبتغاه حال أن الأصل في المتهم البراءة، ولا يكلف بتحمل محاكمة لا تؤمن عواقبها.

 

يجوز الطعن في أمر الإحالة بالبطلان

 

وفى الأخير يؤكد "فاروق": ولقد خاطرت محكمة النقض حين عصمت أمر الإحالة من البطلان بحسبانه إجراء تحقيق، إذ كون أمر الإحالة اجراء تحقيق لا يجعله عصيا عن البطلان أو يحول بين المتهم والدفع ببطلانه، إذ للمتهم أن يدفع ببطلان القبض والتفتيش والتنصت وكافة اجراءات التحقيق، ولا يحد من ذلك سوي توافر المصلحة، وكذلك الإعلان بأمر الإحالة بحسبانه الإجراء الذي ينقل الدعوي من مرحلة التحقيق إلي مرحلة المحاكمة، وبالتالي عدم الإعلان أو بطلانه قد يعني لدينا عدم خروج الدعوي من حوزة جهة التحقيق بعكس ما قد يراه البعض، ولهذا فالصحيح أنه يجوز الطعن في أمر الإحالة بالبطلان. 

 

ططي

 

كيفية تلاوة أمرة الإحالة للمتهمين 

 

يشار إلى أنه خلال نظر أولى جلسات محاكمة المتهمين فى دعاوى الجنح والجنايات، تطلب المحكمة من النيابة العامة تلاوة أمر إحالة المتهمين والتهم الموجهة إليهم، وتستخدم المحكمة في ذلك حقها المخول فى المادة 271 من قانون الإجراءات الجنائية، وتنص المادة فى فقرتها الأولى على: يبدأ التحقيق فى الجلسة بالمناداة على الخصوم والشهود، ويسأل المتهم عن اسمه ولقبه وسنه وصناعته ومحل إقامته ومولده، وتتلى التهمة الموجهة إليه بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور على حسب الأحوال، ثم تقدم النيابة والمدعى بالحقوق المدنية إن وجد طلباتهما.

 

وجاء فى فقرتها الثانية: وبعد ذلك يسأل المتهم عما إذا كان معترفاً بارتكاب الفعل المسند إليه، فإن اعترف جاز للمحكمة الاكتفاء باعترافه والحكم عليه بغير سماع الشهود، وإلا فتسمع شهادة شهود الإثبات، ويكون توجيه الأسئلة للشهود من النيابة العامة أولاً، ثم من المجني عليه، ثم من المدعي بالحقوق المدنية، ثم من المتهم، ثم من المسئول عن الحقوق المدنية، وللنيابة العامة وللمجنى عليه وللمدعى بالحقوق المدنية أن يستجوبوا الشهود المذكورين مرة ثانية لإيضاح الوقائع التي أدوا الشهادة عنها في أجوبتهم.

 

 

print