في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة جراء الأحداث الدامية منذ أكتوبر 2023، برزت مصر حكومةً وشعبًا كنموذج يحتذى به في التضامن الإنساني والدعم غير المشروط.
تحت مظلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، انطلقت قوافل المساعدات الإنسانية، وكان أحدثها القافلة التاسعة التي ضمت 200 شاحنة محملة بثلاثة آلاف طن من المساعدات المتنوعة، تعبيرًا عن الدعم العميق الذي يكنه المصريون لإخوانهم الفلسطينيين.
شهد معبر رفح البري نشاطًا مكثفًا حيث توافدت المؤسسات الخيرية من كافة أنحاء مصر لتقديم المساعدات، أمال إمام، رئيسة الهلال الأحمر المصري، عبرت عن فخرها بهذه الجهود قائلة: "نحن نعمل تحت غطاء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، ونسعى لتقديم الدعم المستمر لأهلنا في غزة، لقد تم إنشاء مناطق لوجستية لتسهيل نقل المساعدات، ونسعى دومًا للتنسيق مع السلطات المصرية لضمان وصول الدعم بأسرع وقت ممكن".
وأضافت إمام: "منذ اندلاع الأزمة، قمنا بتجهيز آلاف الشاحنات التي عبرت الحدود المصرية محملة بالأمل والمساعدات. هدفنا أن نوصل رسالة إنسانية باسم مصر التي تعمل دومًا من أجل الإنسانية". كما أشادت بجهود المتطوعين الذين وصفوا بفرسان العمل الإنساني، والذين عملوا بلا كلل من العريش إلى رفح لتقديم العون والمساعدة.
أكدت إمام أن الهلال الأحمر المصري يعمل بتنسيق كامل مع الهلال الأحمر الفلسطينيوهو تعاون وصفته بأنه غير مسبوق،هذا التعاون شمل إنشاء مستشفيات ميدانية في غزة، وتوفير ملاجئ تستوعب آلاف الأشخاص، إلى جانب تشغيل مطابخ إنسانية لتوفير الوجبات الساخنة للأسر المتضررة.
من جهتها، أثنت السفيرة نبيلة مكرم، رئيسة الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، على القيادة السياسية التي وفرت الدعم الكامل لهذه الجهود. وقالت: "لقد قمنا خلال أكتوبر وحده بتسيير ثماني قوافل إغاثية، واليوم نواصل الطريق بالقافلة التاسعة التي تضم 200 شاحنة مقدمة من 13 مؤسسة مصرية".
وأوضحت مكرم أن القافلة حملت مساعدات تشمل 20% أدوية ومستلزمات طبية، 15% ملابس وأحذية، و65% مواد غذائية ومياه شرب. وأضافت: "إن مشهد التعاون والتكاتف بين المؤسسات الخيرية والشعب المصري هو صورة إنسانية مشرفة تعكس الروح الوطنية التي تتجاوز الحدود".
رافق قوافل التحالف الوطني شباب من مختلف محافظات مصر، حيث عبر عصام عبد الرحمن، المسؤول الإعلامي بمؤسسة صناع الخير، عن فخره بالشباب المصري الذي أصر على مرافقة القافلة إلى معبر رفح. وقال: "الشباب المصري من القرى والمدن كافة أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، وهم اليوم يقدمون رسالة تضامن ومحبة تعكس وعيهم وإيمانهم بدورهم الوطني والإنساني".
كان لمؤسسات المجتمع المدني دور محوري في إنجاح هذه القوافل، حيث ساهمت بتوفير مساعدات تحت شعار "مسافة السكة لأهلينا في فلسطين"، و شاحنات محملة بمواد غذائية لدعم الأسر المتضررة، ومساعدات طبية عاجلة شملت أدوية ومستلزمات طبية أساسية، ومساعدات غذائية.
تحت مظلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، قدمت مصر نموذجًا للدبلوماسية الإنسانية التي تجمع بين الجهد الحكومي والشعبي. هذا الجهد المتكامل لم يقتصر على تقديم المساعدات بل امتد إلى تقديم الدعم النفسي والمعنوي للأسر المتضررة في غزة.
أوضحت مكرم أن هذه الجهود تأتي استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أكد أهمية دور المجتمع المدني في تعزيز الروابط الإنسانية مع الشعب الفلسطيني. وأضافت: "اليوم، نحن لا نقدم المساعدات فقط، بل نبني جسورًا من الأمل والتواصل الإنساني الذي يعكس أصالة الشعب المصري وعمق علاقته التاريخية مع أشقائه الفلسطينيين".
الروح الوطنية والإنسانية كانت حاضرة بقوةفي تجهيز الشاحنات في كافة المحافظات المصرية و تنسيق الجهود ، وكانت كل خطوة تعكس عزمًا حقيقيًا على تقديم العون.
والقافلة التاسعة للتحالف الوطني ليست إلا فصلًا جديدًا في قصة طويلة من الدعم المصري لقطاع غزة، قصة ترويها أفعال تضامنية يومية وشراكات إنسانية ، ومع كل شاحنة تعبر معبر رفح، تتجدد رسالة الأمل بأن الإنسانية قادرة على تجاوز كل الحدود.
وبجهود لا تعرف الكلل، أثبتت مصر مرة أخرى أن العمل الإنساني هو رسالة تتجاوز السياسة والجغرافيا، وأن الشعب المصري سيظل دائمًا في طليعة من يقفون إلى جانب أشقائهم في أوقات المحن.