أصدرت الدائرة الأولى – بمحكمة جنايات طنطا (أول درجة) – حكمين قضائيين، ببراءة 3 متهمين من تهمة تشكيل عصابي للاتجار بالمواد المخدرة، مستندا على مبدأ قضائيا في غاية الأهمية يضع ضوابط الإتهام بجريمة تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة وتوزيع الأدوار، قالت فيه:
"أن مناط المسئولية في جريمة تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو ثبوت مساهمة الجاني في تأليف المنظمة الإجرامية بما يقتضيه من إعداد وتنظيم وتوزيع الأدوار على الشركاء وتحديد الأعمال المستهدفة من التنظيم والمزمع ارتكابها، كما أن الركن المعنوي فيها يستلزم فضلًا عن توافر القصد بما يقتضيه من توافر عنصري العلم والإرادة انصراف إرادة الجاني صوب مقارفة النشاط الإجرامي مع العلم بعناصر الجريمة - توفر القصد الخاص بأن يكون الغرض من التشكيل الاتجار في المواد المخدرة".
صدر الحكمين في القضيتين المقيدتين برقمى 2822 لسنة 2024 كلى غرب طنطا، و2893 لسنة 2024 كلى غرب طنطا، لصالح المحامى حسام حسن الجعفرى، برئاسة المستشار بلال محمد أبو السعود، وعضوية المستشارين حامد ناصف عيساوى، وأحمد فريد صالح، وبحضور كل من وكيل النيابة محمد أشرف، وأمانة سر أحمد أبو اليزيد.
الوقائع.. القبض على شخص وهروب إثنين في واقعة اتجار في المخدرات
اتهمت النيابة العامة المتهمين "محمد. م"، و"طاهر. ع"، و"عبدالعال. ش"، لأنهم في 10 أكتوبر 2024 بدائرة مركز كفر الزيات، ألفوا فيما بينهم عصابة غرضها الاتجار في الجواهر المخدرة، وحازوا وأحرزوا بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "الحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وحازوا وأحرزوا ذخائر " بندقية خرطوش و5 طلقات خرطوش"، وحازوا وأحرزوا بقصد الاتجار مادة تخضع لبعض قيود الجواهرة المخدرة "الكلونازيبام أحد مشتقات البنزوديازيين" في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
ضابط الواقعة قام بعمل تحريات أن الثلاثة متهمين كونوا تشكيل عصابي للاتجار بالمواد المخدرة ويحرزوا أسلحة نارية، وصدر إذن النيابة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهمين، وانتقل ضابط الواقعة لتنفيذ الإذن، وقرر بمحضر الضبط أن الثلاثة متهمين كانوا موجدين مع بعضهم البعض علي مسرح الجريمة، فقام اثنين من المتهمين بالفرار، وقاموا بالقاء ما معهم من مخدر وفروا هاربين، وقام ضابط الواقعة بضبط المتهم الثالث بالمخدر وسلاح ناري وتم عرضه علي النيابة.
حبس متهم.. والنيابة العامة تقرر ضبط واحضار متهمين
وفى تلك الأثناء - قررت النيابة حبس المتهم المضبوط 4 أيام علي ذمة التحقيق، وقررت بضبط واحضار المتهمان الهاربان، وبذلك أصبح هناك ضبط واحضار للمتهمان الهاربان بخلاف إذن النيابة الصادرة لهما بالقضية، وورد اتصال تليفوني لضابط الواقعة بأن المتهمان متواجدان بمكان بدائرة المركز توجه لضبطهما، وقام بضبط المتهمان وهم يحوزان ويحرزان مواد مخدرة وسلاح ناري.
محكمة الجنايات تضع ضوابط الإتهام بجريمة تشكيل عصابي للاتجار في المخدرات
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: أن المحكمة بعد أن محصت أوراق الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الإتهام عن بصر وبصيرة ترى أن الأدلة التي ركنت إليها النيابة العامة للتدليل على صحة الإتهام وسلامة إسناده للمتهمين وصولاً للقضاء بإدانتهم قد جاءت قاصرة عن بلوغ حد الكفاية لإدراك هذا القصد وأية ذلك:
أولا: حيث أن من المقرر أن مناط المسئولية في جريمة تكوين تشكيل عصابي للإتجار في المواد المخدرة المنصوص عليها في المادة 33/1 بند "د" من قانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات تقتضى مساهمة الجاني في تأليف التشكيل الإجرامي بما يقتضيه من أعداد وتنظيم وتوزيع الأدوار على الشركاء وتحديد الأعمال المستهدفة من التشكيل والدفع لإرتكابها، وهو ما يشكل الركن المادي للجريمة فضلاً عن الركن المعنوي الذي يشمل قصدين أحداهما عام وهو توافر عنصري العلم وارادة مقارفة النشاط الإجرامي وقصد خاص هو أن يكون الغرض من التشكيل الإتجار في المواد المخدرة - وكانت الأوراق قد خلت من دليل جازم بقيام المتهمين بتكوين تشكيل عصابي للإتجار في ما ورد على لسان ضابط الواقعة والتي جاءت أقواله لا تطمئن المحكمة إليها في هذا المواد المخدرة إلا الشأن وهو الأمر الذي تطرح معه المحكمة هذا الاتهام برمتها ولا تعول عليها بالنسبة للمتهمين.
ثانيا: أن المحكمة لا تطمئن إلى التصوير الذى قال به ضابط الواقعة ويساور وجدانها الشك في أن الواقعة قد جرت على النحو الذي قاله بالتحقيقات ذلك أنه لا يتصور عقلاً ومنطقاً أن يقف المتهمين بالطريق العام حائزين ومحرزين للمواد المخدرة المضبوطة والمتهم الثالث ممسكا بيده السلاح الناري "بندقية خرطوش" والذخيرة المضبوطين ويتجروا في المخدر المضبوط على مرأى ومسمع من المارة ويكونوا عرضة للإبلاغ عنهم من قبل المارة أو القبض عليهم من رجال الشرطة، وكذا أن يفر كل من المتهمين الأول والثاني بالمخدر دليل إدانتهما ولا يتركاه لضابط الواقعة، ولا يبادرا وهما في حالتهما إلى الجهر بما معهما، والكشف عما يخفياه من مخدر عامدين إلى إظهار مستورهما وإلقائه أمام الضابط وبين يديه معلنين عنه وداعين إلى ضبطه.
وتضيف "المحكمة": لأن هذا التصوير إن صح لكان دعوة من المتهمين للقبض عليهم - وهو ما يتجافي مع طبائع الأشياء وغريزة الحرص والتوقي التي يتسم بها من يتجر في تلك السموم، فلا تقيم المحكمة قدراً لهذه الرواية وترفض هذه الصورة خاصة وأن ضابط الواقعة صدر له أمر بتفتيش شخص ومسكن كل من المتهمين فكان يتعين عليه اختيار الوقت والمكان المناسبين لضبط المتهمين وإتجارهم في المواد المخدرة أو التوجه لمسكن كل منهم لتفيشه لضبط ما يكون قد احتفظ به من مواد من مواد مما يتاجر بها وأن المحكمة ترى أن للواقعة صورة أخرى حجبها ضابط الواقعة عن نظر المحكمة، كما حجب أفراد لتصوير عن الإدلاء بشهادتهم مما يضحى بظلال من الشك الكثيف حول أقواله مما يجعل المحكمة لا تطمئن لتصوير الذي قال به ضابط الواقعة ومن ثم تطرحه ولا تقيم له وزناً، وأن المحكمة تطمئن الإنكار المتهمين ودفاعهم وترى أنه هو الأقرب إلى الحقيقة والواقع.
فلهذه الأسباب:
قضت المحكمة ببراءة المتهمين الثلاثة مما أسند إليهم وبمصادرة المواد المخدرة والسلاح المضبوطين.
"الجنايات" تضع ضوابط الإتهام بجريمة تشكيل عصابي للاتجار في المخدرات 1
"الجنايات" تضع ضوابط الإتهام بجريمة تشكيل عصابي للاتجار في المخدرات 2