صدمة سياسية أحدثها لقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الأوكرانى فولودومير زيلينسكى فى البيت الأبيض، بين الأروقة السياسية العالمية وخاصة الأوروبية إذ جاء الاجتماع الذى وصفته الصحف العالمية بأنه ضربة للدبلوماسية ويرقى إلى أن يكون لقاءا كارثيا بعد قمتين لكل من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطانى، كير ستارمر مع ترامب فى محاولة للتوصل لحل للأزمة الأوكرانية.
وخلال الاجتماع الاستثنائى الجمعة فى واشنطن، وبخ ترامب زيلينسكي بعد أن قال نائب الرئيس جيه دى فانس، أحد أكثر الأصوات تشككًا فى الإدارة بشأن أوكرانيا، إنه كان غير محترم للقاء ترامب فى المكتب البيضاوى أمام وسائل الإعلام الأمريكية.
وسأل فانس زيلينسكى "هل قلت "شكرا" مرة واحدة؟". وقال الرئيس الأوكرانى أربع مرات خلال تبادلهم أنه ممتن أو أعرب بالفعل عن شكره.
ثم ألغى ترامب توقيع صفقة المعادن التى قال إنها كانت لتقرب أوكرانيا من إنهاء حربها مع روسيا. غادر زيلينسكى البيت الأبيض بعد وقت قصير من صراخ ترامب عليه، معربًا عن ازدرائه الصريح. وقال البيت الأبيض أن الوفد الأوكرانى طُلب منه المغادرة.
وقال مسئول أوكرانى كبير لوكالة الأسوشيتيد برس الأمريكية أن زيلينسكى تحدث إلى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والأمين العام لحلف شمال الأطلسى مارك روتى ورئيس المجلس الأوروبى أنطونيو كوستا بعد مغادرته البيت الأبيض، ووصف جميع المحادثات بأنها "داعمة" للزعيم الأوكرانى. وطلب المسئول، الذى على دراية بالأمر، عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتعليق علنًا.
وتعهد زعماء أوروبا بالوقوف إلى جانب أوكرانيا فى أعقاب اجتماع المكتب البيضاوى المثير للجدل حيث أدت تصريحاتهم الداعمة لجارتهم فى القارة إلى تعميق الخلاف عبر الأطلسى، وفقا للوكالة.
وأضافت اسوشيتيد برس أن الزعماء الأوروبيين اهتزوا بالفعل بسبب خطاب فانس فى مؤتمر ميونيخ للأمن قبل أسبوعين والذى ألقى عليهم فيه محاضرة حول حالة ديمقراطيتهم. وبينما سارع رؤساء الوزراء والرؤساء فى جميع أنحاء القارة للرد، عقدوا سلسلة من القمم الطارئة لمناقشة الأمن.
ومن المقرر عقد قمة رئيسية أخرى الأحد فى لندن، يستضيفها رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر. وسيجتمع أكثر من اثنى عشر زعيما أوروبيا ومن الاتحاد الأوروبى، بما فى ذلك زيلينسكى، فى اجتماع يهدف إلى دفع العمل بشأن أوكرانيا والأمن.
وقال مكتبه فى بيان أن ستارمر تحدث مع ترامب وزيلينسكى الجمعة وحافظ على دعمه القوى لأوكرانيا.
وقال البيان: "إنه يحتفظ بدعمه الثابت لأوكرانيا، ويفعل كل ما فى وسعه لإيجاد طريق إلى الأمام نحو سلام دائم قائم على السيادة والأمن لأوكرانيا".
ولم تذكر تعليقات الزعماء الأوروبيين يوم الجمعة ترامب أو فانس إلى حد كبير، بل سعت إلى ضمان دعمهم لأوكرانيا مع دخول الحرب مع روسيا عامها الرابع. أعاد زيلينسكى نشر تعليقاتهم على X، وكتب "شكرًا لك على دعمك" لكل منهما - ربما كان ذلك بمثابة انتقاد لإدارة ترامب.
ومن جانبها، اعتبرت هيئة الإذاعة البريطانية، بى بى سى، أن لقاء البيت الأبيض أكسب قمة لندن أهمية أكبر وسيجعلها حاسمة أكثر لكن المخاطر هائلة لأن القمة تضع القارة الأوروبية فى مواجهة مباشرة مع ترامب.
وفى بريطانيا، حيث ستعقد القمة، قال وزير التجارة دوجلاس ألكسندر لبرنامج "أى أسئلة" على راديو بى بى سى 4 أن المشاهد فى المكتب البيضاوى لم تكن "مزعجة ومخيفة للغاية" فحسب، بل أظهرت "بأشد العبارات الممكنة" مدى تغير "العالم الذى شهدناه جميعًا على مدى السنوات الثمانين الماضية"، مضيفًا أننا فى "مياه مجهولة".
كما وصف الرئيس زيلينسكى بأنه "الزعيم السياسى الأكثر شجاعة فى أوروبا منذ ونستون تشرشل".
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى كايا كالاس أن "العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد. والأمر متروك لنا نحن الأوروبيين لقبول هذا التحدي". واعتبرت بى بى سى أن هذا هو جوهر الأمر. وتساءلت عما إذا كانت أوروبا قادرة على ذلك؟
وأضافت أن جوهر طلب المملكة المتحدة وغيرها من الدول من أمريكا هو أن يقدم البيت الأبيض ضمانة أمنية لأوكرانيا بموجب أى اتفاق سلام. وتريد المملكة المتحدة أن يكون هذا بمثابة غطاء جوى. وهذا سيكون مطلبا كبيرا لأى رئيس فى أى وقت، مع خطر تصاعد الصراع مع روسيا.
ومن ناحية أخرى، اقترحت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلونى "قمة فورية" بين الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين "للتحدث بصراحة عن الكيفية التى نعتزم بها مواجهة التحديات الكبرى اليوم، بدءًا بأوكرانيا". وحثت الغرب على البقاء متحدين.
وقالت: "إن كل انقسام فى الغرب يجعلنا جميعًا أضعف ويصب فى مصلحة أولئك الذين يرغبون فى رؤية تراجع حضارتنا. والانقسام لن يفيد أحدًا".