اشتدت الحرب بين أمريكا وأوروبا ودخلت مرحلة جديدة من التصعيد، فبعد الخلاف السياسى حول إدارة ملف أوكرانيا وتخلى واشنطن عن جانب القارة العجوز، تحولت الخلافات إلى الجانب الاقتصادى بعد إعلان واشنطن رسوم جمركية وتوعد الجانب الأوروبي بإجراءات مماثلة.
وأعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء أنه سيفرض رسوما جمركية "قوية لكن متناسبة" على حزمة من الواردات الأمريكية اعتبارا من الأول من أبريل، ردا على رسوم نسبتها 25% فرضتها واشنطن على واردات الصلب والألومنيوم وبدأ تطبيقها اليوم، لتخطو بذلك الولايات المتحدة خطوة إضافية نحو حرب تجارية مع شركائها الرئيسيين.
و قالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين في بيان بأن التكتل يعرب عن "أسفه العميق" للرسوم التي فرضتها إدارة ترامب، كما أوضحت لاين أن: "الرسوم الجمركية هي ضرائب، تضرّ بالأعمال، وبشكل أكبر بالمستهلكين"، مشيرة إلى أن "وظائف على المحك. الأسعار سترتفع، في أوروبا والولايات المتحدة"، وأضافت :"يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتحرك لحماية المستهلكين والشركات الأوروبية"، مضيفة الإجراءات المضادة التي نتخذها اليوم قوية ولكنها متناسبة".
وأضافت المفوضية أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة ستؤثر على صادرات الاتحاد الأوروبي بقيمة 26 مليار يورو (28.3 مليار دولار)، أي حوالي 5% من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي من السلع إلى الولايات المتحدة، مما "سيؤدي إلى اضطرار المستوردين الأمريكيين إلى دفع ما يصل إلى 6 مليارات يورو في رسوم جمركية إضافية".
بالنسبة لأوروبا، ستكون الرسوم الجمركية الجديدة تقريبًا 4 أضعاف حجم الرسوم المماثلة التي فُرضت خلال فترة ولاية ترامب الأولى، عندما استهدفت الولايات المتحدة ما يقرب من 7 مليارات دولار من صادرات الاتحاد الأوروبي من الصلب، مستشهدة بمخاوف تتعلق بالأمن القومي.
وستؤثر الإجراءات الأمريكية على منتجات بقيمة 28 مليار دولار (26 مليار يورو)، بحسب تقديرات المفوضية الأوروبية التي أكدت أن رسومها المزمعة ستطال سلعا أمريكية بقيمة موازية.
وتشمل هذه الرسوم واردات من دول مثل كندا والصين والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا، بينما يؤكد ترامب أن هدفه تعزيز إنتاج صناعة الحديد والصلب في الولايات المتحدة، والذي يتراجع عاما بعد عام في ظل منافسة حادة خصوصا من الدول الآسيوية.
ومن المرجح أن تؤدي هذه الرسوم الجمركية الباهظة على هذين المعدنين إلى زيادة تكلفة إنتاج كل شيء تقريبا في الولايات المتحدة، بدءا من الأجهزة المنزلية وصولا إلى السيارات وعلب المشروبات، ما يهدد برفع أسعار المستهلكين في المستقبل.
من المتوقع أن ينفذ الرد الأوروبي على الرسوم الأمريكية على مرحلتين، وفي 1 أبريل، يتم تلقائيا إعادة العمل بالإجراءات الأوروبية المضادة التي اعتمدت في 2018 و2020 ردا على رسوم جمركية أمريكية خلال الولاية الأولى لترامب، مع انتهاء مدة تعليقها في 31 مارس.
وتعد الرسوم الأمريكية الجديدة أعلى بكثير من تلك التي فرضت خلال ولاية ترامب الأولى بين العامين 2017 و2021.
ودعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير أوروبا إلى الوقوف بحزم في مواجهة هجمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلا إن حملة الإدارة الأمريكية ضد الديمقراطيات الليبرالية “صادمة”.
وقال شتاينماير، خلال فعالية في برلين للاحتفال بالذكرى المئوية لمؤسسة فريدريك إيبرت، “حقيقة أن حتى القوة الرائدة في الغرب الديمقراطي تعلن الآن أن السلام والنظام في أوروبا بعد الحرب عفا عليهما الزمن هو شيء لم نكن نتخيله على الإطلاق حتى وقت قريب”.
وقال إن حقيقة أن الدولة التي تدين لها أوروبا بديمقراطيتها بعد الحرب تقوم الآن بحملة ضد الأشكال الليبرالية للديمقراطية، وحتى تقوم بتعزيز القوى المناهضة للديمقراطية في بلدان أوروبا، وهو أمر صادم، وأضاف "لكن يجب ألا نظل صامتين. علينا أن نحمي ونعزز ونعيد تنشيط ما نمتلكه في أيدينا، أوروبا متحدة قوية وديمقراطية. وعلينا استعادة الثقة في المؤسسات الديمقراطية وممثليها في أوروبا وفي ألمانيا".
وعلى الصعيد العسكرى يناقش وزراء الاقتصاد والمالية الأوروبيون صيغ تمويل إعادة تسليح أوروبا، وتقدم القمة بين الوزراء حزمة بقيمة 800 مليار يورو لتعزيز الإنفاق الدفاعى، والتى تتضمن صندوق قروض بقيمة 150 مليار يورو تقدمها المفوضية الأوروبية وإمكانية تخفيف القواعد المالية.
وأشارت صحيفة الكونفدنثيال الإسبانية إلى أنه بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، كان الحدث زلزاليا بالنسبة للسياسة الخارجية، ليس فقط بسبب قراره تجميد المساعدات لأوكرانيا، ولكن أيضا بسبب المفاوضات التي يجريها مع زعيم الكرملين فلاديمير بوتين لإنهاء الصراع في كييف دون الأخذ بعين الاعتبار رأي الشعب الأوكراني، ولذلك فإن أمر تسليح أوروبا أصبح أمرا ضروريا.
وتخطط المفوضية الأوروبية لزيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي وتوجيه 650 مليار يورو إلى الميزانية، ومن المقرر مناقشة هذا الإجراء في اجتماع بين وزراء الاقتصاد والمالية، والفكرة هي أن الدول سوف تستخدم هذا الهامش لزيادة ميزانيتها الدفاعية، على الرغم من أن هناك دولا تطالب بمزيد من ذلك.