في لحظة تشريعية فارقة، شهدت الجلسة الختامية لمجلس النواب المصري في مناقشته لمشروع قانون الإجراءات الجنائية، إجماعا وتأكيدا على أن القانون الجديد يمثل تحولاً تاريخياً في منظومة العدالة الجنائية، وجاء ثمرة حوار مجتمعي واسع، شاركت فيه كافة الأطراف المعنية، وعلى رأسها نقابة المحامين والمجلس القومي لحقوق الإنسان.
وفي مشهد مفعم بالاعتزاز الوطني، جاءت كلمات أعضاء اللجنة الفرعية التي أعدت مشروع القانون لتؤكد أن هذا التشريعليس مجرد تعديل تقني، بل هو تجسيد عملي لدستور يُصغي لصوت المواطن، ويستجيب لنداءات الإصلاح العادل ومطبقا لمعايير ومباديء حقوق الإنسان.
من جانبه، أكد أمين عام نقابة المحامين محمود الداخلي، أن تمثيل نقابة المحامين في مناقشات مشروع القانون شكل سابقة مهمة، قائلا : لأول مرة يكون للنقابة هذا التمثيل الحقيقي في إنتاج تشريعي صدر بعد حوار ديمقراطي شامل، وأتى منتجًا تشريعياً ملائماً لكافة العصور القادمة، متوافقاً مع الحقوق والضمانات الدستورية، لاسيما لذوي الإعاقة وكافة الفئات المجتمعي"
ووجه "الداخلي" في كلمته الشكر لرئيس مجلس النواب الدكتور حنفي جبالي مؤكداً أهمية مراعاة السلطة التشريعية لملاحظات النقابة، كما طالب بمراعاه الاستعانه بتمثيل نقابة المحامين في التشريعات المرتبطة لاحقا.
وأختتم أمين عام نقابة المحامين، حديثة، بمطالبة رئيس النواب بإعتبارة يتبوأ رأس السلطة التشريعية، بأن يتم الحديث لاحقا في لقاء يجمعه مع نقيب المحامين حول زيادة الرسوم القضائية التي تلاقي رفضا من قبل المحامين.
من جانبه أكد أحمد عبد الجواد، ممثل المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يُمثل نقلة نوعية تشريعية غير مسبوقة منذ 75 عاماً، وشهد استجابة لمطالب نقابتي المحامين والصحفيين.
وأضاف "عبد الجواد" أن مشروع القانون راعي التوازن بين أطراف الخصومة، وكفلت حق الدفاع بما يتماشى مع التزامات مصر الدولية، وذلك بعد حوار مجتمعي واسع بما يسهم في عادلة أكثر إنجازا، مشيداً بتمكين المجلس القومي لحقوق الإنسان من المساهمة الفاعلة والتي ترفع من تصنيف المجلس دوليا.
ومن جانبه، قال النائب إيهاب رمزي إن مشروع القانون يُعد ترجمة فعلية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقتها القيادة السياسية، مؤكداً أن القانون حظي بأكبر قدر من الاهتمام في تاريخ التشريع البرلماني، واستغرقت اللجنة الفرعية في إعداده أكثر من 14 شهراً بمشاركة جميع الجهات المعنية سواء المعنية بملف حقوق الانسان أو العدالة الجنائية، معتبراً مشاركته فيه "شرفاً لا يقل عن عضويته في البرلمان"، قائلا : ". عضويتي بهذه اللجنة صنعت لي تاريخا، محل افتخار لي باقي حياتي المهنية أو الجامعية".
وأضاف "رمزي" أن مشروع القانون منتج تشريعي يفتخر به المواطن المصري وقد إضاف إلي تاريخ المجلس النيابي، والمجلس صنع تاريخا لهذا القانون.
في السياق ذاته، وصف النائب محمد راضي، أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومي، عضو اللجنة الفرعية، مشروع القانون بكونه الدستور الثاني لمصر لكنه في مجال التقاضي، مؤكداً أنه يُجسد إرادة شعبية في تحقيق العدالة الناجزة، ويعد مرجعاً حقيقياً للعدالة الجنائية المتوازنة بين الحقوق والحريات.
وأكد النائب محمد عبد العزيز، وكيل لجنة حقوق الانسان، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسين، أن مجلس النواب قد دخل معترك ظل جامدا لسنوات، بإعداد قانون جديد للإجراءات الجنائية في مصر، مفعلا فيه الدستور وكافة التوصيات في مجال حقوق الإنسان فضلا عن الاستجابة لتوصيات الحوار الوطني، لاسيما في قضايا الحبس الاحتياطي، سواء فيما يتعلق بمدد الحبس الاحتياطي وحدود قصوي له، والتعويض عن حالات الحبس الخاطيء، وحق الدفاع، وضمانات الحياة الخاصة وحرمتها وفقا للنصوص الدستورية بأنه لا يمكن دخول المنازل وتفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب.
وأضاف "عبد العزيز"، أننا أمام نصوص حية، وستثبت الأيام أثرها الإيجابي، وسيفتخر بها المشتغلون بالقانون في مصر أمام العالم، ستؤكد الضمانات الواردة في القانون.
وفي كلمته، أكد المستشار رامي خيرالله، ممثل الأمانة العامة لمجلس النواب، بالتأكيد على أن إتاحة ثلاث سنوات لإعداد القانون تعكس حرص المجلس على خروج قانون متوازن متكامل يراعي الدستور ويحقق التوازن بين كافة الأطراف. ونوه "خير الله" إلي الجهد الذي يبذله مجلس النواب مشتبكا مع القضايا المهنية والمجتمعية مقراً لعدد من التشريعات الهامة ومنها مشروع قانون الإجراءات الجنائية ومشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية.
ولفت "خير الله" إلى أن المناقشات التي دارت حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية ستُشكل إرثاً تشريعياً يمكن الرجوع إليه لفهم فلسفة القانون وتطبيقاته.