أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، والخبير في النزاعات الدولية، أن القانون الدولي يوفر الأدوات اللازمة لمقاضاة ومحاكمة إسرائيل على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها بشكل ممنهج بحق المدنيين في قطاع غزة.
وأشار "مهران" في تصريح خاص لـ"اليوم السابع" إلى أن الكيان الصهيوني ينتهك بشكل ممنهج العديد من أحكام القانون الدولي الإنساني، فيما يتعلق بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، فعلى سبيل المثال، تنتهك إسرائيل المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تحظر العقوبات الجماعية، حيث تفرض إسرائيل حصاراً خانقاً على السكان في غزة بالمخالفة للقانون الدولي الإنساني.
كما لفت إلي انتهاك قوات الاحتلال الاسرائيلي للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والتي تحمي الأشخاص غير المشاركين في الأعمال الحربية، من خلال استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية بشكل متكرر، وهي جميعها أمثلة على الانتهاكات الجسيمة التي ترقى لمستوى جرائم حرب، وتستوجب محاكمة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية ذات الاختصاص كالمحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح "مهران" أنه وفقاً للقانون الدولي يمكن للسلطة الفلسطينية التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية وتقديم شكوى رسمية للنظر في الجرائم الإسرائيلية التي تحدث بشكل يومي والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها، كما يحق للمنظمات الدولية والأفراد تقديم أسانيد وتقارير مفصلة للمحكمة حول الهجمات غير المتناسبة على المدنيين في غزة لتسهيل عملية جمع الأدلة والتحقيق، وذلك وفقا لخاصية جديدة اطلقتها المحكمة الجنائية الدولية علي موقعها الإلكترونية، مشيراً إلى أنه تبني حملة شعبية منذ بدء العدوان علي غزة لتقديم كل الأدلة من صور وفيديوهات عن طريق هذه الخاصية لفضح جرائم الكيان الصهيوني واحراج المحكمة.
وقال "مهران" إنه بالرغم من وضوح نصوص القانون الدولي بشأن حظر استهداف المدنيين والعقاب على انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أن هناك عاملي الازدواجية في المعايير ووجود حلفاء غربيين مؤيدين بقوة لإسرائيل يحول دون محاسبتها عمليًا، وقد تحاول أيضاً التهرب من تنفيذ أي أحكام قد تصدر بحقها، مستفيدة من دعم بعض القوى الكبرى لها وهو ما قد يعيق تحقيق العدالة.
ونوه الخبير الدولي إلى أن إسرائيل ما زالت تواجه تحقيقًا من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حول جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية، موضحا أن التحقيق بدأ منذ العام 2021 بشأن وقائع في الأراضي الفلسطينية قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب، الا أنه لم يسفر حتي الآن عن أي قرارات أو إجراءات جادة، الأمر الذي يدعو للتساؤل حول مدى فاعلية آليات العدالة الدولية في محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وشدد على ضرورة أن تترجم هذه التحقيقات إلى لوائح اتهام وقرارات صريحة بفتح محاكمات ضد قادة الاحتلال المتورطين بارتكاب جرائم حرب، حتى تحقق العدالة الجنائية الدولية مصداقيتها وفعاليتها كخطوة أولى نحو وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب.
كما بين أن هناك قضايا أمام محكمة العدل الدولية ضد ممارساتها غير القانونية، مشيرًا للدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا مؤخراً أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، متهمة إياها بارتكاب أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، مناشداً بدعم المجتمع الدولي وتدخل العديد من الدول في هذه الدعوي حتي تحقق أهدافها.
واعتبر أن هذه الخطوة القانونية الجريئة من شأنها تسليط المزيد من الأضواء والضغوط الدولية على الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية، مبدياً أمله في أن تؤدي مثل تلك المقاضاة إلى إدانة واسعة للسياسات الإسرائيلية العنصرية والاضطهادية الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني، على نحو يفتح المجال أمام خطوات أخرى لمحاسبتها على جرائم الحرب والتطهير العرقي التي تمارسها منذ عقود بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وأضاف أنه رغم صعوبة تنفيذ أحكام على إسرائيل في الوقت الراهن، إلا أن مجرد إدانتها قضائيًا سيمثل انتصارًا سياسيًا وقانونيًا هامًا لفضح جرائمها، وربما فتح الطريق أمام مزيد من الإجراءات التصعيدية ضدها مستقبلًا، مؤكدًا أن المطلوب الآن هو المثابرة على الملاحقات القانونية وكسب الرأي العام العالمي، بما يضيق الخناق على إسرائيل ويزيل غطاء الحماية والإفلات من العقاب الذي تتمتع به حاليًا.