الأحد، 23 فبراير 2025 09:50 م

جدل قانونى حول التعويض عن الحبس الاحتياطى بين جبر الضرر والتعويض عن الخطأ

جدل قانونى حول التعويض عن الحبس الاحتياطى بين جبر الضرر والتعويض عن الخطأ المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب
الأحد، 23 فبراير 2025 05:00 م
كتبت نورا فخرى
شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، مناقشات موسعة حول المقترح بالبرلماني الذي تقدّم به النائبان الوفديان أميرة أبو شقة ومحمد عبد العليم داود، بتعويض أي شخص يُقيَّد حريته بالحبس الاحتياطي إذا صدر حكم ببراءته من جميع الاتهامات المنسوبة، وذلك استنادًا إلى فلسفة جبر الضرر، وليس على أساس التعويض عن الخطأ.
 
وتقضي المادة  (523) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، حسبما انتهي مجلس النواب، بأن يستحق كل من حبس احتياطيا تعويضا في الحالات الآتية: 1-  إذا كانت الواقعة محل الاتهام معاقب عليها بالغرامة، أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة تقل عن سنة، وكان للمتهم محل إقامة ثابت ومعلوم في جمهورية مصر العربية.
 
2 - إذا صدر أمر نهائي بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم صحة الواقعة.
 
3 - إذا صدر حكم بات ببراءته من جميع الاتهامات المنسوبة إليه مبنيًا على أن الواقعة غير معاقب عليها، أو غير صحيحة، أو أي أسباب أخرى بخلاف حالات البطلان أو التشكك في صحة الاتهام أو أسباب الإباحة أو الإعفاء من العقاب، أو العفو، أو امتناع المسئولية.
 
ويسرى حكم البند 3 من الفقرة الأولى من هذه المادة في شأن استحقاق تعويض لمن نفذ عقوبة سالبة للحرية صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه.
 
وفي جميع الأحوال، تتحمل الخزانة العامة للدولة التعويضات المشار إليها في هذه المادة، بشرط ألا يكون طالب التعويض تم حبسه احتياطيا، أو نفذ عقوبة مقيدة للحرية على ذمة قضية أو قضايا أخرى عن فترة مماثلة أو تزيد على مدة الحبس الاحتياطي أو تنفيذ العقوبة محل طلب التعويض.
 
وتأتي الصياغة السابقة بعد رفض عدد من المقترحات النيابية منها ما تقدم به النائب محمد عبد العليم داود  الذي طالب بحذف جميع ما ورد بعد عبارة "المنسوبة إليه" في البند الثالث من المادة، حيث إن فحواها يفرع هدف المادة القانونية من نبلها، قائلا: "ما ورد من عبارات بعد المنسوبة إليه يحتاج إلى النسف وليس الحذف.. والله يرحم الفقيه الدستوري الكبير سليمان الطماوي".
 
من جانبها تحديث النائبة أميرة أبو شقة، عن حزب الوفد، عن الفرق بين فلسفه جبر الضرر الذي تذهب إلي اعتمادة بدلا من فلسفة التعويض عن الخطأ في الحبس الاحتياطي الذي ذهب إليه مشروع قانون الإجراءات الجنائية في المادة سالفة الذكر، مطالبه بتعويض أي شخص يُقيَّد حريته بالحبس الاحتياطي سواء كان هناك خطأ أو عدم وجود خطأ.  
 
واعتبرت أبو شقة، أن المادة القانونية تمثل شريان رئيس من شرايين قانون الإجراءات الجنائية، فضلا عن كوننا أمام التزام دستوري، مشيرة أن قيمة التعويض لا تمثل حتى قيمة "رغيف عيش، لكن الدولة في المادة تسعى لأن توازن وتوائم بين الموازنة وعدم الاثقال عليها مع التعويض عن الحبس الاحتياطي.
 
وأشارت أبو شقة، إلى أن الفلسفة التي ذهبت إليها الحكومة في التعويض عن الحبس الاحتياطي في تفسيرها للمادة الدستورية "عقيمة"، حيث تعتمد التعويض عن الخطأ انطلاقا من مسئولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية وليس فلسفة جبر الضرر.
 
وجاء التعقيب من النائب إيهاب الطماوي رئيس اللجنة الفرعية لإعداد مشروع القانون بتأكيده أن فرنسا على مر عقود في تطويرها لمسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية، اعتمدت في أهم مراحلها فلسفة التعويض عن الأخطاء، مشيراً إلي أن ما يحكم المشرع المصري المادة الدستورية 54 ولو أراد المشرع الدستوري  النص صراحة علي وجوب التعويض عند صدور كافة أحكام البراءة  لفعل ذلك، لكنه ذهب إلي فكرة التعويض وترك للمشرع الوضعي حيث البرلمان تنظيم ذلك. 
 
وقال "الطماوي": انطلقنا من فكرة الخطأ الذي سبب ضرر يستوجب التعويض عنه، وأجرينا التعويض وجوبي وحددنا الحالات، لكن إذا لجأ مواطن جري حبسة لسبب أخر غير وارد بالمادة، باستخدام حقه الطبيعي في اللجوء للقاضي متضررا، فهل يمنع النص القاضي من نظر المسأله المعروضة، لا بالطبع". 
 
وعلق المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية  بتأكيده أننا أمام تجربة جديدة، حيث دستور 2014 الذي يقرر لأول مرة التعويض عن الحبس الاحتياطي، وأناط القانون تحديد حالاته لأن واضعي الدستور يعلم جيدا ان أي قضية قضى فيها بالبطلان تستحق التعويض، لذا أناط بالقانون تحديد الحالات.
 
وأضاف "فوزي"، أن  الدستور خرج على القواعد الواجب توافرها في هذه التعويضات، وجعل الحبس الاحتياطي موجبا للتعويض في الحالات التي يحددها القانون". 
 
و تابع محمود فوزي، أن ما حددته اللجنة الفرعية التى وضعت القانون من حالات التعويض، تتسق مع التجربة الوليدة للتعويض عن الحبس الاحتياطي، ولا يمكن أن نقرر التعويض عن قضية قضت فيها المحكمة لتقديرها بعدم كفاية الأدلة وليس لانتفاء الواقعة، وفي نفس الوقت الشخص محبوس احتياطيا في قضية أخرى فكان الأمر أن تجرى بينها مقاصة".
 
و اضاف "فوزي": "لا أريد الارتفاع بالسقف عاليا فيقعد هذا المحاكم عن التعويض، لأننا أمام تجربة جديدة خلينا نجرب وفي ضوء التطبيق العملي قد نرى أمرا آخر". 

الأكثر قراءة



print