أكد عدنان أمين، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "أيرينا"، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى نموذج للإرادة والدعم السياسى المطلوبين لدعم التحول من استخدام الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجددة، التى تمثل قاطرة لتعميق التفاهم والتعاون بين الشعوب وتحقيق السلام فى كل مكان فى الحاضر والمستقبل، لأنها توفر سيناريو تحقيق المكسب للجميع، من خلال توحيد موارد الدول وإنشاء شبكات كهرباء مشتركة تخدم الجميع.
وأضاف أمين، أن معلومات الرئيس السيسى على مستوى رفيع من ناحية الموضوعات الفنية والاستراتيجية الخاصة بقضايا الطاقة بشكل عام والطاقة المتجددة بشكل خاص، معربا عن تقديره لالتزام الرئيس السيسى بمسار الطاقة المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الطاقة فى مصر.
وحول انطباعه عن مقابلته مع الرئيس السيسى كرئيس لدولة محورية فى المنطقة، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، "كان شرفا عظيما لى أن أحظى بمقابلة الرئيس السيسى لمناقشة قضايا الطاقة المتجددة، والاستماع إلى منظوره بشأن استراتيجية الطاقة فى المستقبل فى مصر وعلى المستوى الإقليمى".
وشدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة على أنه شرف بالاستماع إلى الأفكار التى تناولها الرئيس، من خلال مناقشة مثمرة وملهمة، مشيراً إلى أن مصر غنية بموارد الطاقات المتجددة، كما أنها غنية بالكوادر البشرية والخبرات والمعرفة، وأن صناعات الطاقة المتجددة ستحقق طفرة قوية فى مصر فى ظل توفر الظروف الملائمة والدعم السياسى.
وأضاف عدنان، "أنا ممتن جدا للدعم القوى الذى منحه الرئيس سيسى شخصيا لقطاع الطاقة المتجددة، وأعتقد أن لدينا مسارا جيدا للغاية كى تعمل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة مع مصر بشكل مكثف للغاية على مدى الأشهر المقبلة لوضع خطط وإطار لكيفية المضى قدما فى المستقبل، بحيث تكون مصر رائدة فى المنطقة الأفريقية فى مجال خلق سوق مشتركة للكهرباء."
وعلى ضوء تقدير الوكالة لإمكانيات وخبرات مصر فى مجال الطاقات المتجددة وعلى ضوء تقديرها لرؤية الرئيس السيسى فى هذا الشأن، رحب عدنان أمين، بفكرة تنظيم مؤتمر دولى فى مصر عن الطاقة المتجددة، يضم جميع الأطراف الفاعلة ويجمع بين المستثمرين والدول صاحبة الخبرات والدول التى ترغب فى إقامة مشاريع للطاقة المتجددة، مشيراً إلى أنه ستتم مناقشة تفاصيل الفكرة مع الجهات المعنية ممثلة فى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
وفيما يتعلق بالرسائل التى تحدث عنها مع الرئيس، أكد عدنان أن مصر بالفعل مركز للطاقة المتجددة، بما لديها من موارد هائلة فى مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمساقط المائية، كما أنها بلد محورى فى المنطقة نظرا لموقعها الجغرافى الذى يمكنها من القيام بدور متميز فى إنتاج ونقل الكهرباء، فضلا عن الربط الكهربائى بين العالم العربى وقارات أفريقيا وآسيا وأوروبا.
وأوضح أمين أن تكلفة تكنولوجيات الطاقات المتجددة انخفضت بنسب كبيرة، حيث انخفضت تكنولوجيات الطاقة الشمسية بنسبة 80 فى المائة وطاقة الرياح بنسبة 36 فى المائة على مدى السنوات الست الماضية، وستشهد المزيد من الانخفاض الهائل بنسبة 50 إلى 60 فى المائة على مدى السنوات العشر المقبلة.
وأوضح أن موارد الطاقة المتجددة أصبحت الأكثر إسهاما فى توليد قدرات الكهرباء على مستوى العالم فى السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن الزخم فى تزايد كبير.. وأن المهم الآن هو كيفية خلق إطار يحفز الاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة وكيفية خلق نظام تكنولوجى يستفيد من هذه الطاقة ضمن مزيج الطاقة العالمى.
وشدد على أن التحدى الحقيقى هو خلق سوق المستقبل والربط الكهربائى بين مختلف الدول والبنية الأساسية للمستقبل التى يمكن من خلالها توزيع قدر كبير من الطاقة المتجددة لشبكات الكهرباء على مستوى العالم والتوصل لأسعار واضحة لتبادل الكهرباء بين الدول وفقا للوائح تنظيمية واضحة.
ونوه بأن هذا التوجه بدأ يعمل بالفعل، مشيرا إلى أنه ناقش مع الرئيس عبد الفتاح السيسى "ما يعرف بممر الطاقة النظيفة فى أفريقيا"، وقال إن نتائج هذا التوجه ضخمة ويمكن أن تكون بمثابة أحد المفاهيم المحورية للتحول الاقتصادى لأفريقيا نحو المستقبل التى تعتمد على الطاقة النظيفة سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو طاقة حرارة باطن الأرض.
وشدد عدنان أمين، على أهمية الحوار لإنشاء ممر للطاقة النظيفة فى أفريقيا، حيث إن العالم يشهد الآن تغييرا كبيرا وسريعا فى مجال شبكات الكهرباء والطاقة، وهذا التغيير سيكون له تأثير كبير جدا على إنتاج وتوزيع وتجارة الكهرباء فى المستقبل، وقال: "نحن ننظر فى الوقت الحالى إلى التغيرات الجيوسياسية من منظور خطوط الأنابيب وشحن النفط بالناقلات والقضايا الاستراتيجية المتعلقة بذلك. وفى المستقبل، سيكون التركيز بشكل أكبر على على كيفية توليد وإنتاج وتوزيع الطاقة المتجددة عبر الحدود من خلال ممرات نظيفة، والتى سيكون لها مردود كبير لجميع البلدان المتعاونة".
وأكد المسؤول الدولى أن الطاقات المتجددة تحفز خلق فرص العمل والحفاظ على البيئة بتوفير طاقة نظيفة، مشيرا إلى أنه فى ظل الاستمرار اقتصاديا فى استخدام الطاقات المتجددة ستنخفض أسعارها بشكل كبير على المستوى الدولى، وستعمل على خلق نشاط محلى يؤهل مصر لكى تصبح مركزا أفريقيا شريكا للعالم فى مجال التصنيع والتدريب وتكنولوجيات الطاقة المتجددة، من خلال ما تتمتع به مصر موقع جغرافى متميز وسط أفريقيا وآسيا وأوروبا، مشيرا إلى أن مؤتمر باريس للمناخ تحدث عن توفير 10 مليارات دولار لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة على مستوى العالم.
وأوضح أن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة تعمل مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لإعداد تقييم للطاقات المتجددة وخريطة طريق للمستقبل ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من وضعها فى الربع الأول من العام القادم.مشيرا إلى أن لدى مصر إمكانات فنية هائلة لتوليد الطاقة الطاقة المتجددة، ولها القدرة على أن تكون مركزا لإنتاج وتوزيع الطاقة المتجددة فى جميع أنحاء المنطقة.
وأضاف أن الخطوات الحالية التى تقوم مصر باتخاذها، من حيث الإصلاحات التشريعية وتطوير السوق ورفع القيود عن قطاع الكهرباء، تمثل خطوات ايجابية جدا.. مشيدا بجهود وزارة الكهرباء لتحويل هذه الجهود إلى سياسة تمكينية للاستثمار فى الطاقات المتجددة على نطاق واسع للمستقبل، لأن ذلك سيحقق النمو والازدهار وفرص العمل، وهو أمر ضرورى فى المشهد المصرى.
وأكد أن مصر متقدمة من حيث أعداد الأشخاص المؤهلين ذوى الكفاءات الذين يمكنهم دعم التحول من استخدام الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجددة، مثل المهندسين والإداريين والمستثمرين والمفكرين والفاعلين فى القطاع الخاص الذين يملكون المعرفة والتجارب والخبرات، بالإضافة إلى ما تملكه مصر من موارد ضخمة وهائلة من الطاقات المتجددة، سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو طاقة المساقط المائية.
وبالنسبة لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة، قال عدنان أمين مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، إنه لا يمثل مشكلة لأن التمويل متوفر فى الاقتصاد العالمي، لافتا إلى أنه شارك مؤخرا فى مؤتمر بلندن، وكان هناك الكثير من المؤسسات ورجال الأعمال الذين لديهم استعداد لتقديم تريليونات الدولارات لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة، ولكنه أوضح أن المشكلة تكمن فى أن هؤلاء يريدون تأكيدات بشأن وجود أطر سياسات استثمار واضحة ودقيقة توفر الثقة للمستثمر وتوفر المناخ المواتى للاستثمار بصفة عامة وتحقق استقرارا على المدى الطويل، وهو ما تحاول الوكالة الدولية للطاقة المتجددة القيام به فى الوقت الحالى.
وشدد على الحاجة إلى تكوين سوق كبير بالقدر الذى يسمح بتحقيق استثمار كبير الحجم، وتوفير أسواق تستطيع استيعاب استثمارات بمليارات الدولارات لزيادة حجم الاستثمار فى مجال الطاقات المتجددة لتحقيق الأهداف المستقبلية للطاقة والمناخ. مؤكدا ضرورة خفض حجم المخاطر الإدارية والفنية ومخاطر تقلبات أسعار العملات وعدم الاستقرار وارتفاع تكاليف الإقراض.. مع توفير أدوات ومؤسسات تمويل دولية توفر ضمانات طويلة المدى لخفض المخاطر فى البلدان النامية.
ولفت إلى أن الوكالة الدولية تقوم بإعداد مقترحات بشأن هذه الأفكار، مشيرا إلى أنه بجمع كل هذه المكونات سيكون لدينا مستقبل ليس فقط آمن ومأمون من حيث خفض انبعاثات الكربون للعالم أجمع، ولكن أيضا مستقبل مزدهر فيما يتعلق بتوفير فرص العمل والنمو لاقتصاد العالم.
وقال إن الدراسة التى قدمتها شركة "ستيت جريد" الصينية لعام 2016 بعنوان "الشبكات الكهربائية العالمية شبكة لا تغيب عنها الشمس" تمثل حلما يمكن تحقيقه حيث أن التكنولوجيا والتمويل موجودان ولا ينقص سوى الإرادة السياسية على مستوى العالم بنفس المستوى الذى يقدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أشارت الشركة إلى أن العالم يتجه فى الوقت الحاضر إلى تشكيل شبكة عالمية للكهرباء تعتمد على شبكات الجهد الفائق للتيار المستمر وتكنولوجيا الشبكات الذكية والاستفادة من كافة مصادر الطاقة المتجددة كطاقة نظيفة بحيث يتم ضم كافة القارات فى شبكة كهربائية واحدة.
ولفت إلى أن الدراسة تشير إلى أن العالم يذخر بموارد الطاقة النظيفة والتى لو تم استكشاف 05.0 % منها فستكون قادرة على تلبية الطلب العالمى من الطاقة، لافتا إلى أن التوقعات العالمية تشير إلى أن معدل الزيادة فى استهلاك الطاقة المتجددة عام 2050 من الممكن أن يزيد على 80 فى المائة من استهلاك الطاقة، وهو ما يصبو إليه العالم أجمع.
وأوضح أن الطاقة المتجددة وفرت 5.9 مليون فرصة عمل على مستوى العالم على مدى الـ 7 إلى 8 سنوات الماضية، وهذه الأعداد فى تزايد مستمر فى ظل التحول إلى الطاقة المتجددة.
وأشار إلى أن الطاقة المتجددة لها آثار إيجابية على صحة الإنسان من حيث تقليل نسب التلوث.. كما أنها تحقق وفرا فى المياه عند توليد الكهرباء بمعدل 200 مرة أقل من توليد الكهرباء من الفحم.. وتحقق آثارا إيجابية على مستوى البيئة والاقتصاد.
ونوه بأن مستقبل توليد الكهرباء سيختلف تماما فى المستقبل حيث سيكون نظيف وأقل من حيث انبعاثات الكربون ومتطور أكثر من حيث استخدام التكنولوجيات الحديثة وسيحقق المزيد من فرص العمل والفرص الاقتصادية.
وشدد عدنان أمين على أهمية الاستثمار فى البنية الأساسية للطاقة المتجددة الآن وتوفير البيئة التنظيمية المواتية، والاستثمار فى الشبكات الذكية بتكنولوجيات متقدمة مدعومة بتكنولوجيا المعلومات التى يمكن أن تستقبل الطاقة المتجددة بالأسعار المنخفضة المناسبة بحيث يتحقق المكسب لجميع الأطراف.
وقال إن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "أيرينا" تشكل إطارا دوليا لمساعدة الدول على معرفة التكنولوجيات الموجودة فى مختلف الدول العالم، وتوفير آخر ما توصلت إليه التكنولوجيات لجميع دول العالم.
وفيما يتعلق بسبل تخزين الطاقة المتجددة، قال عدنان أمين إن أسعار وسائل تخزين الطاقة المولدة من الطاقات المتجددة ستشهد انخفاضا كبيرا فى السنوات العشر المقبلة على ضوء ما يتم إنفاقه من استثمارات فى مجال البحث والتطوير.. بما سيسمح بتوفير الطاقة على مدى 24 ساعة يوميا.. مشيرا إلى أن سعر الكيلوات ساعة المولد من الطاقات المتجددة المخزنة يبلغ 9 سنتات، وهو ما يساوى أسعار الكيلوات ساعة المولد من الغاز الطبيعى على ضوء ما يطرحه السوق من ابتكارات جديدة... فى حين انخفض سعر الكيلوات ساعة المولد من الخلايا "الفوتو فولطية" مباشرة كما هو الحال فى الإمارات إلى 3 و 4 و 5 سنت.
وأشار إلى أن هناك استثمارات كبيرة تتدفق الآن فى مجال تصنيع بطاريات السيارات التى تعمل بالكهرباء مما سيعمل على خفض أسعارها وأحجامها بشكل كبير فى السنوات القليلة القادمة فى ظل توفير شبكات ذكية لهذا الغرض بحيث يتم استخدام السيارة فى النهار وشحنها ليلا من الكهرباء التى يكون قد تم تخزينها طوال اليوم.
وأشار إلى أن انخفاض أسعار وأحجام بطاريات تخزين الطاقة مستمر، ومن المهم التركيز على الابتكار على المستوى الدولى والتعاون مع الدول المتقدمة فى هذا المجال مثل الصين وألمانيا كوسيلة لتحقيق الطفرة المطلوبة فى مجال تخزين الطاقة المتجددة.
وأوضح أن جدوى توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بخلايا فوتو فولطية فوق أسطح المنازل كبيرة كما هو الحال فى ألمانيا التى تحملت استثمارات البداية فى هذا المجال أضافة إلى وضع بيئة تنظيمية اقتصادية جيدة.. مشيرا إلى أن أكثر من 50 فى المائة من الألمان أصبحوا اليوم منتجين ومستهلكين فى نفس الوقت.
وقال إن دور الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "أيرينا" فى دعم مثل هذه المشروعات هو توفير المعرفة والأمثلة والأطر التنظيمية المتوفرة على المستوى الدولى بما يسمح باستمرار إنتاج الكهرباء بهذا الشكل مع تحقيق جدوى اقتصادية.
ونوه بأنه يتم التوسع فى استخدام الطاقة المتجددة فى مجال النقل والتدفئة والتبريد وتحلية مياه البحر والزراعة، وقال إن النقل والمواصلات يمثلان أحد أكبر الفرص الواعدة لاستخدام الطاقة المتجددة.. حيث سيكون هناك توجه سريع نحو استخدام السيارات الكهربائية فى المستقبل مما سيحل الكثير من مشاكل التلوث فى المدن.
ولفت إلى أن كبرى شركات تصنيع السيارات بدأت فى الدفع باستثمارات كبيرة فى مجال الطاقة المتجددة وتصنيع السيارات ووسائل المواصلات الكهربائية على غرار "تسلا"، مثل مرسيدس بنز وبى إم دبليو وتويوتا.
وقال إن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة تدرس عمل مسابقات للشباب فى مجال الابتكارات التى تخدم مجال الطاقات المتجددة، مشيرا إلى أن ذلك بدأ بالفعل مع حكومة أبو ظبى فى مجال السيارات التى تعمل بالطاقة الكهربائية وعمل مسابقة لسباق هذه السيارات بمشاركين من جميع أنحاء العالم.