قال الكاتب الصحفى خالد صلاح، رئيس مجلس إدارة وتحرير "اليوم السابع"، يبدو أن الأوضاع بين مصر والمملكة العربية السعودية ليست على ما يرام، منذ الجلسة الشهيرة بمجلس الأمن حول الوضع فى سوريا، مرورا إلى منع وقف الإمدادات البترولية من قبل شركة أرامكو لمصر، التى كانت تكلفتها ستدفع ولكن بتسهيلات واسعة، حتى فوجئنا بزيارة مستشار العاهل السعودى إلى إثيوبيا وزيارته لسد النهضة.
وأضاف خالد صلاح، ببرنامج "على هوى مصر" الذى يذاع على فضائية النهار one، أن الأوضاع صعبة ومتوترة فى المنطقة كلها، والأمور صعبة على جميع الدول العربية، حيث إن بلدان الخليج تحارب حربين خاسرتين فى الحقيقة، لاسيما أن الأوضاع فى اليمن ليست على هوى المملكة العربية السعودية على الإطلاق، لأن الأمور بتترتب ما بين الحوثيين المدعومين من إيران، وعلى عبد الله صالح الرئيس اليمنى المخلوع، لذلك كما أن الموقف على الأرض ليس فى صف المملكة السعودية فى هذه الحرب، وبالتالى هناك ملامح خسارة لما يجرى فى اليمن.
ما جرى فى اليمن وحلب أظهر مدى خسارة السعودية وقطر فى الحربين
وأشار رئيس تحرير "اليوم السابع" إلى أنه فى الناحية الأخرى السعودية وقطر كانتا متحالفتين فى المشهد السورى ضد بشار الأسد لأسباب مذهبية، نتيجة الدعم الإيرانى للرئيس بشار، لكن ما جرى فى حلب الأيام الماضية من الانتصارات التى حققها الجيش السورى أدت إلى إحساس السعودية بالخسارة الكبيرة هناك، مما زاد من التوتر، وكنا نظن أن هذا التوتر والتغييرات الإقليمية تقربنا من بعض أكثر، وتجعلنا نترابط أكثر، ولكن الأوضاع لا تبدو على هذا الحال، لأن زيارة مستشار العاهل السعودى إلى إثيوبيا بهذا الشكل لم تكن من باب اللياقة، وأضاف لم نقل أبدا إننا ضد أى علاقات للدول العربية مع إثيوبيا، فنحن لدينا علاقات مع إثيوبيا فى إطار مصالحنا وتوجهنا الاستراتيجى، هم لهم مصالح ونحن لنا مصالح، الرئيس السيسى اختصرها بأن لهم حقا فى إنتاج الكهرباء، ونحن أيضا لنا حق أن نعيش، إحنا سنتفهم احتياجاتهم للكهرباء، وهم عليهم أن يتفهموا احتياجاتنا من الماء، لأن هذا الأمر حياة أو موت، وبالتالى لا يغضبنا أن تكون هناك علاقات بين بعض الدول العربية وإثيوبيا، بل على العكس يهمنا أن تكون هناك علاقات بين الدول وبعضها، خاصة أننا وإثيوبيا فى شراكة واحدة لنهر النيل، ولكن هذا لا يجعلنا ننكر وجود مشكلة، وإن شاء الله ستحل سواء بالذوق أو بأى شىء آخر، لأن كل الدول لديها خيارات عديدة لحل مشاكلها.
القضية ليست فى علاقة السعودية بإثيوبيا ولكن فى توقيت الزيارة ومشهدها الاحتفالى
واستكمل رئيس تحرير "اليوم السابع": القضية ليست فى علاقة السعودية بإثيوبيا، ولكن فى اللياقة والتوقيت والشكل، النهاردة بتقطع مع مصر بطريقة جامحة لم نكن نأملها ونتمناها، فنحن نحب السعودية ونحب هذه الأسرة، ومش عايزين لما نختلف نقعد نتخانق ونشتم فى بعض رغم أنه بتحصل حاجات من هناك، لكننا يجب أن نكون أرقى من كدة، وبالتالى فرد الفعل السياسى من جانب السعودية لم يكن فى لياقته، ولم يكن شيك، يعنى تقطع معانا نحن شركاء الدم والدين واللغة والكفاح والمصير المشترك، وتحط أيدك فى أيدين طرف تانى، سوا كان إثيوبيا أو كينيا أو حتى زيمبابوى، مش دا الموضوع، ولكن المشهد لم يكن حلو، ثم مشهد زيارة السد والفرح بتاع الزيارة، خاصة وأنت تعلم أن هذا السد بيمثل، مش هنقول خطر محيق، لأن ربنا كبير وإحنا إن شاء الله قادرين نرد أى اعتداء على حياتنا، لكنك تعلم أن السد يمثل علامة استفهام كبيرة لمصر وقلقا للمصريين، وظهورك بهذا السد بهذا المشهد الاحتفالى يشكل علامة فارقة فى علاقتنا مع الإثيوبيين"، مشيرا إلى أن هذا الشكل مش لطيف ودمه مش خفيف، مش عايز أقول كيد، لكن فيه مكايدة دمها مش خفيف، والموضوع ده دفعنا لأسئلة، لأن الحقيقة مش واخدين أجوبة. مشيرا إلى أن شكل زيارة ممثل السعودية لسد النهضة وتوقيتها دفعت المصريين لطرح أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة.
مصر متزنة ولم يخرج منها لفظ سيئ رغم التحامل عليها من الطرف الآخر
مضيفًا: "مصر متزنة والرئيس فى توجه الاستراتيجى رجل مش غلاط ومصر مش غلاطة وإدارتها متزنة لم يخرج منها لفظ سيئ أو مبادرة باعتداء أو حتى تعليق دمه تقيل، حتى فى أعقد الأمور وطول الوقت مصر ماشية بطريقة محافظة وراقية ومحترمة، وما نترقبه من الطرف الآخر ومن كل الأطراف الأخرى ليس فقط السعودية التى نحترمها ونجلها مهما كان الخلاف، لكن ما كنا ننتظره هو اللياقة، فيعنى زيارتك للسد وبهذا الشك الاحتفالى عشان تغيظنى أو تضايقنى، فالحقيقة الزيارة بهذا الشكل تزعل ومزعجة، خاصة أن الصور لمستشار خادم الحرمين الشريفين تظهر سعادته وسط عمال السد، فكيف أفهم أنا هذا خاصة إنك علاقات وضيقت وبترول ومنعت واستثمارات ووقفت".
يحق لنا أن نسأل ما مصير علاقتنا مع السعودية فى ظل ما يحدث
وأردف: "هتفضل علاقتنا كشعبين قوية وهنفضل أخوات وأخوات فى الدم، ولكن يحق لنا الآن أن نسأل، ما هو مصير هذه العلاقات على هذا النحو لو فضلت الأمور كدة؟ لأننا شايفين الخيط بيتكر من هناك، ومصر مغامرتش بموقف سخيف مثلا، ومقلناش مثلا، مش شغالين فى حراسة باب المندب فى موضوع اليمن، ولم تبدأ الصحف المصرية تنشر حتى التقارير اللى بينشرها الأمريكان عن الحرب فى اليمن"، واللى بيعمله إسماعيل ولد الشيخ المبعوث اليمنى إللى بيثبت مكان الحوثيين وهو ما يعنى أن كل الفلوس اللى صرفتها السعودية وكل الشهداء فى المملكة لم يكن لهم مردود إذا ظل الحوثيون على حالهم، وبالتالى لم تكن هناك جدوى من الحرب.
الشعب المصرى يملك كرامته وقراره ولا يهمه منع البترول ولا يخضع لأى ضغط
واستكمل: "الشعب المصرى والإعلام المصرى محافظ على هدوئه واتزانه وبيقول يا رب تكون سحابة صيف، ويا رب ميكونش فى حاجة وحشة، طيب افرض فيه حاجة وحشة! دا إحنا حاربنا إسرائيل وأمريكا وحاربنا العالم، وهما المفروض يقروا الرسائل اللى حصلت الفترة اللى فاتت لما منعوا البترول، المصريين لم يجروا فى الشوارع يصوتوا، وبجد بكلم الإدارة السعودية اللى بنكن لها كل التقدير، وأرجو أن كلامى يتاخد بمحمل حرية الرأى مش بمحمل العدوان، لأننا لا نريد العدوان"، أنت لازم توصلك الرسالة أنك منعت البترول المصريين ما خرجوش فى الشارع يلطموا، لأنهم صمدوا واستحملوا بعد رفع جزئى للدعم عن البنزين، حتى لو الشعب تعب شوية بس المهم كرامته، أنت بتتكلم عن شعب أراد أن يملك كرامته وقراره، فهل أنت تضغط على الرئيس السيسى، لا أظن، لأن الرئيس نفسه لا يستطيع أن يأخذ قرارا ضد إرادة الشعب.
ليس ذنبنا خسارة السعودية وقطر فى اليمن وسوريا فلم يعرفوا الحروب سوى فى التسعينات
واستطرد: "فى قضية تيران وصنافير الأمور ماشية فى سياقها الطبيعى، وفى قضاء والإدارة المصرية لم تتراجع ولم تقم بحركات العيال إللى دمها تقيل، والإدارة المصرية متحملة نقد كبير جدا ليست فى المعارضة فقط، ولكن من كثير جدا من اللى مش فاهمين جغرافية المنطقة أو تاريخها.. وأنت ليه بتعمل معايا كدة؟ ليه مستضعفنا كدة؟ اليمن لم تحقق انتصار، وسوريا لم تحقق انتصار، طيب أنا ذنبى انك خسرت؟".هل أنا ذنبى أنكم مش خبر فى الصراعات العسكرية.
وأكد خالد صلاح، أن المنطقة الجزيرة العربية ليست خبيرة فى مسائل الصراعات العسكرية، مضيفا "أنا لا أقصد إساءة على الإطلاق، وأول حروب دخلت فى المنطقة كانت الغزو العراقى للكويت الشقيقة، وأول معرفتك بالحروب سنة 90 مع أول بداية القصف على بغداد، ومفيش خبرة كبيرة فى مسألة الصراعات العسكرية بهذا النحو، واليمن خطر ودخلت فيها بطموح كبيرة ولكنك ما حققتش ربعه، وفى سوريا المسألة مذهبية قوية جدا، وأنت بتحارب فى الموصل مع الأمريكان ضد داعش، وبتحارب فى سوريا مع داعش ضد السوريين.. لا يوجد منطق فى الصراع، فكل هذا الجموح والتصرفات والمكايدات اللى مش بنشوف ليها معنى مش منطقية".
على المثقفين والإعلاميين السعوديين أن يبادروا بالنصح لإعادة النظر فيما يحدث حتى لا تزيد الفجوة
وقال خالد صلاح: "أنا بنصح المثقفين السعوديين والكتاب السعوديين وزملائى المحترمين من الإعلام السعودى، أن يبادروا بالنصح لإعادة النظر، لأنه فى النهاية ده مش بيخدم حد إلا كل أعداء هذه المنطقة، وإحنا مش بنعمل الحركات بتاعة إثيوبيا، ومش هنبعت مثلا موفد من عندنا يقابل الحوثيين، وإحنا بنقول لحد اللحظة الأخيرة نحن حريصون على العلاقات مع المملكة العربية السعودية والشعب السعودى، وأنا بتكلم باسمى كإعلامى وباسم إحساسى بما يدور فى الشارع المصرى، ومفيش حد عاوز يخسر السعودية أبدا، لكن من ناحية تانية مفيش حد عاوز هذه التصرفات تتم فتزيد الفجوة فياخدها الإخوان والإرهابيين ويعمقوا بيها ما بين قطبين مهمين فى هذه الأمة".
هل قطر هى من تدير مجلس التعاون الخليجى؟
وعلى الجانب الآخر، استنكر خالد صلاح بيان مجلس التعاون الخليجى، الذى يدين مصر فى اتهماها لقطر بالإرهاب، مضيفًا "دا القطريين نفسهم اعترفوا أن الراجل اللى فجر الكنيسة واللى خطط للتفجير كان فى قطر، وهى مصر قالت إيه غير كده؟ وهو بعيد عن الدنيا أن قطر متهمه بالإرهاب، والأمريكان مطلعينها فى تقرير رسمى، وفلوس قطر فى كل حتة فى الإرهاب، والقطريين عندهم عجز فى الموازنة 13 مليار دولار، رغم أن عددهم 300 أو 400 ألف نسمة، وعندهم نصف ثروات العالم فى الغاز، طيب داه المبلغ ده يصلح الاقتصاد المصرى أبو 100 مليون نسمة".
وتساءل خالد صلاح: "هل يستطيع مجلس التعاون الخليجى أن يصدر بيان يدين مصر الضحية دون علم المملكة العربية السعودية، يعنى قطر اللى مشغله المجلس؟ ومشغله السعودية؟ مش مقبولة بردوا وهتعدى دى ازاى من تحت السعودية؟ أكيد البيان طلع والسعودية موافقة، يعنى النهارده السعودية بتوافق على إصدار بيان بيدين الضحية، دا إحنا اللى معتدى علينا، وإحنا اللى اضربنا فى الكنيسة واستشهد مننا ناس، والواد كان فى قطر والقطريين اعترفوا، ده كلام غريب أوى ودمه سخيف وتقيل ومش عارف إيه معناه؟".