وجاء نص البيان الختامى كالتالى:
إعمالاً لميثاق الاتحاد البرلماني العربي، وبناء على توصية اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي في دورتها (21)، واستجابة لدعوة كريمة من الشعبة البرلمانية المصرية الشقيقة ومن معالي الرئيس الدكتور الحبيب المالكي رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب المغربي، انعقد في القاهرة، عاصمة جمهورية مصر العربية، يوم 5 نيسان/أبريل 2018 المؤتمر السابع والعشرون للاتحاد.
وفى مستهل أعمال المؤتمر، استمع الضيوف والحضور العرب إلى كلمة راعي المؤتمر فخامة رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبدالفتاح السيسي الذى تشرف بإلقائها بالنيابة رئيس مجلس النواب المصري، د.على عبدالعال، رئيس الاتحاد البرلماني العربي الجديد، وفيها عبر فخامة الرئيس المصري عن الأبعاد الرمزية والتاريخية لانعقاد المؤتمر على أرض مصر، قلب العروبة النابض ودرع افريقيا الواقي التى ترتفع مآذن مساجدها وأبراج كنائسها بالدعوة إلى الحق والأفعال الخيرة. كما ألح فخامته على أهمية الدور البناء الذى ينهض به الاتحاد البرلماني العربي من أجل تعميق ثقافة حقوق الانسان ونشر مفاهيم الديموقراطية النيابية. وذلك دون أن تفوت سيادته الإشارة إلى الظروف الدقيقة والتحديات والمخاطر المحدقة بالأمتين العربية والاسلامية، والتى تتطلب مواجهتها العمل الوحدوى العربي لا نزوع بعض دولنا إلى العمل المنفرد، وخيار الحوار والحلول السياسية العقلانية والسلمية.
كما تم الاستماع إلى كلمة رئيس الاتحاد البرلماني العربي د. الحبيب المالكي الذى قدم مساهمة نقدية لواقعنا العربي عبر مختلف تعقيداته وتطوراته المتسارعة ملحاً على أهمية وضع الثقة في إطار مؤسسات العمل العربي التى لاتزال توفر الحد الأدنى من فضاء التواصل والحوار وتبادل الرأى والرؤى بين المكونات العربية، وكذا الإبقاء على ممكنات الأمل، وعدم القبول بأسباب التعثر والاستكانة، والحرص على تقوية سبل التضامن والتعاون العربيين، خصوصاً في ظل العجز التنموي في وطننا العربي المثير للقلق وتلازمه مع التعثر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي والتعليمي والمعرفي والعلمي وضعف الإشراك السياسي واستباحة الخارج وتجاوزاته وتدخلاته غير المقبولة.
وفي الاتجاه نفسه تابع المؤتمر كلمة الجهة المضيفة التى ألقاها النائب سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية فى البرلمان المصرى نيابة عن د.على عبدالعال رئيس مجلس النواب المصري والتى أسهمت في تشخيص موضوعي للمشهد العربي الراهن، وبالخصوص تصاعد الصراعات التى تمزق وحدة الصف العربي وتمس بقضية العرب الأولى وما يستتبع ذلك من تدخلات دولية وإقليمية تمس مستقبل شعوب وحدود الدول العربية، فضلاً عما تنتجه هذه الازمات من أبعاد مأساوية غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر، وما تفضي إليه من خطر التنظيمات الإرهابية والتكفيرية المتعدد.
وفي كلمة جامعة الدول العربية التى ألقاها السفير فاضل جواد الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشئون القانونية بالنيابة عن أمينها العام السيد أحمد أبو الغيط جرت الإشارة أيضاً إلى تحديات وتداعيات المرحلة الصعبة التى تمر بها أمتنا العربية وما تقتضيه هذه اللحظة من أوجه الالتزام القومي ومتطلبات المواجهة وضرورة التضامن والتصدي لخطر الإرهاب والفكر المتطرف الذى يتغذى على الأزمات وحالة الخلل السائدة.
ولم يفت المؤتمر التنويه بالدور الذى قام به د.الحبيب المالكي رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب في المملكة المغربية، وعلى القيمة النوعية المُضافة التى عزز بها تراكم العمل الوحدوى داخل الاتحاد وفي الفضاء البرلماني العربي. كما تمت تهنئة مجلس النواب المصري ورئيسه على النجاح في تنظيم واحتضان هذا المؤتمر، وذلك بالرهان على الأخ د.على عبدالعال في المزيد من تطور الاتحاد البرلماني العربي وتقوية حضوره وأدائه وإشعاعه وقدراته على التحرك والتأثير والإقناع كآلية وكإطارِ للعمل الوحدوي العربي.
وقد عكف المؤتمرعلى دراسة الأوضاع العامة لأمتنا العربية، وتشخيص مختلف أوجه الخلاف والصراع، والعمل على إمكانية تجاوزها بما يقتضيه الواجب التاريخي والأخلاقي والمسؤولية العامة التى نتحملها كبرلمانيين مسؤولين نمثل إرادة وضمائر شعوبنا ، انطلاقاً من ميثاق الاتحاد البرلماني العربي وكل ما يقتضيه ذلك من أبعاد تهدف إلى خدمة الإنسان العربي، وسنّ القوانين والتشريعات خدمة للصالح العام والمواطن العربي على حدٍّ سواء.
وذلك مع ما تُمْليه الضرورة ويقتضيه الواقع بأن تكون البرلمانات فضاءات فعّالة تقوم بمهامها على أكمل وجه محققةً وظائفها ودورها في تطوير أمتنا العربية وتقدمها ورقيّها، وفي المساهمة في إيجاد حلول جدية وواقعية لمشكلاتها بما يضمن استقرارها ونموّها ورفاهها، بعيداً عن الصراعات كيفما كانت طبيعتها، وأن يكون الحوار سبيلاً وحيداً لذلك.
وانطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقنا:
1- يؤكّد المؤتمر أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية، إذ لا يزال الشعب الفلسطيني يعاني من الاحتلال الاستيطاني على الأرض والبشر والمقدسات. ويجدد دعمه اللامتناهي للشعب الفلسطيني في نضاله الوطني المشروع الذي كفله القانون الدولي ومختلف الشرائع والشرعيات من أجل الوصول إلى تحقيق حقوقه البديهية والمشروعة في إقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات ذات الصلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
يستنكر المؤتمر ويدين بشدة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته وممتلكاته بجميع أشكالها، كما يدين الاستيطان المتغطرس اللامحدود وبغير وجه حق على أرض لا حق له فيها. كما يطالب المؤتمر دول العالم أجمع، وبالأخص دول القرار في مجلس الأمن المنصفة وكذا دول الاتحاد الأوروبي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف جرائمه المادية والمعنوية والرضوخ للإرادة الدولية المجسدة بقراراتها وبالقانون الدولي، وأن يلزم الاحتلال بتنفيذها بأسرع وقت لرفع المعاناة ووقف الاعتداءات وإعادة الحقوق جميعها للشعب الفلسطيني في أرضه وحريته وقراره.
يؤكد المؤتمر أيضاً على حق عودة الشعب الفلسطيني في الشتات إلى أرضه التي طُرد منها استناداً إلى القرار 194، وأن يعيشوا في ديارهم في دولة مستقلة ذات سيادة تامة.
يشدد على بذل الجهود كلها لوضع حدٍّ لسياسة التهويد التي يتبعها الاحتلال بحق مدينة القدس الشريف وتغيير ملامحها العربية والإسلامية والمسيحية، ومنعاً لتزوير التاريخ، وإيقاف طرد الفلسطينيين منها عبر سياسة هدم المنازل وعدم إعطاء التراخيص للبناء، والحيلولة دون أبسط شروط حياة يومية عادية وكريمة.
2- يدين المؤتمر ويستنكر بشدة قرار الرئيس الأميركي ترامب بالاعتراف بالقدس الشريف كعاصمة للاحتلال، متجاوزاً وخارقاً جميع الاتفاقيات ذات الصلة، غير آبه بالدعوات العربية والدولية لإلغاء القرار خدمة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية، ومن ثم إعلان نقل السفارة وتحديد موعده بمنتصف شهر ايار/مايو 2018، متزامناً مع ذكرى النكبة وإعلان قيام كيان الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين اغتصاباً وعدواناً.
3- يجدد المؤتمر موقف الاتحاد البرلماني العربي الذي سبق أن اتخذه في المؤتمر الطارىء في الرباط باعتبار الولايات المتحدة الأميركية دولة منحازة، ولم تعد وسيطاً نزيهاً في عملية السلام ما دامت تنتهج سياسة أحادية في قراراتها، غير محايدة في نتائجها إلى الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعل عملية السلام في الشرق الأوسط في مهب الريح، ويفتح المنطقة على مستقبل مظلم يتهدده العنف والتطرف الفكري والعقائدي والنزعات الدموية العمياء.
وفي هذا السياق، يتوجه المؤتمر بالتحية والتقدير إلى إخوتنا في المجموعة الجيوسياسية العربية داخل الاتحاد البرلماني الدولي التى تقدمها د. على عبدالعال، في الدورة الـ 138 لمؤتمر هذه المنظمة الوازنة في جينيف، خصوصاً منهم الإخوة في الكويت والبحرين وفلسطين على مابذلوه من جهد مثمر في اقناع زملائهم برلمانيي العالم بعزل وإدانة قرار الإدارة الأمريكية الذى يمس بالوضع الاعتباري والقانوني لمدينة القدس ومركزها ومقدساتها انتصاراً للقضية الفلسطينية وافاق النضال الوطني الفلسطيني المشروع.
4- يشدد المؤتمر على توحيد الموقف العربي تجاه قضايانا الكبرى من أجل مخاطبة العالم بلغة مشتركة، لتكسب الأهمية التي يجب أن تحظى بها في وطننا العربي وأمام دول العالم وفي المحافل الدولية؛ وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بما يضمن حشداً للرأي العام العالمي معنا، من أجل تحقيق أهدافنا كأمة عربية لها قضايا مشتركة مصيرية.
5- يؤكد المؤتمر على دعم محاربة الإرهاب بكل أشكاله في وطننا العربي، وتسخير كل الطاقات الممكنة والمتاحة في سبيل ذلك والعمل على تجفيف ينابيعه واستئصال جذوره الفكرية والمادية أياً كانت، كي لا يجد بيئة حاضنة له يجعلها منطلقاً لأعماله الإجرامية ولفكره الهدّام.
6- يعمل المؤتمر بكل ما أوتي من إمكانات لوضع حدّ لكل أشكال التوتر والصراع والعنف التي تمر بها أجزاء عزيزة من وطننا العربي، وأن يكون الحوار البنّاء سبيلاً لحل الخلافات والصراعات والمشكلات، وأن تسخّر الطاقات في خدمة البناء والإعمار. فما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرّقنا من قيم ومبادىء وروابط اللغة والدين والثقافة ووحدة المصير.
7- يؤكّد المؤتمر على تقديم وتوفير مختلف أوجه الدعم للاجئين والنازحين العرب من ديارهم بسبب الحروب والتوترات، ويشدد على تقديم الدعم الاقتصادي للدول العربية الشقيقة المستضيفة لهم لتستطيع الإيفاء بواجبها الأخلاقي والإنساني تجاههم، والعمل على إعادتهم إلى ديارهم بكرامة، ووضع حدّ لمعاناتهم في المسالك البحرية ومراكب الموت.
8- يعمل الاتحاد على عمل وحدوي بين دول أمتنا العربية فيما يخص التشريعات غير الخلافية لتكون منطلقاً لعمل مشترك على قضايا أخرى فيها خدمة للمواطن العربي، ولمستقبل مشترك للجميع.
9- ويؤكد المؤتمر على ضرورة إيجاد إطار اقتصادي مشترك داعم للاقتصاد العربي بما يحقق سوق عمل يستوعب العمالة العربية كي تستثمر الأمة العربية طاقاتها المنتجة كفاءاتها، وأن تسخّر العقول للتطوير والتقدم على جميع المستويات، خصوصاً ونحن نرى إلى أي حد تهدر غبداعات وانتاجات الشبيبة العربية في بلدان المهجر والاغتراب، وكيف تساهم مساهمةً فعالة في دعم اقتصادات الأقطار الأخرى، وذلك بالرغم من حجم الاستثمارات التي بذلت في تكوينها في أوطانها الأصلية.