ينشر "برلمانى"، نص كلمة الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، فى افتتاح القمة الخامسة لرؤساء البرلمانات للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وتقام لمدة يومين بمقر مجلس النواب المصرى، ويتولى "عبد العال" رئاسة الجمعية.
وجاءت نص كلمة رئيس مجلس النواب ورئيس الجمعية كالتالى:
أصحاب المعالى السيدات والسادة/ رؤساء البرلمانات والوفود المشاركة
الحضور الكرام
يطيب لى ابتداء أن أستهل كلمتى بالإعراب عن سعادتى البالغة بهذا اللقاء البرلمانى المتوسطى، وتقديرى العميق لكون أصدقائنا وأشقائنا فى جمعيتنا البرلمانية هذه منحونا شرف استضافة هذه القمة، على أرض مصر الطاهرة، مصر فجر الضمير الإنسانى، ومركز التاريخ الروحى، وملتقى الحضارات الأعظم فى تاريخ البشرية، ومهد الأديان والثقافات.
لقد كان موضوع مؤتمرنا الرئيسى لهذا العام عن البحث فى سبل مكافحة الإرهاب والتطرف فى منطقة الأورومتوسطى، فالتهديد الإرهابى أصبح ظاهرة شديدة الخطورة على أمن واستقرار بلداننا جميعا.
وإننى أتطلع إلى أن يكون لجمعيتنا البرلمانية، بفضل مساهماتكم وآرائكم وأنشطتكم، بصمتها الواضحة فى تطوير آليات التعاون بين دول منطقتنا من أجل مناهضة الإرهاب والقضاء على تداعياته، وهنا فإننى أتوجه إليكم بالرسائل الآتية:
الرسالة الأولى: تتعلق بنا كشركاء فى البحر المتوسط، أحد قنوات اتصال الحضارة المصرية القديمة بالعالم، وهو ما يفرض علينا حمايته ويتطلب من دولنا التعاون متعدد الأطراف: سياسياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً، وخاصة فى مجالات العلوم والتكنولوجيا بين جانبى المتوسط، والتنسيق والتواصل مع السلطة التنفيذية فى بلداننا لمواجهة الأخطار والتحديات التى تتخطى الحدود وتهدد بعض بلدان المتوسط والتى يأتى فى مقدمتها الإرهاب الذى يبعث الرعب ويزعزع الاستقرار والمساس بحياة الأبرياء.
والرسالة الثانية: تتعلق بالهجرة غير الشرعية التى أصبحت من القضايا الملحة فى السنوات الأخيرة نتيجة للحروب والاضطرابات السياسية والاقتصادية فى بعض بلدان العالم، إذ أضحى الملايين من البشر يهاجرون بحثاً عن الأمن بعد أن أصبحت حياتهم مهددة فى بلدانهم الأصلية، ولقد كانت مصر من أوائل الدول التى عانت من ظاهرة المهاجرين واللاجئين، ولهذا فقد نجحت فى إصدار قانون مكافحة الاتجار فى البشر وقانون مكافحة الهجرة غير الشرعية الذى أعطى اهتماماً خاصاً للمهاجرين من الأطفال، وفى هذا الصدد فإن دورنا كبرلمانيين العمل على مراجعة التشريعات ذات الصلة لتلائم أوضاع المهاجرين والتأكد من أنها ضد الكراهية والتمييز.
والرسالة الثالثة: تتعلق بالقضية الفلسطينية التى كشفت عن فشل النظام الدولى فى تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتسوية هذه القضية على أسس ومرجعيات دولية لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، ولاشك أن تحقيق السلام فى هذه المنطقة من شأنه أن ينزع عن الإرهاب إحدى الذرائع التى طالما استغلها.
ومما يفاقم من خطورة ظاهرة الإرهاب، وتداعياتها السلبية على دولنا ومجتمعاتنا أن الإرهاب بات يتخفى خلف ستار الدين، ويستحل سفك الدماء التى حرم الله إلا بالحق، رافعاً لواء الدفاع عن حقوق شعوب مقهورة لم تنتدب إرهابيين كى يتحدثوا باسمها أو يمثلوا ضميرها، ومن الخطأ الشديد أن نربط الإرهاب بثقافة دون غيرها أو دين دون غيره.
وفى هذا السياق، تسعى مصر بكل إمكاناتها الثقافية والحضارية لممارسة دورها التاريخى فى صياغة رؤية للسلام والاستقرار فى منطقتها والعالم، وهى فى سبيل ذلك تخوض حربا شرسة ضد كافة عناصر الظاهرة الإرهابية، وتتحمل من أجل هذا أغلى ما تملكه الأوطان، دماء زهرة شبابها، وآلام وعذابات الأسر المصرية التى تفقد فلذات أكبادها، وأعباء اقتصادية جسيمة، ولعلكم جميعا تتابعون - حاليا - العملية العسكرية الشاملة سيناء 2018، التى ينفذها الجيش المصرى بنجاح بالتعاون مع الشرطة الوطنية لدحر قوى الإرهاب فى سيناء.
وعلى المستوى التشريعى، واتساقاً مع التوصيات العالمية بضرورة وضع تشريعات وطنية للتعامل مع ظاهرة الإرهاب، صدر قانون الإرهاب الذى قدم نهجاً شاملاً فى التعامل مع الظاهرة الإرهابية، من حيث تعريفها، والاشتراطات التى يعد توافرها سبباً فى تصنيف عمل ما باعتباره عملاً إرهابياً، وكان من بين التدابير المهمة التى نص عليها القانون الالتزام بالاشتراك فى دورات إعادة التأهيل قبل خروج المتهمين المفرج عنهم إلى ممارسة حياتهم الطبيعية فى المجتمع مرة أخرى، كما صدر أيضاً قانون الكيانات الإرهابية الذى انضوى على إعداد قوائم لما يعتبر كياناً أو شخصاً إرهابياً وذلك بهدف تجفيف منابع تمويل هذه الكيانات الإرهابية ووقف أنشطتها وتجميد ممتلكاتها.
السادة الحضور الكرام،
نحن مطالبون بتطوير الأساس التشريعى لأوطاننا، بما يتسق مع التزاماتنا الوطنية والدولية، ومراجعة موضوعية لجميع التشريعات والسياسات العامة، والإستراتيجيات والممارسات الوطنية الرامية لمكافحة الإرهاب، للتأكد من فاعليتها، ومعالجة سلبياتها، وتعظيم نقاط القوة بها، كل ذلك فى إطار من الشراكة وتبادل الخبرات والمعلومات.
مرةً أخرى، أجدد الترحيب بكم جميعاً فى القاهرة، وآمل أن تكون إقامتكم طيبة، وأن تكلل فعاليات مؤتمرنا هذا بالنجاح على طريق تعزيز إرادتنا المشتركة، والمزيد من التقارب والتعاون والحوار فى أفقنا المشترك.