أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن مصر لم ولن تخذل أمتها العربية أبدًا مهما كانت الظروف، وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن ملف صيانة وتعزيز الأمن القومي العربي يأتب على رأس أولويات الدولة المصرية في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو 2013، وقد تزامن هذا الحضور القوي لملف الأمن القومي العربي على رأس أولويات صانع القرار المصري مع تنامي حجم المهددات التي كانت المنظومة العربية تواجهها ولا تزال.
وذكرت أن استعادة دور مصر ومكانتها على المستوى الإقليمي والدولي، جاء في ظل سياق مضطرب تشهده المنطقة العربية، وهو السياق الذي اتسم بوجود العديد من المهددات التي تواجه الأمن القومي العربي، الأمر الذي زاد من حجم التحديات التي تواجهها الدولة المصرية، خصوصًا وأن هذه التهديدات ارتبطت بالمجال الحيوي لمصر والذي تشتبك معه وتتأثر به من المنظور الجيوسياسي.
ولفتت إلى أن الدولة المصرية امتلكت مقاربة واضحة المعالم للتعاطي مع مهددات الأمن القومي العربي، قامت على جملة من الركائز الأساسية، وذلك على النحو التالي:
1- محورية “الدولة الوطنية”: أحد المحددات الرئيسة الحاكمة لتعاطي مصر مع أزمات المنطقة في السنوات الأخيرة؛ إذ سنجد أن الخطابات الرسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذا المواقف المعلنة من خلال وزارة الخارجية، كانت تشدد دائمًا على أولوية الحفاظ على الدولة الوطنية وإعادة بنائها، باعتبار ذلك ركيزة أساسية لأي حلول مستقبلية.
2- رفض التدخلات الخارجية: أكدت مصر ولا تزال منذ سنوات على رفض أي تدخلات خارجية في شؤون الدول العربية، وهو موقف يأتي في ضوء اعتبارات دستورية وقانونية دولية بالأساس تؤكد على هذا المعنى وتؤكد تعارض التدخلات الخارجية مع مبدأ سيادة واستقلال الدول، فضلًا عن كون هذا الموقف يتسق والرؤية المصرية لقضايا الإقليم والتحديات التي يواجهها في السنوات الأخيرة، وهي الرؤية التي تنظر إلى التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية على أنها أحد العوامل الرئيسة المحفزة لحالات عدم الاستقرار.
3- تعزيز التعاون الأمني العربي: أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة منذ حملته الانتخابية الأولى في العام 2014 وحتى اليوم على أن “أي تهديد لأحد الدول العربية يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري”، وطرح الرئيس في أكثر من مناسبة فكرة تشكيل قوات عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب، وسعى إلى تشكيلها في إطار الجامعة العربية. وكذلك قد لعبت مصر دورًا مهمًا فيما يتعلق بتأسيس المنتدى العربي الاستخباري في 2021 والذي احتضنته مصر بوصفه أداة لتنسيق الجهود الاستخباراتية في مواجهة مهددات الأمن القومي العربي.
4- مركزية القضية الفلسطينية: مصر استطاعت عبر أنماط عديدة من التحركات أن تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية، وأن حل هذه القضية على أسس الشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية تعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأكدت الدراسة على أن ملف الأمن القومي العربي كان حاضرًا على رأس أولويات تحركات الدولة المصرية الخارجية في السنوات العشر الأخيرة، وقد تحول إلى عقيدة راسخة تحكم عمل مؤسسات الدولة المصرية الخارجية والأمنية، بما يتسق والمكانة الجيوسياسية والاستراتيجية للدولة المصرية، بوصفها “قطب القوة الإقليمي الأساسي في العالم العربي.