كتبت إيمان علي
شهدت الفترة الأخيرة، سلسلة من اللقاءات والزيارات لمصر للتباحث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن مستجدات الملف الفلسطيني وما يشهده من توترات، وكان آخرها استقبال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، بحضور الوزير عباس كامل رئيس المخابرات العامة، وذلك كجزء من حالة التنسيق الكبيرة على المستوى الثنائي منذ اندلاع التصعيد الراهن في 7 أكتوبر الماضي، وهو الدفع باتجاه استدامة إدخال المساعدات لقطاع غزة، ووقف إطلاق النار، وصولًا إلى حل أزمة المحتجزين الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية وفق مقاربة يتم الاتفاق عليها.
وأكد تقرير للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن اللقاء حمل عدد من الاعتبارات الرئيسة، سواء تلك المتعلقة بما يعبر عنه من دلالات خاصة بمستوى التنسيق الكبير بين الجانبين المصري والأمريكي، أو بعض الاعتبارات المرتبطة بالظروف والسياق الذي يأتي فيه اللقاء، خصوصًا مع توسع الحرب الإسرائيلية في غزة، وما حمله ذلك من تداعيات كارثية على كافة المستويات، بما يمثل تهديدًا كبيرًا لا يقتصر مداه على حدود الداخل الفلسطيني، بل يمتد ليشمل الأمن الإقليمي ككل.
وأكد التقرير على أن هناك ثوابت للموقف المصري من التصعيد في غزة، حيث تنطلق مصر من رؤية واضحة ترفض مخططات التهجير الإسرائيلية التي تتم بحق الفلسطينيين، انطلاقًا من كون هذا التهجير يمثل تصفية للقضية الفلسطينية، قبل أن يمثل تهديدًا للأمن القومي والسيادة المصرية، كذلك تؤكد مصر أن دورة التصعيد الراهنة سوف تستمر ويتم إعادة إنتاجها بين الحين والآخر ما لم يتم الدفع باتجاه حلول جذرية للأزمة متمثلةً في ضرورة حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى رفض مصر للجرائم التي تتم بحق الشعب الفلسطيني مع تنامي أوجه التصعيد الإسرائيلي.
وقد ترجمت مصر هذه الثوابت في صورة بعض أنماط التحرك التي تبنتها، سواءً من خلال تكثيف معدلات التنسيق مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالأزمة والمنخرطة فيها بشكل أو بآخر، وهو التنسيق الذي ركز بشكل أساسي على الدفع باتجاه وقف إطلاق النار، كما مارست مصر ضغوطًا متعددة الأبعاد للدفع باتجاه إدخال المساعدات الإنسانية في قطاع غزة واستدامة عملية إدخالها.
وتطرق التقرير إلى محورية الدور المصري في الأزمة الراهنة، وهو ما أكد عليه مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وسط ما تلعبه مصر في ثنايا الأزمة الراهنة، وهو الدور الذي ساهم بشكل أو بآخر في تغيير بعض الرؤى الغربية تجاه التصعيد الراهن، وانتقال بعض الدول من مقاربة “الدعم المفتوح” لإسرائيل، نحو تبني رواية أخرى تقوم على ضرورة وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ووقف استهداف المدنيين، وهو ما تجسد بشكل واضح في الحالتين الفرنسية والأمريكي.