اهتمت الصحف الأجنبية، ومراكز الأبحاث بوضع الاقتصاد المصرى، بعد قرار حكومة المهندس شريف إسماعيل تعويم الجنيه، واتخاذ عدة إجراءات للقضاء على السوق الموازية للدولار، وحصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى، مشيرة إلى أن حالة الاضطراب المتفاوتة التى يشهدها الاقتصاد فى الوقت الحالى سيتبعها انفراجة لافتة.
وأجمعت 4 تقارير نشرتها صحيفتان بريطانيتان، ومركز أبحاث أمريكى، فضلا عن موقع "جلف نيوز" الصادر بالإنجليزية، على أن هناك عدة مؤشرات على انفراجة كبرى فى الاقتصاد على الرغم من حالة الاضطراب ونقص السلع وارتفاع أسعارها فى الوقت الحالى.
أول هذه التقارير، جاء من صحيفة تليجراف البريطانية، التى قالت إن قرار تعويم الجنيه يعد "انتقالا مؤلما"، ومن المرجح أن يتسبب فى ارتفاع نسبة التضخم إلى 20%، لكن ذلك سيتبعه انفراجة فى الاقتصاد المصرى.
وقال تقرير "تليجراف"، إن إقدام الحكومة المصرية على تعويم الجنيه جاء بسبب تراجع مصادر النقد الأجنبى، وكذلك تراجع معدلات السياحة المصرية، فضلا عن سعى الحكومة إلى قرض صندوق النقد الدولى، الذى يشكل ضرورة ملحة لإنجاز العديد من المشروعات، وتوفير احتياجات المواطنين من السلع.
وأشاد التقرير البريطانى بالإجراءات التى تتخذها الحكومة، إلا أنه ذكر على لسان ديفيد باتر، زميل مركز تشاتام هاوس، المعنى باقتصاديات الشرق الأوسط، قوله: "بعد ثلاث سنوات من الآن فإن الحكومة تأمل فى أن تسير الأمور بشكل أحسن، ولكن فى الوقت نفسه نجد أن هذه الأمور صعبة ومن المحتمل أن تزداد صعوبة".
بدورها، قالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، إن قرض صندوق النقد الدولى المقسم على 3 سنوات والمقدر بـ12 مليار دولار (ما يقارب 192 مليار جنيه مصرى) سوف يسد احتياجات الحكومة من الواردات ويقلل من تأثير تعويم الجنيه المصرى وخفض دعم الوقود، وهى مطالب وضعها الصندوق كشرط لتأمينه القرض.
وأضاف تقرير الصحيفة البريطانية المنشور السبت، إن القرض يمثل بداية جيدة يجب أن يتبعها تحول جذرى فى الاقتصاد المصرى وليس مجرد محاولة الوصول إلى الاستقرار، مشيراً إلى الصدى الإيجابى الذى حققته اتفاقية صندوق النقد فى سوق البورصة التى ارتفعت أسهمها بشكل كبير لم يحدث منذ العام 2008، مضيفا أن الاتفاقية فتحت الأبواب أمام الدولارات التى تم ادخارها لتعود إلى السوق لتقلل من أثار نقص السلع، هذا إلى جانب ارتفاع ثقة الاستثمار المحلى والأجنبى.
ويرى تقرير "فاينانشيال"، أن مصر فى حاجة ماسة إلى برنامج صندوق النقد الدولى، مردفا أنه فى حالة سير الأمور كما هو مقرر، قد يشهد الاقتصاد الكلى المصرى تحسنا، لكنه تحسن تدريجى، سيتبعه تقدم ملحوظ إذا ما تم تفكيك آليات الاقتصاد المتحجرة، والتى تفادت الإصلاح لعقود طويلة، مشبها الاقتصاد المصرى باقتصاديات دول شرق ووسط أوروبا قبل انهيار جدار برلين فى ثمانينيات القرن الماضى.
ونصح التقرير الحكومة المصرية بتغيير اقتصادها بشكل كلى، بوضع الأولية للقطاع الخاص المتنافس، وتسهيل القوانين المتحكمة فى الاستثمار، لخلق مزيد من فرص العمل لعدد كبير من الشباب الذين ينضمون سنويا إلى سوق العمل المصرى، وإعادة تعريف دور الدولة فى الاقتصاد، واستكمال عملية خصخصة القطاع العام.
وقال التقرير إن عمليات الاصلاح الاقتصادى تتطلب مناخ سياسى مستقر، ناصحا إدارة الرئيس المصرى بالسعى فى الطريقين، مناشدا المجتمع الدولى بمساندة مصر ماليا فى حال اتخاذها طريق الإصلاح الاقتصادى والسياسى.
وفى دراسة أخرى نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قال المحلل البارز إريك تراجر، إن الحكومة المصرية تعلم أن إجراءات الإصلاح الاقتصادى سيتبعها "ألم مرير"، لكن الشعب المصرى بات يدرك أن الاحتجاجات ستزيد الوضع سوءًا، وأن القرض الأخير بدد منطق الدعوات للتظاهر فى 11 نوفمبر.
وأشار تراجر ،إلى أن قرض صندوق النقد الدولى أعطى الحكومة المزيد من الوقت لتسلك الطريق الصحيح، مشيراً إلى أن هناك العديد من المؤشرات الإيجابية التى بدأت تظهر بتدفق العملات الصعبة حيث وصلت إلى 1.5 مليار دولار، لكن استمرار الحفاظ على هذا التدفق يتطلب المزيد من الإصلاحات الاقتصادية.
وفى الختام، قال موقع "Gulf News" الصادر بالإنجليزية، إن المستثمرين وجدوا "نقطة مضيئة نادرة" فى السوق المصرية، كسوق ناشئ بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن أداء مؤشر البورصة المصرية كان بين الأفضل أداء فى العالم بعد تصويت 8 نوفمبر فى الولايات المتحدة.
وأشاد الموقع بقرار التعويم، قائلا: "إن تخفيض العملة لم يكن حلا كافيا لمغازلة المستثمرين"، لافتا إلى أن تحرير سعر الصرف نجح بالفعل فى جلب 2.7 مليار جنيه مصرى أى ما يعادل 163 مليون دولار إلى أسهم الدولة من الخارج خلال شهر نوفمبر، وهى النسبة الأعلى منذ أغسطس 2013.
وقال أندرو شولتز، المحلل فى Investec Securities فى جنوب أفريقيا، والذى أفاد بوجود زيادة فى الطلب لمصر من قبل العملاء، إن "التقلبات تعنى الفرص، ونحن نجد ذلك فى أسواق مثل مصر، ونرى ارتياح المستثمرين حيال قرار السلطات بتعويم العملة".
وأضاف: "الآن السوق المصرى أصبح سوقا يمكن للمستثمرين أن يتخذوا قرارات بناء على أساسيات وليس على احتمالية تحقيق المكاسب بسبب سعر الصرف المبالغ فيه".