كشفت التقديرات الأولية إلى أن الاقتصاد غير الرسمى أو الاقتصاد الموازى فى السوق المصرى، بلغ نحو 2.2 تريليون جنيه، أى بما يعادل تقريبًا حجم الاقتصاد الرسمى الذى قدرته الحكومة المصرية بإجمالى 2.8 تريليون للناتج المحلى، وهو الأمر الذى احيا فكرة تقنين الاقتصاد غير الرسمى لتستفيد الدولة من 330 مليار جنيه ضرائب مهدرة، وفقًا لتقديرات اتحاد الصناعات فى دراسة حول الاقتصاد الموازى.
الدمج بين نوعى الاقتصاد يحتاج إلى جراحة بالغة الخطورة، حيث من المتوقع أن يخلق انهيار هذا الاقتصاد الموازى، بطالة جديدة فى السوق المصرى تزيد على 4 ملايين شخص وفقًا لدراسة أعدها الجهاز المركزى للإحصاء حول عدد العاملين خارج المنشآت الرسمية.
ما هو رأى رؤوس الأموال العاملة فى الاقتصاد الموازى حول الانتقال الآمن لهذا الاقتصاد من الظل إلى النور؟
إعفاءات ضريبية وجمركية إلى جانب دعم للطاقة وضمان التنافسية فى الأسواق، وفتح أسواق جديدة، كلها مطالب ينادى بها من يقفون على ماكينات اقتصاد الظل الذى عاد الحديث عنه مجددًا بعد مناقشته فى مؤتمر الشباب نهاية أكتوبر الماضى.
يقول أحد أصحاب المصانع داخل منطقة باسوس إحدى قلاع الاقتصاد غير الرسمى، طلب عدم ذكر اسمه، إنه مستعد لإدراج مصنعه داخل القطاعات الرسمية، "لأن ذلك سيفتح أمامه فرص أكبر"، لكنه يخشى أن لا يحصل على الامتيازات التى يحصل عليها المستثمرين الكبار وينتهى به الأمر إلى خسارة كل أمواله فى الضرائب والكهرباء.
وطالب بتوفير الطاقة لمصنعه بأسعار تعادل كبار المستثمرين، لأنه وفقا لما يراه الدعم ليس من المفترض أن يكون للكبار فقط بل لصغار المصنعين والمصانع المتوسطة حتى تساعدهم الدولة للنمو وتحقيق أرباح تساعد فى استمرار ما وصفه بـ"فتح بيوت آلاف العاملين".
المطلب الثانى الذى اشترطه، هو توفير الإعفاءات الجمركية اللازمة لفتح الأبواب أمامه للخروج إلى الدول المجاورة بل العالم كلهن من أجل جمع المخلفات البلاستيكية من المصانع لإعادة تدويرها فى مصر تمهيدا لإعادة تصديرها، مشيرا إلى أن عدد من كبار المستوردين يتحكمون فى دخول المخلفات البلاستيكية من الخارج ومع تزايد أزمة الدولار اختفت هذه المخلفات من السوق.
صاحب مصنع آخر بالمنطقة نفسها، طلب عدم ذكر اسمه، قال إن هناك ضرورة لدعم المصانع بماكينات متطورة وتقسيط أسعارها، كما طالب بضرورة توفير قروض بفائدة قليلة، "نحن الآن نعتمد على قروض الجمعيات بفائدة 0 % ولو دعمتنا الدولة بقروض بفائدة منخفضة وتسهيلات للسداد ستستطيع المصانع على رفع حجم إنتاجها".
صاحب مصنع للأثاث فى دمياط - طلب عدم ذكر اسمه - قال إن العاملين فى الصناعة أغلبهم خارج إطار الاقتصاد الرسمى، لكنهم على استعداد أن يدخلوا إلى دائرة هذا الاقتصاد بشرط أن تدعم الدولة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وليس محاربتها فى ظل احتكار البعض لتجارة الأخشاب فى غفلة من الدولة، وتوقف الأثاث المصرى عن المنافسة العالمية بسبب غياب الدور التدريبى وعدم مساعدة الدولة فى تحديث الصناعة.
أحد تجار الفواكه والذى تمتد تجارته عبر 6 محافظات على مستوى الدلتا - طلب عدم ذكر اسمه- أكد أنه على استعداد بأن يتقدم لاستخراج بطاقة تجارية، وأن تخضع تجارته للضرائب بشرط أن تستخدم الدولة علاقتها لفتح أسواق للفاكهة المصرية على مستوى العالم.
كما طالب بضرورة مساعدة الدولة للفلاحين لتطوير الزراعة وإنشاء مصانع للأسمدة محلية الصنع بكفاءة تتساوى مع المستورد، حتى تعود الفاكهة المصرية للمنافسة العالمية، كما طالب بأن يكون هناك رقابة على المبيدات والأسمدة المسرطنة والتى لا تؤثر فقط على صحة المواطنين بل تساعد بعض التجار على الجشع واستخدامها فى نضج الفاكهة فى وقت سريع، مما يضرب معادلة المعروض فى مقابل المطلوب فيتسبب فى خسائر كبيرة.
أحد عمال اليومية "طلب عدم ذكر اسمه" أكد أنه على استعداد أن يدفع ضرائب على كل دخله بشرط أن تقوم الدولة بالتأمين عليه دون الحاجة لصاحب عمل يؤمن عليه لأنه لا يعمل لدى شخص ثابث فكل يوم لدى شخص مختلف.
على الجانب الآخر يرى النائب عمرو الجوهرى وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن ضم الاقتصاد الموازى لن يكون بالأمر الهين نظراً لوجود بعض الفئات العاملة التى تقوم صناعتهم على المنتجات المقلدة ولا يمكنهم الانضمام للإجراءات الرقابية، وكذلك هناك أفراد لا يريدون الانضمام للنظام الضريبى لأنهم يرون أنهم يربحون بهذه الطريقة بشكل أكبر، كما أنهم لا يفهمون العلاقة بينهم وبين الدولة كيف تكون وما الواجبات والحقوق.
الجوهرى أشار إلى أن الحكومة تعتقد أن الاقتصاد الموازى "كنز على بابا الذى ستفتحه فيعود عليها بالمليارات"، لكن فى الحقيقة الأمر ليس مقدراً بشكل جيد بسبب عدم قدرة هذا الاقتصاد الموازى على إنتاج صناعات كاملة وفى النهاية تدخل مخرجات هذا الاقتصاد الموازى فى الاقتصاد الرسمى من خلال منافذ بيع مرخصة أو كمدخلات لمصانع أخرى مرخصة.
وأكد "الجوهرى" أن اللجنة الاقتصادية فى البرلمان تعمل على دراسة قانون الاقتصاد الموزاى، مشددا على أن المناقشات ستأخذ وقتاً طويلاً نظراً لتعقد الأمر وهو ما يلزم دراسة حلول كثيرة للاستفادة من هذا الاقتصاد دون خلق بطالة جديدة، مؤكدا أن البرلمان يعمل أيضا على خلق بيئة جيدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة حتى لا يلجأ صغار الصناع لهذا الاقتصاد الموازى.