كتب أحمد الجعفرى
رجل عجوز أشعث الرأس مُهترئ الملابس يفترش الأرض، تكسو ملامح وجهه سمرة مصرية بسيطة، وتجاعيد حملت فى عمقها آلامه ومعاناته، لعله مشهد متكرر كثيرًا، وقد تمر عابرًا به فى كثير من شوارع وميادين القاهرة، أو غيرها من ميادين مصر، ومن كثرة ما تعبر عليه قد لا يستمر المشهد فى ذاكرتك طويلاً، وسيطويه النسيان سريعًا تحت وطأة الحياة ومشاغلها، ولكن آخرين من الناس دفعتهم غريزتهم الإنسانية وحب الخير للتصرف بشكل آخر.
مجموعة من الشباب تراوحت أعمارهم بين الـ20 والـ27 سنة، كانوا فى طريقهم إلى منازلهم، واسترعى انتباههم مشهد رجل يبدو من الوهلة الأولى فى الستين من عمره، وليس أدل على ذلك من تجاعيد وجهه جسده الهزيل والشحوب البادى عليه، كان مستلقيًا على جانب الطريق، فقرروا معا أن يغيروا حياة ذلك الرجل، وأن يعلوا شعار "اعمل الخير وارميه البحر".
اصطحب الشباب الرجل بعدما تحدثوا معه قليلاً وتوجهوا به إلى أقرب حلاق، لتهيئته وتهذيب شعر رأسه ولحيته، وبالفعل تفنن الحلاق فى ممارسة مهنته، حتى أعاد الرجل العجوز إلى سن الشباب مجدّدًا، ليظهر عمره الحقيقى، فالواضح أنه فى أوائل الخمسينيات من عمره، بعدها استطاع الشباب أن يوفروا له ملابس من أهل الخير، وأمام كل هذا بدا الرجل مذهولاً من كرم الشباب وعطفهم عليه حتى كادت دمعته أن تسقط.
حرص الشباب عقب الانتهاء من مهمتهم على التقاط مجموعة من الصور التذكارية مع صديقهم الجديد، ورفعوها على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وتداولها عدد من النشطاء ورواد الموقع مصحوبة بتعليقات مندهشة من حجم ما أنجزوه وداعية لتعميم التجربة وأن يحذو حذوها الجميع.