عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً افتراضيًا مساء اليوم، مع عدد من المستثمرين الأجانب، وذلك بحضور أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات العامة، ورامى أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزى، وكريم عوض، الرئيس التنفيذى لشركة "إى إف جى هيرميس" القابضة، وأكثر من 200 مستثمر عالمى من 110 شركات استثمارية فى قطاعات مختلفة، ويشمل عدد 59 مستثمراً من الإمارات العربية المتحدة، وعدد 37 مستثمراً من المملكة العربية السعودية، وعدد 34 مستثمراً من الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد 33 مستثمراً من المملكة المتحدة، وعدد 14 مستثمراً من جنوب إفريقيا، وعدد 28 مستثمراً من دول أخرى.
واستهل الدكتور مصطفى مدبولى، كلمته بالترحيب بالمستثمرين، معبرًا عن سعادته بالحديث مع هؤلاء المهتمين بالاستثمار فى مصر، وقال: وجودكم اليوم يدل على أهمية النقاش الذى نتطلع إليه خلال اجتماع اليوم، وكذا مناخ الاستثمار الإيجابى المستهدف تحقيقه من قبل الحكومة لدعم التقدم الاقتصادى فى مصر.
وأضاف رئيس الوزراء: أود أن أسلط الضوء على حرص مصر على تشجيع الاستثمارات، لافتًا إلى أن صفقة رأس الحكمة كانت مجرد البداية. وتابع: لذا اسمحوا لى أن أؤكد لكم فى هذه المرحلة أن أولويتنا الرئيسية هى توفير حلول للتحديات التى تواجه المستثمرين وفى أقرب وقت ممكن، بما يجعل الاستثمار سهلًا وذا عائد مجزٍ.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولى، خلال كلمته إلى أن تطوير ورفع كفاءة أداء أسواق المال لدينا وتعزيز مستويات الشفافية يُمثل أحد أهم الأولويات بالنسبة لنا.
وفى هذا السياق، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على تعزيز تواجد المستثمرين وطمأنتهم وتحسين مستويات الشفافية، فضلًا عن تطبيق سياسات اقتصادية غير متناقضة، وتقديم حلول فعالة وصياغة أطر تشريعية مستقرة، مشيرًا إلى أن كل هذه السياسات هى سياسات محورية للنهوض بأسواق رأس المال فى مصر ودعم مناخ الاستثمار بصفة عامة.
وتابع: ومع قيام صفقة رأس الحكمة بسد قدر من الفجوة التمويلية لدينا، فإننا ندرك أن مثل هذه المشاريع العملاقة يجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية، مشيرًا إلى أن هناك دعائم قوية للاستثمار فى مصر.
وقال الدكتور مصطفى مدبولى فى هذا الصدد: نحن نستهدف الوصول إلى معدل نمو قدره 7 إلى 8% سنويًا مستقبلًا مع الحفاظ على هذا المعدل بشكل مستدام، ولهذا الغرض تعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذات فائدة كبيرة بالنسبة لمصر.
وأضاف: لذلك يأتى اجتماعنا اليوم من أجل الاستماع لمختلف الرؤى والمقترحات، والتأكيد على أن تذليل العقبات التى تواجه المستثمرين يأتى على رأس أولوياتنا خلال هذه المرحلة.
وتابع رئيس مجلس الوزراء كلمته، قائلاً: نحن ملتزمون ببرنامج الطروحات المعلن عنه لعدد من الحصص فى الأصول المملوكة للدولة كالتزام رئيسى، نستهدف من خلاله زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى.
وأكد أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لمصر أن تعمل على ضمان تشكيل بيئة للاقتصاد الكلى تتسم بالمرونة والشمول والازدهار، وهذا لا يتعلق فقط بمناقشة الاتجاهات والتوقعات، ولكن يتطلب ترسيخ المبادئ الاقتصادية فى واقعنا اليوم وإشراك المستثمرين حتى تتمكن مصر من تحقيق تطلعاتها للمستقبل.
وخلال الاجتماع، أكد رامى أبو النجا، أن البنك المركزى قام بالعديد من الخطوات الإصلاحية خلال الفترة الماضية، التى أسهمت فى ضبط سعر النقد الأجنبى، وكذلك دعم السياسة النقدية، لافتاً إلى إدراك البنك المركزى لآثار التضخم على الاقتصاد المصرى، مستعرضاً جانباً من جهود البنك المركزى لضبط التضخم الذى أشار إلى أنه بدأ فى التراجع، وفقاً لمعدلات التضخم خلال الشهر الماضى.
كما تناول نائب محافظ البنك المركزى الآثار الإيجابية الناتجة عن عقد صفقة رأس الحكمة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، من حيث اتاحة القدرة لضبط سعر الصرف، وتوفير الاحتياجات الأساسية، خاصة مُستلزمات الإنتاج، بخلاف السلع الغذائية والأدوية والأعلاف.
من جانبه استعرض أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، أمام الحضور، السياسات والحوافز المالية التى تقدمها الدولة المصرية للمُستثمرين الأجانب، بجانب جهود الدولة لاتباع سياسات ضريبية ومالية جاذبة للاستثمار الأجنبى.
وخلال الاجتماع، عقبَّ الدكتور مصطفى مدبولى، على أسئلة عدد من المستثمرين المشاركين افتراضياً فى هذا الاجتماع، والتى دارت حول عددٍ من القضايا والملفات التى تشغل مجتمع الأعمال فيما يرتبط بمناخ الاستثمار فى مصر.
وفى هذا الإطار، أكد رئيس الوزراء أن الدولة قامت بدعم القطاع الخاص وتعمل على زيادة دوره واسهاماته، عبر وضع حد أقصى لاستثمارات الدولة بمبلغ تريليون جنيه فى موازنة العام المالى المقبل.
وأضاف أن الدولة قامت بتجهيز فرص استثمارية جاذبة فى عدة قطاعات رئيسية، سيتم استعراضها والترويج لها خلال مؤتمر الاستثمار المُشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى، المزمع عقده خلال يومى 29 و30 يونيو 2024، علماً بأنها تعد متاحة أمام المستثمرين العرب والأجانب.
كما أشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة ستبدأ من الأسبوع المقبل فى دفع مستحقات الشركاء الأجانب فى قطاع البترول بنسبة تتراوح ما بين 20 ـ 25%، مع التوافق على سداد باقى المستحقات بصورة تدريجية.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولى أنه لا توجد سلع محتجزة لدى الجمارك، حيث نجحت الدولة فى الإفراج عن كافة السلع لدى الجمارك المصرية.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة تقوم بجهود دؤوبة لخفض نسبة الدين من الناتج المحلى الإجمالى عبر استخدام الموارد المتاحة من العملة الصعبة، والصفقات الكبرى التى تعقدها الدولة، أخذاً فى الاعتبار تراجع نسبة الدين مقارنة بالفترة الماضية، فضلاً عن أن الحكومة تعتزم خفض الدين إلى 80% من الناتج المحلى الإجمالى.
وخلال الاجتماع، تناول رئيس الوزراء أبرز عناصر صفقة رأس الحكمة والعوائد التى ستحصل عليها الدولة المصرية، والتى من بينها الحصول على نسبة 35% من أرباح المشروع، هذا بخلاف الانعكاسات الإيجابية للمشروع على الاقتصاد المصرى بوجه عام.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى أن استثمارات رأس الحكمة على مدى عمر المشروع لن تقل عن 150 مليار دولار، بمعدل نحو 3 – 4 مليارات دولار سنوياً، علماً بأن المشروع سيستغرق سنوات طويلة لتنفيذه، مثله مثل أى منطقة عمرانية ضخمة تستغرق سنوات عدة حتى يتم تطويرها.
وأوضح رئيس الوزراء أن تطوير مدينة العلمين، وكذا إنشاء مدينة رأس الحكمة، إنما يأتى فى إطار الحرص على تطوير الساحل الشمالى بوجه عام، والعمل على زيادة عدد الغرف الفندقية والمقاصد السياحية فى هذه المنطقة الواعدة، وذلك بما يسهم فى جذب مزيد من الاستثمارات لقطاع السياحة، منوهاً إلى جهود تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية بالساحل الشمالى، تحقيقاً لهذه الأهداف.
وأشار رئيس الوزراء إلى سعى الدولة المستمر لدعم القطاع الخاص، وذلك بما يسهم فى رفع معدلات النمو خلال الأعوام القادمة، حيث تتطلع الدولة إلى زيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص إلى 50% خلال العام القادم، وإلى 65% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ونوه الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن قطاعات الصناعة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، تحظى باهتمام كبير ودعم من جانب الدولة، خلال الفترة القادمة، وذلك بالنظر للدور المهم لهذه القطاعات فى قيادة الاقتصاد المصرى، وتحقيق مستهدفاته.
ولفت رئيس الوزراء إلى ما يتمتع به الاقتصاد المصرى من تنوع، وهو ما ساهم فى التعامل مع التحديات الخارجية المختلفة التى واجهته خلال الفترة الماضية، مؤكداً استمرار الحكومة فى تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وبرنامج الطروحات، وذلك على الرغم من توافر السيولة الدولارية مؤخراً من صفقة رأس الحكمة، منوهاً إلى الوحدة التى تم إنشاؤها تحت إشراف مجلس الوزراء لمتابعة أداء الشركات المملوكة للدولة.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة تسعى لتوفير الموارد المالية التى تمكنها من الانتهاء من تخفيف الأحمال فى قطاع الكهرباء، مشيراً إلى أن الدولة تحملت على مدى السنوات الماضية دعم المواد البترولية، وهو ما يتطلب استعادة التوازن فى أسعار تلك المواد بنهاية عام 2025، مع وضع خطة لوقف تخفيف الأحمال بنهاية عام 2024.
وفى ختام كلمته، أعرب الدكتور مصطفى مدبولى عن استعداده لاستقبال المستثمرين فى مصر الراغبين فى إجراء المزيد من المشاورات حول الفرص الاستثمارية التى تتيحها البلاد فى القطاعات الواعدة.