كتب محمد رضا
الاصطفاف الوطنى، ووحدة الصف للوقوف خلف الدولة ودعمها مع تجدد الأزمات، السمة السائدة التى تتكرر وتسيطر على المشهد السياسى وكل القوى والأحزاب، مؤيدة للنظام الحاكم أو معارضة، ففى أوقات الأزمات دائمًا ما تلتف كل القوى والتيارات السياسية حول الدولة وتعلن دعمها لها، وهو الأمر الذى برز مرة أخرى بين صفوف التيار الديمقراطى الذى يقوده حمدين صباحى، وعدد من رموز الأحزاب اليسارية والديمقراطية، فرغم رؤية أحزاب وتيارات هذا التحالف السياسى أن المناخ العام غير مناسب للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية، لرؤيتهم لعوار فى القوانين المنظمة للانتخابات وسيطرة "المال السياسى"، ما دفع بعضهم إلى عدم المشاركة فى الانتخابات، أو المشاركة الرمزية، إلا أنهم لم يتخلفوا عن دعم الدولة مع استشعارهم وجود تعنّت ومؤامرة دولية ضد الدولة المصرية، وتأتى خطوة التيار الديمقراطى ومؤسسه ورئيسه حمدين صباحى، بالدعوة لتدشين جبهة تحمل اسم "الاصطفاف الوطنى"، كأحدث حلقات ومحاولات التكتل وتكوين ائتلافات وتحالفات وجبهات سياسية تعمل وفق رؤية عامة وجامعة توحّد التيارات السياسية على هدف يخص الدولة المصرية بشكل عام.
جبهة الاصطفاف الوطنى.. المعارضة تدعم الدولة وتساندها
مع دعوة التيار الديمقراطى لتشكيل ما يسمى بـ"جبهة الاصطفاف الوطنى"، للوقوف خلف الدولة المصرية ضد ما وصفه التيار بـ"المؤامرة التى تحاك ضد مصر"، وتأكيده على أنه مع الرئيس عبد الفتاح السيسى وليس ضده، وأنه يجتمعون لبحث آليات العمل على حل الأزمة الحالية بكل جوانبها وطرح بدائل للخروج منها، والتى حدثت عقب حادث الطائرة الروسية، والموقف الدولى المتعنّت تجاه مصر، تضعنا كثير من المؤشرات والدلائل الأولية أمام حقيقة أن تلك الأحزاب لا تعمل ضد الدولة، وأنها رغم معارضتها لبعض السياسات القائمة، إلا أنها لا تختلف فى وطنيتها ودعمها للدولة ضد أيّة مؤامرات خارجية عن الأحزاب الأخرى التى حرصت على خوض الانتخابات البرلمانية لاستكمال الاستحقاق الثالث والأخير من خارطة الطريق.
واللافت هنا، أنه على الرغم من عدم وجود صوت يعلو على صوت الانتخابات البرلمانية التى تخطف الأنظار، ليس فقط داخل مصر، بل وفى العالم، أجمع باعتبارها المتمم لبناء المؤسسات الديمقراطية للدولة عقب ثورة 30 يونيو، إلا أن ظهور دعوة التيار الديمقراطى لتدشين "جبهة للاصطفاف الوطنى"، خطفت الأنظار والضوء إليها من الانتخابات البرلمانية التى أوشكت المرحلة الثانية والنهائية منها على الانتهاء خلال أسبوعين على الأكثر، وسط انخفاض ملحوظ فى اهتمام وشغف المواطن بها، وهو الأمر الذى ظهر جليًّا فى المرحلة الأولى للانتخابات، من خلال نسبة المشاركة الضئيلة وعزوف قطاع كبير من الشباب.
"الاصطفاف".. التشابه مع "جبهة الإنقاذ الوطنى"
الأمر الجدير بالنظر والاهتمام، أن تلك الجبهة الجديدة، ورغم تشابهها مع ظروف تدشين "جبهة الإنقاذ الوطنى" وغيرها من الجبهات المؤيدة للدولة فى مواجهة الإرهاب، وخاصة مع تشابه الظروف التى تمر بها الدولة وطبيعة المؤامرات التى تحاك ضدها، إلا أن هذه الجبهة - وفى ملامح تشكيلها - تستقطب عددًا من الأحزاب والشخصيات العامة المعارضة، وعلى رأس تلك الأحزاب: التيار الشعبى "تحت التأسيس"، والعدل، والتحالف الشعبى الاشتراكى، والكرامة، والعدل ومصر الحرية، كما أن أقرب الأحزاب إليها فى التوجهات والآراء السياسية هو الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، الذى يرأسه الدكتور محمد أبو الغار.
ولكن على صعيد الاختلاف عن سابقاتها من الجبهات الوطنية، فقد تخلف عدد من الأحزاب عن الانضمام إليها، وهى الأحزاب التى شارك عدد منها فى "جبهة الإنقاذ" من قبل، ومنها: حزب المصريين الأحرار، والوفد، والمؤتمر، وصولاً إلى حزب "مستقبل وطن" أحدث الوافدين على الساحة السياسية والحصان الأسود فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، إضافة إلى عدد كبير من الأحزاب التى حضرت فى "جبهة الإنقاذ الوطنى" وغابت عن جبهة حمدين صباحى، أو جبهة الاصطفاف الوطنى، إذ أصبحت منشغلة الآن بشكل تام فى المنافسة الانتخابية، ويرى بعض كوادرها وقياداتها أن دعم الدولة لم يعد يحتاج إلى تشكيل جبهات، وأن مثل تلك الجبهات لا يتم تدشينها إلا فى حالات الفراغ السياسى، بينما تستكمل مصر خطواتها نحو تشكيل برلمان جديد واستكمال هيكل وصيغة المؤسسات القانونية والدستورية.
حسام الخولى: دعوة غير منطقة ولا وقت لها الآن
أما عن مواقف الأحزاب السياسية وردود فعلها من الدعوة، فقد قال المهندس حسام الخولى، نائب رئيس حزب الوفد، إنهم لم يتلقوا دعوة للمشاركة فى اجتماع التيار الديمقراطى، المقرر عقده اليوم الثلاثاء بمقر حزب العدل، لتدشين ما يسمى بـ"جبهة الاصطفاف الوطنى"، وذلك بحضور حمدين صباحى مؤسس التيار، مضيفًا: "أرى أن دعم الدولة والوقوف خلفها لا يحتاج جبهات، فكلنا داعمون لها بغض النظر عن الأحزاب".
وأضاف "الخولى" فى تصريحات صحفية بهذا الشأن، أنه يرى أن الأمر غير منطقى، متابعًا: "مثل تلك الجبهات تتم فى حالات الفراغ السياسى، ولكننا لدينا الآن مؤسسات وانتخابات برلمانية، ومجلس نواب سيتحدث باسم الشعب الذى اختاره".