لا حديث فى الأوساط المختلفة، سواء السياسية أو البرلمانية أو الإعلامية أو حتى فى الشارع المصرى بين المواطنين أنفسهم، إلا الحديث عن الاقتصاد وأزماته وحكاية قرض الـ 12 مليار دولار، الذى تسعى الحكومة المصرية جاهدة فى الحصول عليه من صندوق النقد الدولى لدعم برنامجها للإصلاح الاقتصادى لمدة 3 سنوات، وبناءً على هذا فإن "برلمانى" يُجيب عن كافة التساؤلات الدائرة حول تلك القضية الهامة بعدما تم إعلان على وجود موافقة مبدئية على إقراض مصر هذا المبلغ.
أولا.. ما هو صندوق النقد الدولى بشكل عام؟
يُعرف الصندوق على أنه وكالة متخصصة ضمن وكالات منظمة الأمم المتحدة، تم إنشاؤه بموجب معاهدة دولية فى عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمى، ويديره أعضاء عددهم 184 وهم تقريبًا ممثلين عن أغلب بلاد العالم، ويتواجد مقره فى العاصمة الأمريكية واشنطن.
ويكمن الهدف الرئيسى وراء إنشاء صندوق النقد الدولى هو الحد من الوقوع فى الأزمات الاقتصادية من خلال تشجيع البلاد المختلفة الاعتماد على سياسات اقتصادية سليمة، ويعد أحد أبرز وسائله هو إفادة أعضاءه الذين يحتاجون إلى التمويل المؤقت لمعالجة ما يتعرضون له من مشكلات فى ميزان المدفوعات.
ثانيا.. ماهى شروط الصندوق لإقراض مصر؟
وضع صندوق النقد الدولى العديد من الشروط للموافقة على إقراض مصر 3 مليارات دولار، وجاء أبرزها الحد من تضخم الأجور وتحرير الطاقة وترشيد الدعم وتشجيع القطاع الخاص.
وشدد البنك على الحكومة ضرورة ضبط الأوضاع المالية العامة عن طريق ترشيد الأنظمة الضريبية، والحد من تضخم فاتورة الأجور، ووضمان إمدادات مستدامة للطاقة عن طريق ترشيد الدعم، وتقوية إدارة الدين، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة فى الحياة الاستثمارية وتذليل العقبات الروتينية أمامه.
ثالثًا: كم عدد المحاولات المصرية للاقتراض.. وما مصيرها ؟
تعد المحاولة الحالية هى الرابعة فى تاريخ الحكومات المصرية منذ قيام ثورة 25 يناير لكنها فشلت فى المرات الثلاثة الماضية نظرًا لأسباب مختلفة، الأولى كانت بعد تولى المجلس العسكرى، ولم ينجح الأمر بسبب رفض السلطة المصرية آنذاك شروط البعثة بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى كانت تشهدها البلاد.
بينما كانت المحاولة الثانية فى عهد حكومة الدكتور هشام قنديل رئيس وزراء إبان فترو تولى المعزول محمد مرسى الحكم، ولم تكتمل المفاوضات بعد الاحتجاجات الواسعة التى شهدتها البلاد وأطاحت بمرسى من على كرسى الحكم.
أمّا المرة الثالثة كانت عقب الإطاحة بنظام الإخوان، وحينها بدأت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور حازم الببلاوى جولة من المفاوضات لكن الأوضاع السياسية لم تمكنها من الاكتمال.
رابعا: ما هو الموقف الحالى لمفاوضات مصر مع صندوق النقد ؟
أعلن صباح أمس صندوق النقد الدولى عن نجاح المفاوضات مع مصر على قرض الـ١٢ مليار دولار، بعدما قال كريس جارفيس مستشار صندوق النقد الدولى للشرق الأوسط وآسيا أنه تم التوصل الى اتفاق يسمح بحصول مصر على قرض بقيمة ١٢ مليار دولار، لدعم برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى لمدة ٣ سنوات.
وأضاف فى مؤتمر صحفى بمقر مجلس الوزراء، انه سيتم النظر فى طلب مصر خلال الأسابيع القادمة من قبل مجلس الصندوق، مؤكدًا أن ركيزة السياسة العامة للحكومة تعتمد على مواجهة الدين العام بالتنمية المستدامة ومن المتوقع انخفاض دين الحكومة العام إلى ٨٨٪ من إجمالى الناتج المحلى عام ٢٠١٨/٢٠١٩.
خامسًا: ما هو موقف البرلمان من قرض النقد الدولى؟
يتجه مجلس النواب للموافقة على الاتفاقية بين الحكومة المصرية والجهة الدولية خاصة أن أحاديث النواب تتركز على أن القرض شر لا بد منه لاسيما أنهم يروا أنه الحل الأقرب لعجز الموازنة العامة وتراكم الأزمات الاقتصادية، وانخفاض الاحتياطى من النقد الأجنبى.
سادسًا: هل ينجح القرض فى معالجة الأزمة الاقتصادية المصرية؟
يمتلك صندوق النقد العديد من التجارب الناجحة والفاشلة فى ضبط اقتصاديات العديد من الدول فى العام، ووفقا لتقرير نشره موقع "انفستوبديا" ألقى فيه الضوء على النماذج المختلفة، وكان الناجح منها مثل الأردن عام 1989 التى تأثرت بالحرب مع إسرائيل والأوضاع الداخلية، فضلا عن ركود اقتصادى كبير، ووصل نسبة البطالة إلى 35%، وكانت تجد صعوبة فى سداد القروض، ووافقت حينها على سلسلة من الإصلاحات تنفذ على مدار خمسة أعوام وحصلت على قرض صندوق النقد الدولى.
وبحلول عام 2000، انضمت الأردن إلى منظمة التجارة العالمية، ووقعت بعدها بعام على اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة، وتمكنت من تقليل الدين العام، وإعادة هيكلته.
وتعد تونس من النماذج الناجحة التى حصلت على قروض من صندوق النقد الدولى أكثر من مرة كان آخرها فى النصف الأول من هذا العام (2016) إذ حصلت على قرض بقيمة 2.8 مليار دولار، فى إطار برنامج لمدة 4 أعوام هدفه مساعدتها على اجتياز مرحلة الانتقال السياسى .
ولكن هناك العديد من النماذج التى فشل الصندوق فى مساعدتها، مثل تنزانيا، ويضيف " انفستوبديا" أن صندوق النقد الدولى حاول عام 1985 أن يحول تنزانيا من دولة اشتراكية مفلسة مثقلة بالديون إلى مساهم قوى فى الاقتصاد العالمى، ولكن اصطدم الصندوق بالكثير من العراقيل حالت دون ذلك.
فيما ينتظر الجميع عما ستسفر عنه الأوضاع فى مصر بعد الاقتراض فى ظل التأكيدات الحكومية على أن الأمور ستطور بشكل أفضل.
سابعًا: ما هى المخاطر المترتبة على القرض؟
تتركز المخاوف الشعبية من توابع نجاح المفاوضات بين حكومة شريف إسماعيل وصندوق الدولى فى تخفيض الدعم مثلما هو متوقع وإقرار قوانين قد تزيد الوضع سوءً من قانون القيمة المضافة المتوقعة إقراره خلال الفترة المقبلة، وأيضًا هناك حالة من الخوف والترقب لإمكانية تعويم الجنيه لمواجهة الارتفاع المستمر للدولار الأمريكى، إلا أنه يشار إلى وجود تأكيدات مستمرة من الحكومة أن الأوضاع لن تمس محدودى الدخل.