من أبرز المشكلات التى تعانى منها مصر انخفاض مستوى الخدمات الصحية، وانعدامها فى بعض المناطق خاصة فى الصعيد، ويبدو أن تلك المشكلة لن تنتهى قريبًا، و يبدو أيضًا أنها ستزداد خاصة فى ظل الدائرة المغلقة التى صنعتها الحكومة، بمعالجتها تلك المشكلات عن طريق المسكنات التى تذهب الألم ولا تشفى المرض.
المخاطر الصحية التى تتربص بالمصريين تزداد يومًا بعد يوم، حتى أصبح الغذاء الذى يعد المقوم الأساسى لبناء الصحة العامة مصدر من مصادر الوباء، فالقمح أصبح مهددًا بفطر الإرجوت وفول الصويا مصاب بـ"الإمبروزيا"، و الدواجن تحقن بـ"الفورمالين"، وحتى الزراعات أصبحت تروى بمياه الصرف الصحى.
ما سبق حقائق صدمت النواب البرلمانيين خلال الفترة الأخيرة، وتحرك عدد منهم فى إطار دوره الرقابى ببيانات عاجلة موجهةً لرئيس الوزراء والوزراء المسؤولين على رأسهم وزير الزراعة المسؤول بشكل مباشر عن صحة النبات، آخر هؤلاء النواب هما النائبتين البرلمانيتين آمال رزق الله و منى منير الذين، اللذين أثارا قضيتى فول الصويا المصاب بالأمبروزيا وحقن الدواجن بالفورمالين.
نقص المياه دفع الفلاحين للجوء إلى مياه الصرف الصحى دون معالجة
مع نقص المياه وعدم توافرها لاستخدامها فى الزراعة، يلجأ بعض المزارعين لاستخدام مياه الصرف الصحى دون معالجتها فى رى الأراضى الزراعة، ما يؤدى إلى مشكلات صحية خطيرة على صحة الإنسان والحيوان، نتيجة تلوث وإصابة المزروعات والنباتات التى يتم زراعتها بأمراض خطيرة.
ففى محافظة دمياط يلجأ أغلب المزارعين إلى رى أراضيهم بتلك الترع التى تختلط مياها بمياه الصرف الصحى وبمخلفات بعض المصانع، التى تشبعت بالمخلفات الكيميائية، ويعانى الفلاحون فى قرى محافظة القليوبية من نقص مياه رى الأراضى الزراعية، ما يهدد المحاصيل الزراعية بالانهيار والجفاف وتعرضها للبوار لعدم وصول المياه إلى نهاية الترع، الأمر الذى دفع الفلاحين للاعتماد على المياه الجوفية فى زراعتهم ومياه الصرف الصحى.
وفى محافظة الغربية لجأ الفلاحون إلى رى أراضيهم الزراعية من مياه الصرف الصحى والتى ترتفع فيها نسب المنجنيز والرصاص, فضلاً عن تحول الترعة التى تروى أراضيهم بإجمالى ألف فدان إلى "مقلب للقمامة"، نتيجة إلقاء سيارات الكسح مخلفات الصرف التى تسحبها من "طرنشات" المنازل وتقوم بإلقائها بالترعة مباشرة، وفى محافظة قنا يتم رى الأراضى الزراعية فى عدة قرى بمختلف المراكز من مأخذ مياه الصرف الصحى، التى تستقبل المياه الفاسدة ومخلفات المصانع.
الحكومة تسمح باستيراد قمح مصاب بفطر "الإرجوت" الذى يسبب السرطان والاكتئاب
فطر الإرجوت هو أحد الطفيليات التى تصيب القمح، وتسبب مشكلات عديدة على الصحة العامة للمواطنين، وينسب إليه العديد من الأمراض، مثل مشكلات الصدفية و الإكزيما، وحساسية الطعام والتوحد والاكتئاب والفصام والشهية والصداع المزمن، وبعض أنواع السرطان، وعلى الرغم من المشكلات العديدة التى يسببها فطر "الإرجوت"، إلا أن مجلس الوزراء المصرى خلال الشهور القليلة الماضية على استيراد شحنات مصابة بفطر الإرجوت بنسبة لا تتجاوز الـ 0.05% وهى النسبة المسموح بها من قبل منظمتى الصحة والغذاء العالميتين.
وعلى الرغم من تأكيدات العديد من المسؤولين عن أن تلك الشحنات لا تسبب أى أضرار على صحة الإنسان، إلا أن عددا من النواب البرلمانيون استنكروا ذلك القرار، خاصة وأنه فى الماضى كان يمنع بشكل تام استيراد أى شحنات تحتوى على أى نسبة من نسب الإرجوت، معللين موقفهم بأن السماح بنسبة الـ 0.05% قد تفتح المجال أمام الفاسدين لاستيراد شحنات تتخطى النسبة المسموح بها مما يسبب مشكلات على صحة المواطنين.
آمال رزق الله تكشف صفقة فاسدة لاستيراد 100 ألف طن فول صويا مسممة
لم يتوقف الأمر عند القمح المصاب بـ"الإرجوت" بل تخطاه ليشمل سلع أخرى وهى فول الصويا، والذى يستخدم فى صناعة بعض أنواع الزيوت، النائبة البرلمانية آمال رزق الله كشفت عن استيراد 100 ألف طن فول صويا من الولايات المتحدة الأمريكية مصابة ببذرة "الأمبروزيا" السامة، وعلى خلاف الإرجوت فإن تلك البذرة لا يسمح بدخولها البلاد بأى نسبة نظرًا لخطورتها البالغة على صحة الإنسان.
حشيشة أو حشرة "الأمبروزيا" هى فطر طفيلى لا تنمو بمصر، وتعيش ببلدان متفرقة طبقًا للمناخ، وهى حشيشة متطفلة تستولى على غذاء النبات حتى تجهده، وتضر بالبيئة الزراعية لسنوات تقارب العشر سنوات، يصعب مكافحتها، وتسبب تأثيرات خطيرة على صحة الإنسان وإصابته بأمراض الحساسية والجهاز التنفسى والرمد، وذلك أثناء موسم اللقاح من خلال زهرتها.
19 ألف مزرعة دواجن تحقن "الفراخ" بـمادة تسبب السرطان والعجز الجنسى
بعد الموافقة على استيراد القمح المصاب بـ"الإرجوت" وبعد كشف شحنات الفول الصويا المصابة بـ"الأمبروزيا"، انتقلت الأزمة من النباتات إلى الدجاج، وكشفت النائبة البرلمانية منى منير عن استخدام ما يقرب من 19 ألف مزرعة دواجن عاملة بمصر لمادة الفورمالين والهيرمونات والمضادات الحيوية من أجل زيادة الثروة الداجنة وزيادة حجمها بشكل سريع، ما يؤدى إلى نتائج خطيرة على صحة الإنسان.
وكشفت "منير" فى تصريحات لـ"برلمانى"، أن المعلومات التى وردت إليها أكدتها مصادر لها من قبل العاملين فى تلك المزارع، مشيرةً إلى أن مادة الفورمالين من المواد السامة التى تؤثر على صحة المواطنين وتؤدى إلى أمراض خطيرة من بينها السرطان و الفشل الكلوى والعجز الجنسى، مشيرةً إلى أن الدولة تعانى من أزمات ومشكلات طاحنة فى قطاع الصحة وتبحث عن علاج سريع لها، فلا يجب أن نرهقها بالعديد من المشكلات الأخرى.
