45 يومًا مجهودًا لكشف فساد القمح انتهت باستقالة خالد حنفى .. 500 مليون جنيه فساد فى القطاع.. تدخل للإفراج عن متهمين.. عجز فى الصوامع .. قمح مصاب بالسوس الحى
"تقصى حقائق القمح".. كتيبة طحن وزير التموين
"تقصى حقائق القمح".. كتيبة طحن وزير التموين
الخميس، 25 أغسطس 2016 08:06 م
كتبت سماح عبد الحميد _ تصوير كريم عبد العزيز
رحلة كاملة بدأها أعضاء لجنة تقصى حقائق القمح، حاملين على عاتقهم مهمة كشف حجم الفساد وإهدار المال العام بمنظومة القمح فى مصر، انتهت بإصدار تقرير، كان بمثابة كارت أحمر لوزير التموين خالد حنفى، الذى تقدم باستقالته اليوم، على خلفية ما تم إعلانه فى هذا التقرير الذى انفرد موقع برلمانى بنشره للرأى العام قبل مناقشته فى مجلس النواب.
شهر ونصف هو تقريبًا عمر هذه اللجنة منذ صدور قرار تشكيلها فى 19 يونيو الماضى، وحتى انتهاءها من إصدار التقرير، خلال هذه الفترة، لم يمل أعضاء اللجنة من تتبع وتقصى كل معلومة تكشف عن حجم الفساد الفج الموجود داخل هذه المنظومة، والتى يدفع ثمنها بشكل رئيسى المواطن البسيط .
9 زيارات و500 مليون جنيه فساد
خلال هذه الفترة نظمت اللجنة 9 زيارات، ضمت صوامع فى عدد من المحافظات المختلفة، كانت حصيلتها أكثر من 500 مليون جنيه فساد فى منظومة التوريد الوهمى للقمح وغيرها من أشكال الفساد.
"لازم تعرفوا إن الفساد فى مصر جبل كبير، هدّينا نصّه ولسّه بنكمل عليه" هذا التصريح أدلى به وزير التموين فيما سبق خلال ندوة لموقع برلمانى، معتبرًا أنه خاض حربًا ضد الفساد فى وزارته، أو وفقًا لتعبيره، فإنه قام بهد جزء كبير من جبل الفساد.
ولكن ما كشف عنه تقرير تقصى الحقائق جعل الأمر مختلفًا، فالوزير الذى قال إنه "هد نص جبل الفساد"، طالب النائب العام بالإفراج عن متهمين بإهدار المال العام، وهو القرار الذى ترتب عليه الإفراج عن رئيس شعبة المخابز الإسماعيلة، الذى تورط فى قضية فساد وإهدار مال عام بمبلغ 11 مليون جنيه.
رحلة لجنة تقصى الحقائق أيضًا كشفت حجم الرشاوى التى يشهدها هذا القطاع، وهو ما ظهر خلال فحص اللجنة للمستندات الخاصة بصومعة الشركة المصرية العالمية للصوامع، تبين وجود صور ضوئية لمستندات تفيد بدفع أصحاب الصومعة مبالغ وصفوها بـ"إكراميات"، بلغت نحو أكثر 4 من 700 ألف جنيه فى المرة الواحدة لبعض الجهات المسؤولة عن منظومة القمح، ومندوبى مديريات التموين والهيئة العامة للصادرات والواردات ومباحث التموين ولجان الحاصلات الزراعية والصحة.
عجز فى الصوامع، وتوريد وهمى، وقمح مصاب بالحشرات والسوس الحى، هذا ما تم الكشف عنه خلال زيارات اللجنة للصوامع.
عجز نص الكمية
الزيارة الأولى للجنة بصومعة "بنكر العائلة"، الواقعة بالكيلو 74 طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى، كشفت عن عجز نصف الكمية فى الصومعة، وقدمت إدارة الصومعة سجلاتها، التى تفيد بأن إجمالى الصومعة 46 ألف طن قمح، والكمية الموجودة فعليًا تبلغ 39408 طن قمح، واستعانت اللجنة فى جرد الكميات الموجودة فعليًا بشركة إس جى إس، التى أفادت بأن كمية القمح الموجودة فعليًا بالصومعة هى 19500 طن قمح، وبهذا اتضح أن مقدار العجز فى القمح فى البنكر هى 19908، وأرفق فى المستندات الخاصة بالزيارة الأولى للجنة تقرير شركة إس جى إس، والتى رصدت فيه كميات القمح المخزنة بصومعة البنكر .
قمح مصاب بالسوس الحى
ووفقًا لعدد من المحاضر والمستندات، الخاصة بقضية "فساد القمح"، التى حصل موقع "برلمانى" حصريًا، محضر تم تحريره، بواسطة قطاع الرقابة بوزارة التموين، بمحافظة القليوبية، حيث أنه بفحص شونة شركة التيسير فى مركز الخانكة، تبين له أنه بالفحص الظاهرى، تبين وجود إصابات حشرية فى القمح، وبعض الحبوب المثقوبة، والتى تبدو غير صالحة للاستخدام الآدمى.
ورصدت اللجنة أيضًا عجزًا مقداره 3714,220 طنًا، بنسبة 11,5%، وبما يعادل 10,3 ملايين جنيه، ورصدت أيضًا عدم انتظام السجلات الخاصة بالصومعة (التفتيش– الحركة اليومية للصادر والوارد)، ما دفع مباحث تموين الشرقية إلى تحرير المحضر رقم 2238 جنح قسم الصالحية الجديدة بتاريخ 16 يوليو 2016.
كل هذه المخالفات هى مجرد جزء بسيط عن ما توصلت إليه اللجنة فى تقريرها الذى بلغ حوالى 500 ورقة بمرفقاته المختلفة، والذى أسدل الستار على وجود خالد حنفى فى حكومة شريف إسماعيل لينتهى بمشهد اليوم، الذى وقف فيه الوزير فى مؤتمر صحفى مجلس الوزراء معلنًا استقالته قائلًا: "التجربة أكدت أن تولى منصب وزارى لم يعد نزهة وإنما عبئًا وهمًا كبيرين، وأتقدم باستقالتى وترك موقعى لتختار الدولة من يتحمل المسؤولية".
ورغم إعلان الوزير استقالته، إلا أن هذه الخطوة لا تعد النهاية فى رحلة كشف الفساد، لننتظر ما تكشف عنه الأيام المقبلة، ما إذا كان هناك خطوات أخرى سيتم اتخاذها ضد الوزير، أو ضد أى من المتورطين فى قضية فساد القمح .