ملف الصحة يعد من أهم وأخطر الملفات والقطاعات التى تعانى من أزمات كبيرة على مستوى الجمهورية، ومن أهم التحديات أمام الحكومة والبرلمان الجديد، لذا لم يكن غريبا أن تأتى مشاكل الصحة على رأس أولويات نواب البرلمان الفائزين بالمرحلة الأولى، والذين سارعوا عقب استخراج كارنيهات العضوية وتسجيل بياناتهم إلى زيارة المستشفيات المتوقفة أو التى تعانى من نقص فى الخدمات وعجز فى عدد الأطباء وبدأوا التواصل مع المسئولين لإيجاد حلولا عاجلة.
10 نواب من المرحلة الأولى يعملون بـ"الطب والصيدلة"
وأسفرت المرحلة الأولى للانتخابات عن فوز 10 من النواب الذين يعلمون بمهنتى الطب والصيدلة، وهم النائب عصام الدين فخرى القاضى "صيدلى حر"، دائرة المحمودية والرحمانية بالبحيرة عن حزب مستقبل وطن، والدكتور على عبد الحميد عبد الجواد الشهير بــ"على الكيال" مستقل، بدائرة سمالوط بالمنيا، "استشارى نساء وتوليد"، والدكتورة شادية ثابت، مستقل عن دائرة إمبابة بالجيزة "استشارى نساء وتووليد ووكيل مستشفى إمبابة"، وسعيد حساسين دائرة كرداسة عن حزب السلام الديمقراطى، وحسين حسنى غيتة دائرة مغاغة والعدوة بالمنيا، حزب الوفد الجديد "أخصائى باطنة وقلب"، والنائبة مرفت موسى حنا بخيت بقائمة فى حب مصر بالصعيد عن المنيا "دكتور صيدلى"، وإليزابيث عبد المسيح "طبيب بشرى"، قائمة فى حب مصر بالصعيد عن أسيوط، والدكتور محمود السيد محمد سعد، حزب مستقبل وطن بقائمة فى حب مصر بغرب الدلتا عن البحيرة، والدكتور محمود حمدى أبو الخير عن دائرة البلينا بسوهاج، مستقل "مفتش الصيادلة بإدارة جرجا الصحية"، والدكتور محمد خليل أبو المجد العمارى، عن قائمة فى حب مصر بالصعيد عن محافظة الأقصر.
"برلمانى" يتواصل مع النواب العاملين بالقطاع الصحى
"برلمانى": تواصلت مع بعض النواب الذين يعملون بالطب والصيدلة للتعرف على أبرز المشاكل والتحديات فى قطاع الصحة والدواء، وأهم الملفات على رأس أولوياتهم فى هذا المجال تحت القبة، والذين أكدوا وجود العديد من المشاكل بسبب الفساد والإهمال، مطالبين الضرب بيد من حديد على كل مقصر أو مهمل.
النائب محمود حمدى أبو الخير: القطاع يعانى من الفساد
ويقول النائب محمود حمدى أبو الخير، عضو مجلس النواب عن دائرة البلينا بسوهاج، إن الإهمال والفساد أبرز ما يعانى منه قطاع الصحة.
وأضاف لـ"برلمانى": "على سبيل المثال يوجد حاليا حملة لتطعيم الأطفال ضد الحصبة، وهناك وحدات صحية فى بعض القرى يذهب ولى الأمر ليطعم طفله فيطلبوا منه أن يأتى بسرنجات من الصيدلية، وهذا أمر خاطئ، لأن كل حاجة المفروض إنها متوفرة ولازم تكون جاهزة، فالسرنجات الخاصة بالتطعيم لها مواصفات محددة، وتعطى لسن معين، وعندما يأتى بها من الصيدلية قد تكون غير مناسبة، وذلك يعد إهمالا وليس نقصا فى الأدوات أو عجز فى الأموال".
الصعيد يعانى من عدم توافر الأمصال
وتابع: "نعانى فى المراكز والقرى بالصعيد وخاصة فى جنوب سوهاج، من عدم توفر الأمصال الخاصة بلدغة العقرب والثعبان والحشرات الضارة، ويفاجئ المواطن عندما يتعرض لها بعدم وجود الأمصال فى الوحدة الصحية، فالصحة فى سوهاج متأخرة 10 سنوات عن باقى المحافظات".
واستطرد النائب عن سوهاج: "جنوب سوهاج الفساد والإهمال فيه أكثر على مستوى الجمهورية، والمستشفيات مهملة، ووحدات صحية لا يوجد بها أطباء، فمثلا فى البلينا، 15 وحدة صحية مافيهاش أطباء، ومبنى لا يقل عن 2 مليون جنيه ونص، وبه نحو 6 موظفين ولكن لا يوجد طبيب، فى ظل سوء توزيع للأطباء فى سوهاج، حيث أن هناك وحدات فيها طبيبين وثلاثة، وأخرى لا يوجد فيها، ورغم ذلك لا يقوم المسئولون بسد هذا العجز".
محمود حمدى: نستورد 90% من مواد تصنيع الأدوية
وتحدث النائب محمود حمدى، عن مشاكل قطاع الصيدلة والأدوية، موضحا أن هناك مشكلة أساسية وهى نقص الأدوية بنسبة شديدة على مستوى الجمهورية.
وقال لـ"برلمانى": "فى مصر 90 % من المواد الخام والفعالة التى يصنع منها الدواء نستوردها من الخارج، وحاجات كتيرة مش موجودة، وأخرى كثيرة لا يوجد مصانع لها، ونسبة كبيرة من المواد الطبيعية التى ليست موجدة فى مصر، ونستوردها بالعملة الصعبة، وبالتالى المستشمر ورجل الأعمال لو اشترى بدولار يبيع بدولارين، فترتفع أسعار الأدوية، ما دفع بعض رجال الأعمال إلى غلق المصانع بسبب الأسعار المرتفعة حتى لا يخسروا، أو العمل على مواد خام رخيصة، وذلك تسبب فى عجز شديد بالأدوية.
أغلب مصانع الأدوية فى مصر "استثمارية"
وأضاف أن أغلب مصانع الأدوية فى مصر استثمارية وخاصة، مما جعل رجال الأعمال يبحثون عن مصلحتهم أولا، وهناك أدوية يستخدمها المصريون شبه يوميا لأمراض منتشرة، مثل أدوية القلب والسكر والجلطات والكبد والفشل الكلوى وأمراض الكلى، وهذه الأدوية يجب أن تكون لها مصانع فى مصر تصنعها، ويجب أن يكون التحكم فى الصناعة والأسعار من خلال الدولة ممثلة فى وزارة الصحة وليس المستثمر، فالمصانع موجودة ولكن تحتاج أن نزود كفائتها وجودتها ويكون لها خطوط إنتاج، إلا أننا تركنا صناعة الأدوية وتسويقها يسيطر عليها رجال الأعمال الذين أيضا يسيطرون على فكر وزارة الصحة نفسها".
العديد من الأدوية مغشوشة.. وانتشار مصانع بير السلم
وأشار إلى أن هناك بالفعل أدوية مغشوشة غير صالحة بسبب سوء التحكم والضعف فى التسويق الصيدلى، ووجود مصانع تحت بير السلم تعمل بدون ترخيص، وضعف الرقابة عليها، ولابد من سن قوانين تنص على تغليظ العقوبات فى قانون الصيدلة والغش فى الدواء، لتكون العقوبة رادعة، تشمل الحبس والغرامات المالية الكبيرة".
وذكر نائب دائرة البلينا، أنه طلب الانضمام للجنة الصحة بشكل أساسى فى مجلس النواب، وأنه سترشح لمنصب وكيل اللجنة.
النائب خليل العمارى: المستشفيات الجامعية تتحمل العبء
من جانبه، قال الدكتور محمد خليل أبو المجد العمارى، نائب رئيس جامعة جنوب الوادى لشئون الدراسات العليا وأستاذ الجراحة العامة بكلية طب قنا، والنائب عن قائمة فى حب مصر بالصعيد عن محافظة الأقصر: "نعانى من مشاكل عديدة فى قطاع الصحة، ومنها جزء خاص بالصعيد، أولها مشكلة الإتاحة المتمثلة فى أنه لا يوجد عدد أسرة كافى للمرضى، وأن المستشفيات الجامعية تتحمل العبء الأكبر فى حالات الطوارئ، وقلة الإمكانيات والمبانى متهالكة وأعمال الصيانة متأخرة، مثل مستشفى إسنا متهالك ويحتاج إحلال وتجديد، والعبء الأكبر على مستشفى الأقصر الدولى".
أزمة فى النعصر البشرى "طب وتمريض"
وأضاف "العمارى" أن هناك أزمة بالنسبة للعنصر البشرى "التمريض والأطباء"، فيوجد نقص شديد فى التمريض، أما الأطباء فالعدد كاف ولكن هناك سوء توزيع، لأن هناك مستشفيات بها عدد كبير من الأطباء زيادة عن العدد التى تحتاجه، وأخرى بها نقص شديد فى الأطباء، كما يوجد عجز شديد فى المستلزمات الطبية التى تكاد لا تكفى لمدة أسبوع إلى عشرة أيام.
الميزانية الخاصة بقطاع الصحة غير كافية
وأكد أن الميزانية المخصصة لقطاع الصحة لا تكفى، وأن الصحة فى أى دولة بالعالم يخصص لها من 7 إلى 13 % من الموازنة العامة للدولة، أما فى مصر فيخصص لها نحو 3 %، والدستور ينص على زياداتها فى الصحة والتعليم بمقدار 1% سنويا.
وتابع: "من المشاكل أيضا أننا نعمل بدون وحدة ضمان وتوكيد جودة الخدمات الصحية، لابد أن تنشأ هيئة مستقلة تقيم جودة الخدمات، لنقول ما نفعل ونفعل ما نقول، وتكون هناك شفافية وتطوير مستمر، ونظام محاسبة ودورة مستديمة تضمن عدم الاستيلاء على المال العام".
ولفت النائب خليل العمارى، إلى أن رغبته كانت الانضمام للجنة الصحة ثم لجنة التعليم، وأنه كان وكيلا للجنة الصحة فى برلمان 2005، وعن ترشحه لرئاسة اللجنة قال "كلام سابق لأوانه".
النائبة الدكتورة ميرفت موسى حنا
فيما قالت النائبة الدكتور ميرفت موسى حنا بخيت، بقائمة فى حب مصر عن محافظة المنيا، إن لديها تصور بشأن قطاع الدواء يجعل مصر رائدة فى هذا المجال، على الأقل عربيا.
وأضافت ميرفت موسى: "أن صناعة الدواء رغم أنها تعتبر رقم 2 على مستوى العالم بعد تجارة السلاح إلا أنها فى مصر لا تستغل بالشكل الأمثل، ولو استغلت ستكون مصدر كبير للدخل القومى المصرى، مستطردة: "نقدر نعمل مصانع وتشغل العمالة، وتخلينا مش بس نكتفى فى مجال الدواء ولكن نصدر للخارج مثل الدول العربية".
نحتاج تشريع بإنشاء هيئة لتصنيع الدواء
وتابعت: "هناك ضرورة لوجود تشريع قانون بإنشاء هيئة لتصنيع وتجارة الدواء، ونعرف كيف نصنع ونسوق المنتج المصرى من الأدوية، وفى نفس الوقت يتم تطوير المستشفيات والوضع الأكاديمى للأطباء وللعاملين فى المستشفيات والتى ينقصها الكثير من الإمكانيات والخدمات، ويجب أن تكون الرقابة مشددة والخدمة الطبية على مستوى عال".
تحسين دخل الأطباء والممرضين
وأشارت إلى أن أداء الأطباء فى المستشفيات الخاصة عال جدا عكس الحكومية رغم أنهم نفس الأطباء، لذلك لابد أن يحصل الطبيب والممرض على مرتبات تليق بهم وتضمن لهم على الأقل الحد الأدنى من العيشة الكريمة، لأن الطبيب مسئول عن حياة الكثيرين، وشددت على أهمية زيادة المخصصات المالية لقطاع الصحة والدواء والأبحاث، فالدستور نص على نسبة 4 % من الموازنة العامة وهى نسبة غير كافية.
التصدى للتلوث البيئى أولا
وطالبت النائبة ميرفت موسى، بالتصدى للتلوث البيئى وتلوث الأطعمة، لأن النظافة وكل هذه الأمور مرتبطة بالصحة، وبالتالى هناك حاجة لقوانين لحماية البيئة.
وعن ترشحها لرئاسة لجنة الصحة قالت: "رغبتى كانت عضوية لجنة الصحة، ويليها حقوق الإنسان والثقافة والإعلام، وممكن أترشح لرئاسة اللجنة طبعا لإننا كنائبات طموحاتنا بلا حدود".
شادية ثابت: الخدمة الصحية تحسنت
فيما أكدت الدكتور شادية ثابت، عضو مجلس النواب المستقلة عن دائرة إمبابة، استشارى النساء والتوليد ووكيل مستشفى إمبابة: "الخدمة الصحية تحسنت كثيرا فى الفترة الأخيرة، بعد وجود لجان مكافحة العدوى والجودة، ونأمل فى مزيد من التحسن ومزيد من التدريبات للأطباء والتمريض، وتوعية المواطنين.
وأضافت لـ"برلمانى": مصر مصنفة فى الخارج بأنها من الدول المتقدمة طبيا والنامية اقتصاديا، وندعو الإعلام إلى عدم التركيز على سلبيات قطاع الصحة فقط، والتركيز على الإيجابيات، فالسياحة الطبية قلت كثيرا بسبب تركيز الإعلام على السلبيات"، كما أكدت على ضرورة إعادة هيكلة التأمين الصحى.