أثارت تصريحات اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك التابع لوزارة التموين، أمس تحت قبة البرلمان، الكثير من التحفظات من جانب البرلمانيين والاقتصاديين معًا، معتبرين أنها غير مجدية لتخفيض الأسعار وذلك بعد أن طالب جموع الشعب المصرى بالتوقف عن شراء أى سلعة وأى منتج ابتداء من 1 ديسمبر المقبل بحجة الضغط على التجار، وبين الهدف الجيد للمقاطعة وانتقادات النواب والمتخصصين، رصد "برلمانى" حالة الجدل التى تسبب فيها مسؤول على رأس أحد أجهزة الدولة الرقابية.
اقترح الخبير الاقتصادى، هانى توفيق، بدء مبادرة مقاطعة السلع ابتداء من شهر ديسمبر المقبل، بمقاطعة السلع الأساسية الغذائية القابلة للتلف للضغط على التجار، لأنهم غالوا فى أسعارها بشكل مبالغ فيه، مؤكدًا أن المقاطعة هو إجراء شعبى متعارف عليه فى كل دول العالم عندما يقوم التجار بزيادة أسعار السلع بشكل غير منطقى.
وأضاف هانى توفيق، أن البدء يجب أن يكون بسلع "الفراخ واللحمة والأرز والسكر" لأنها كلها سلع قابلة للتلف، وبالتالى يمكن من خلالها الضغط على التجار لخفض الأسعار، أما السلع الكمالية فمقاطعتها هو إجراء متوقع من المواطنين ولا يجب الدعوة له.
وقال: "أما المثلجة أو التى يتم تخزينها فى الثلاجات فلا أرى جدوى اقتصادية أو شعبية من مقاطعتها فهى كما نقول بالعامية لا تأكل ولا تشرب واهى كده كده محفوظة فى الثلاجة، لذلك من الأفضل التركيز على مصدر الألم لتحقيق فائدة حقيقية".
وانتقد هانى توفيق، إطلاق اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك، مبادرة مقاطعة السلع بالامتناع عن شراء أى سلعة أو منتج أول ديسمبر المقبل، بدون تحديد المنتجات أو الأولويات، مؤكدًا أن الهدف طيب والتحرك فى مجملة مقبول وجيد اقتصاديًا، لكن التحديد مطلوب.
مبادرة مقاطعة السلع.. النائب عمرو الجوهرى: "كيف تستطيع منع المواطنين يجيبوا غذائهم"؟
انتقد عمرو الجوهرى وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، مبادرة مقاطعة السلع التى أطلقها رئيس جهاز حماية المستهلك، اليوم، متسائلًا: "المبادرة غير مجدية للمواطنين، كيف تستطيع أن تمنع المواطنين يجيبوا غذائهم فى يوم أو عدة أيام؟".
وقال عمرو الجوهرى، فى تصريحات لـ"برلمانى"، من الممكن المواطنين يوافقوا على المبادرة يشتروا احتياجاتهم قبل يوم لمدة يومين، وبالتالى يحقق التجار مبيعات يومين فى يوم واحد وهو عائد مقبول لأى تاجر.
ولفت إلى أن بعض التجار أيضًا مغلوبون على أمرهم لأن الأسعار زادت بسبب زيادة سعر الدولار الجمركى وانخفاض قيمة الجنيه وزيادة أسعار المحروقات، متسائلًا: "العمال باليومية بعض فئات المواطنين البسطاء ازاى أجى فى يوم أقولهم متكلوش أو متشتريش أكل خاصة أنهم فئة تشترى طعامهم يوم بيوم، وازاى لو واحد عربيته عطلت ووقفت فى الشارع ومحتاجة قطعة غيار أقوله سيبها مركونة؟".
وأكد أن المبادرة كخطوة إذا الشعب استجاب لها ستعد ضغطًا على التجار لعدة أيام فقط، وحول دور جهاز حماية المستهلك، قال عمرو الجوهرى، إن دوره هو مراقبة الأسواق ومستويات الأسعار وتوفير أسواق للسلع الاستراتيجية اللازمة المواطن، لأن "لو الحكومة وفرت السلع الاستراتيجية لمدة 6 أشهر لن يستطيع التجار المزايدة على الأسعار الحكومية، وإيه يخلى المواطن يلجأ للتاجر إلا لعدم وجود السلع لدى المنافذ الرسمية أو لقلة انتشارها".
مبادرة مقاطعة السلع.. خبير اقتصادى: "غير فعالة" وثقافة غربية فشلت عندنا عدة مرات
أكد الدكتور إبراهيم الغيطانى رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز القاهرة الإقليمى للدراسات الاستراتيجية، أن مبادرة مقاطعة السلع التى أطلقها رئيس جهاز حماية المستهلك، غير فعالة لأنها غير محددة المعالم والمدة الزمنية، كما أنها لا تصلح مع الثقافة الشعبية المصرية ولنا فى ذلك تجارب كثيرة سابقة، كما أن عدد السكان الذى يبلغ أكثر من 90 مليون نسمة وتوسع احتياجات الشعب يؤكد أن فشل المبادرة متوقع.
وأوضح الغيطانى، فى تصريحات لـ"برلمانى"، أن أسلوب المقاطعة أداة من أدوات ضبط السوق فى الغرب مثل ما حدث فى إنجلترا خلال الأشهر الماضية بمقاطعة اللحوم للضغط على الموزعين والمنتجين لتخفيض السعر لسعر توازنى، أما فعالية الأداة فى مصر محدودة بشكل ما، لكن طبقا للتصريحات والامتناع عن جميع السلع بدون تحديد فلا بد من توضيح المبادرة لأن من غير المنطقى المقاطعة للسلع الغذائية والمشروبات والأدوية وهى سلع استراتيجية، أما السلع المعمرة مثل السيارات والموبايلات ممكن مقاطعتها، وتساءل:"هل كان الولاء عاطف يعقوب يقصد السلع التى ارتفع سعرها فقط؟".
وقال رئيس الوحدة الاقتصادية: "عملية المقاطعة غير منضبطة وعدد السكان 90 مليونا وتنفيذ مبادرة أو قرار ربما يكون محل شك كبير لأن احتياجات السوق كبيرة وواسعة، ونجاح جزء المبادرة لن يتجاوز أيام وبعد هذه الأيام لن تنجح المبادرة وستفشل، وأعتقد أنه خيار بديل لدور أساسى لمراقبة الأسواق".
وحول تقييمه لدور جهاز حماية المستهلك، أكد الدكتور إبراهيم الغيطانى، أن التسعير والجودة هى حماية المستهلك وهل يتناسب مع الأولويات الوطنية والقيم الثقافية؟، أما قضية السعر ليس للجهاز دور فعال بسبب ظروف اقتصادية لمصر من تعويم العملة وتداخل الأدوار مع وزارة التموين ما يحد من دوره وجعله غير فعال، لكنه يفصل فى قضايا كثيرة بين المستهلك والشركة وفقا لقواعد الممارسة، لكن قضية الرقابة على السوق فهناك مسؤولية مشتركة لكلا من وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك وجهاز حماية المنافسة ووزارة الداخلية.
محمد على عبدالحميد ينتقد حملة مقاطعة الشراء: "الأكل والعلاج نجيبهم إزاى؟"
انتقد محمد على عبدالحميد عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، مبادرة مقاطعة السلع التى أطلقها رئيس جهاز حماية المستهلك اليوم، مؤكدًا أنها غير محددة الملامح ولا يمكن تطبيقها، كما أن المقاطعة ليست الحل العقلانى لأننا ينقصنا العمل والإنتاج وليس الكلام.
وتساءل عضو لجنة الشؤون الاقتصادية: "إزاى يعنى نقاطع وهو مقالش ليه ولا هو كلام وخلاص، لو كان مقصود بها تخفيف الطلب ممكن بس لفترة محددة ولسلع معينة مش قاطعوا فنقاطع كده، لأن محدش يقدر يستغنى عن السلع لمدة طويلة، كمان فى مستلزمات أكل وعلاج الناس هتشتريها إزاى لما تقاطع السلع؟".
وتابع محمد على عبدالحميد: "لو المقاطعة لمدة يوم واحد، أه ماشى مع إنها حلول مؤقتة، ولابد من الإنتاج ونشتغل أكتر من الكلام ميبقاش، وقتنا كله فى الكلام".
كان اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك، أطلق مبادرة للامتناع عن شراء أى سلعة أو منتج أول ديسمبر المقبل، لإظهار قوة المستهلك وتوجيه رسالة للتجار بقدرة المستهلك على التحكم فى السوق، وأضاف يعقوب خلال اجتماع لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برئاسة النائب نضال السعيد، أمس "يجب أن يكون هناك ثورة على قبح السلوكيات"، لافتا إلى أن هناك لجنة عليا مشكلة للرقابة على الأسواق، وأنه يجب تبنى فكرة "الوقاية خير من العلاج"، لمنع استغلال المواطن.