تحليل يكتبه: مصطفى النجار
ارتفع سعر صرف الدولار بحوالى 65 قرشًا منذ عصر أمس الاثنين وحتى الساعات الأولى من فتح التداول صباح اليوم بحوالى 90 قرشًا، إذ سجل 16.71 قرشًا، بينما وصل الآن لحوالى 17.5 جنيه للشراء لكل دولار، وهذا يأتى بالتزامن مع التراجع فى قيمة العملة الخضراء عالميًا، ما يدفع لطرح سؤال منطقى، وهو ما الأسباب التى دفعت للصعود الجنونى لسعر صرف العملة الأجنبية فى البنوك المصرية، مع اقترب شهر رمضان المبارك.
لا شك أن زيادة المضاربات مع اقتراب شهر رمضان الذى يتميز بزيادة الاستيراد _الذى بدأ بالفعل_ لسد احتياجات السوق المحلى من السلع خاصة الغذائية، أثرت سلبًا وأدت للارتفاع الجنونى للأسعار مع اقتراب رمضان، ومن ثم موسم عيد الفطر المبارك الذى يزداد قبله استيراد الملابس والألعاب النارية والأسماك، ثم يعقب هذين الموسمين الاستعداد لموسم العمرة فى أشهر شوال وذو القعدة، ثم موسم الحج، وكلها مواسم تستهلك من الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية وليس الريال السعودى فقط كما يظن البعض.
وتراجعت كذلك عائدات الدولة من السياحة بسبب الظروف والشائعات التى تطلق بين حين وآخر للنيل من أوضاع السياحة المصرية، أيضًا عدم تعافى مستويات تحويلات المصريين فى الخارج من العملات الأجنبية إذ رغم بوادر الأمل فى تدفقات التحويلات النقدية من جديد والتى وصلت خلال خلال شهر يناير 2017 مقارنة بذات الشهر من العام 2016 إلى قرابة 1.6 مليار دولار بزيادة 23% حيث كانت فى 2016 حوالى 1.3 مليار دولار، ورغم كل ذلك إلا أنها لم تصل لمستويات ما قبل عام 2011.
والتراجع الملحوظ لعائدات قناة السويس مقارنة بما قبل عام 2011، وذلك رغم الارتفاع الأخير الذى أعلن عنه الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، مع التوقعات لوصول العائد لـ80 مليار جنيه بنهاية عام 2017، إلا أنها كانت فى عام 4.7 مليار دولار وفى عام 2011 قرابة 5مليارات دولار، وفى العام التالى 2012 بلغت 2012، لتنخفض عام 2016 بدافع تأثير تراجع عائدات القناة بعكس ما كان مأمول وهو ما يرجع للعدد من الأسباب الجوهرية، فإنخفاض أسعار النفط العالمية من حاجز تخطى الـ70 دولارا إلى ما دون الـ35 دولارا ثم الاستقرار عند متوسط أسعار 46 دولارا لبرميل نفط برنت، أدى لانخفاض حركة التجارة العالمية وهو ما انعكس سلبيًا على إيرادات القناة.
وتراجعت عائدات السياحة من 14 مليار دولار عام 2010، مرورًا بعام 2011 انخفضت إلى 7.6 مليار دولار ثم 6.1 مليار دولار فقط فى عام 2015، إلى قرابة 5 مليارات دولار فقط فى عام 2016، بسبب محاولات تشوية صورة مصر بالخارج واستغلال بعض الدول لأدواتها الدبلوماسية وعناصر تخريبية لمحاربة مصر اقتصاديًا.
ويخشى من زيادة طوابير انتظار أصحاب المصانع لاستيراد بعض الخامات اللازمة للصناعات المعدنية والبلاستيك وغيرها من الصناعات غير سريعة الدوران، إلا أن الحكومة أمام تحد حقيقى لتجاوز الأزمة بالتنسيق مع البنك المركزى، لإعادة ترتيب أوراقهما فيما يتخص بصياغة السياسات النقدية والمالية واتخاذ عدد من الإجراءات الحمائية غير العادية.
خطة الخروج من أزمة الدولار
أصبح العالم بأكلمه مرتبط بالعملة الأمريكية ويتأثر بها، ومنذ قدوم الرئيس الأمريكى دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وكل الحذر من تصريحاته على سعر صرف الدولار، خاصة أن الرجل أكد على عبارة "أمريكا أولًا" فى عدد من اللقاءات المختلفة، وهو ما سبقه تأكيدات عديدة من الرئيس عبد الفتاح السيسى أن مصلحة مصر أولًا، ووسط كل هذه التحركات المحلية والدولية، فإن حقيقة واحدة بازغة بزوغ الشمس وهى ضرورة اللجوء لسياسات اقتصاد الحرب الذى يرتكز على السياسات التقشفية الحقيقة والصارمة وليس كالتى يصرح بها بعض المسئولين صباحًا ويتراجعون عنها فى المساء، وأبرزها وقف استيراد السلع الاستفزازية غير الضرورية للحياة العادية وعدم الخضوع لضغط أصحاب المصالح من القادرين ماليًا والمستوردين بحجة ملكيتهم لسيولة مالية لشراء هذه السلع مهما كان سعرها.
كذلك تشغيل المصانع وحث البنوك على البحث عن حلول فنية ومالية لها عبر مكاتب الخبرة التابعة لهذه البنوك، وزيادة الحملات التسويقية للسياحة المصرية والتى بدأت بدعوة عدد من المشاهير للمناطق الأثرية مثل اللاعب الأرجنتينى ليونيل ميسى لزياة منطقة الأهرامات، وكذلك عقد الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤتمرًا شبابيا وتجوله فى المناطق الأثرية بأسوان، وكذلك لقاءه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى منطقة الأهرامات، فى محاولات لاستعادة النشاط السياحى، لكن يؤمل من وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة الكثير من العمل خارج الأراضى المصرية.
أيضًا، على وزارة الاستثمار البحث عن حلول قوية لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية وتحفيز المستثمرين المصريين على ضخ المزيد من رؤوس الأموال فى استثمارات جديدة من خلال تقديم حوافز حقيقية.
كما أن القطاع المصرفى ملزم لزيادة أرباحه وكذلك ضمان استقرار الاقتصاد الوطنى بتقديم العديد من التسهيلات والحوافز التى تشجع على جذب المزيد من التحويلات الأجنبية واستثمار ما لديه من سيولة نقدية للتوسع فى قروض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بالإضافة لبقية حزمة التسهيلات الائتمانية الأخرى، ولا يخفى على أحد المكاسب المادية التى عادت على البنوك جراء إصدار شهادات دولارية وشهادات قناة السويس وشهادات ذات العائد المرتفعة 20%، ما مكن هذه البنوك من زيادة أرباحها فى العام المنتهى 2016.