استمرارا لحالة الارتباك التى تضرب صفوف الحكومة بالتزامن مع مناقشة مجلس النواب لمشروع قانون الاستثمار الجديد، شهد اجتماع لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، اليوم، بحضور وزراء شئون مجلس النواب والتجارة والصناعة والمالية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مطالب بتوزيع الاختصاصات بين الوزارات وعدم تركيزها فى يد وزارة واحدة، وهى وزارة الاستثمار والتعاون الدولى.
ومن ناحيته قال المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب، إن عددا من مواد مشروع قانون الاستثمار الجديد، والتى طلبت الحكومة إعادة المداولة فيها، كانت غير واضحة فى الصياغة وتحديد أدوار الوزارات المختلفة، لافتا إلى أن الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى أعلنت خلال الجلسة العامة، أمس، عدم تمسكها بتخصصات الوزارات الأخرى، موضحا أن نصوص القانون لم تكن واضحة فى تحديد مسئوليات الوزارات المختلفة.
وأضاف مروان، أن الهدف من اجتماع لجنة الشئون الاقتصادية اليوم، وضع النقاط فوق الحروف، حتى تكون أدوار الوزارات متكاملة وليست متعارضة، وتطرق وزير شئون مجلس النواب إلى المادة الخاصة بسلطة إصدار اللائحة التنفيذية، لافتا إلى أن القانون الجديد ينظم العلاقة بين وزارات مختلفة، وبناءً عليه رأت الحكومة أن يكون إصدار اللائحة التنفيذية بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد العرض على مجلس الوزراء، حتى تكون التعليمات ملزمة لكل الوزارات والجهات المعنية بتنفيذ القانون.
ولفت إلى أن هناك بعض الملاحظات الخاصة بوزارات المالية والإسكان والتجارة والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رغم أنها غير موجودة بالقانون، موضحا أنه تقدم بخطاب للدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب بتلك التعديلات.
وأضاف مروان أن فلسفة القانون ليست قائمة على سلب الاختصاصات من الوزارات ووضعها فى يد وزارة واحدة، إنما قائمة على التنسيق وليس سلب الاختصاصات، موضحا أن بعض المواد لم توضح اختصاصات وسلطات الوزارات، وهو الأمر الذى رأى أنه يحتاج إلى إعادة توضيح.
وأشار إلى أنه سلم الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان ورقة مقدمة من وزيرى الإسكان والتجارة والصناعة بها بعض الاقتراحات التى توضح الاختصاصات، موضحا أن وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى الدكتورة سحر نصر أعلنت موافقتها على تلك الورقة.
ومن جانبه هدد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة بالانسحاب من اجتماع اللجنة، بعدما قاطعه النائب حسن سيد عضو اللجنة الاقتصادية قائلا: "إحنا غير موافقين على مقترحاتك"، قبل أن يعرضها الوزير، وهو ما دفع قابيل للاعترض وهدد بالانسحاب من اجتماع اللجنة قبل أن يتدخل رئيس اللجنة ويطالبه بعرض وجهة نظره.
وأوضح قابيل أن مشاكل قانون الاستثمار الحالى جاءت بسبب الاستعجال فى إصداره، محذرا من تكرار نفس الخطأ فى القانون الجديد، واستعرض بعض المشكلات المتعلقة بتخصيص الأراضى الصناعية، لافتا إلى أن المجلس الأعلى للاستثمار وافق على تخصيص الأراضى بالمجان طبقا للضوابط التى تضعها الهيئة العامة للتنمية الصناعية، وأن هذا لم يحدث لضرورة توقيع بروتوكولات مع هيئة الاستثمار.
وتابع وزير الصناعة: "لا أتحدث عن مصلحة شخصية، أنا بتكلم عن حاجة تنفع البلد، محدش هياخد الوزارة معاه، والمشروع سيوقف تخصيص الأراضى فى كافة الوزارات إلا بعد العودة للهيئة العامة للاستثمار، وهذا يخلق البيروقراطية".
ونقل طارق قابيل مطالب وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى، والتى جاء فى مقدمتها استمرار تفعيل دور مركز خدمة المستثمرين بوزارة الإسكان، ومنح الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية والهيئة العامة للتنمية الصناعية نفس اختصاصات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وبدوره طالب المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بإعادة المادة الخاصة بإنشاء المناطق التكنولوجية بمشروع قانون الاستثمار تتبع وزارة الاتصالات، وذلك بعد أن حذفتها اللجنة الاقتصادية، لافتا إلى أن صناعات تكنولوجيا المعلومات وصل النمو بها خلال الفترة الماضية إلى 11.2%، مطالبا بدعمها لأنها جاذبة للعمالة.
وأشار القاضى، إلى أن مصر مؤهلة للعب دور محورى فى صناعة تكنلوجيا المعلومات لاسيما بعد تحرير سعر الصرف، لافتا إلى أن هناك 5 شركات تعمل فى صناعة تكنولوجيا المعلومات هم من يقودون الاقتصاد العالمي وهم أبل وجوجل ومايكروسوفت وأمازون وفيس بوك، وهو ما دفع الحكومة للتواصل معهم للعمل داخل مصر.
وأضاف أن الدليل على أن مصر مؤهلة لدخول مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات، هو أن إثيوبيا أصبحت تمثل مركزا من مراكز صناعة تكنولوجيا المعلومات والطيران، على الرغم من عدم وجود منفذ بحرى لها.
وسجل وزير المالية عمرو الجارحى، اعتراضه على وجود حوافز ضريبية بنص المادتين 11 و12 بمشروع القانون كما ورد من اللجنة، موضحا أن الحكومة تتجه للحد من الحوافز والإعفاءات الضريبية الممنوحة قدر الإمكان، وذلك بعد مناقشات طويلة داخل الحكومة، لافتا إلى أنه تم الاتفاق على تقسيم الجمهورية إلى قطاعين خاضعين للحوافز الجغرافية، لجلب صناعات جديدة وتحفيز التصدير.
وأوضح الجارحى أن فكرة الحوافز ستشجع المستثمر على ضخ أكبر قدر من الأموال، مشيرا إلى أن الدولة لن تستطيع التقدم دون تشجيع الاستثمار ورفع معدلات النمو وخفض عجز الموازنة ونسبة البطالة، وبالتالى الصرف بشكل أكبر لتطوير قطاعى الصحة والتعليم، لافتا إلى أن هناك توازنا بين الحوافز المنصوص عليها بقانون الاستثمار وبين الحفاظ على مقومات الدولة الأساسية.
وشهد اجتماع اللجنة مشادة بين الدكتور أشرف العربى عضو اللجنة وعمرو الجارحى وزير المالية، بعدما طالب العربى وزير المالية بعدم تكرار الحديث فى نفس النقاط مرة أخرى، ورد عليه وزير المالية قائلا: "أنت هتزعقلى ولا أيه".
وبدأت المشادة باعتراض وزير المالية على مطالبة رئيس اللجنة، بضرورة الإسراع فى الانتهاء من حسم التعديلات على المواد المؤجلة من فانون الاستثمار التى أحالها رئيس البرلمان على عبد العال إلى اللجنة مرة أخرى لدراستها مرة أخرى بناء على طلب الحكومة.
وعقب غلاب على اعتراض الوزير، بأن اللجنة تنفذ توصية البرلمان بسرعة الانتهاء من التعديلات، حيث يدرج القانون على جدول جلسات المجلس، وهو ما رد عليه وزير المالية بأنه ليس منطقيا أن نسرع فى تلك التعديلات الجوهرية والهامة، قائلا: "التعديلات اللى إحنا معترضين عليها تم إقرارها يوم الأحد وفوجئنا بها على صفحات الجرائد صباح الاثنين وتمت مناقشة القانون فى الجلسة العامة أمس".
وهنا تدخل أشرف العربى عضو اللجنة، موجها انتقاده بصوت مرتفع لاعتراض وزير المالية على آلية العمل داخل اللجنة، وتدخل النائب أحمد فرغلى أمين سر اللجنة، معترضا على أسلوب الوزير، قائلا: "هو مش قاعد فى الوزارة علشان يعلى صوته علينا".
ومن جانبه حاول عمرو غلاب رئيس اللجنة، تهدئة النواب مطالبا بالهدوء، كما تدخل بعض النواب لتهدئة الاجتماع بعدما شهد حالة من التوتر والقلق.
وفى سياق آخر تطرق الدكتور عمرو المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية أى المادة 31 من مشروع القانون الخاصة بعودة العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة، لافتا إلى أن المشروع المقدم من الحكومة أكد استمرار المناطق الخاصة الحالية لحين انتهاء المدة الخاصة بها، وتم الموافقة عليها من قبل باللجنة الاقتصادية.
كما أعلن رفض الوزارة القاطع لنظام المناطق الحرة الخاصة، قائلا "المناطق الخاصة منذ 45 عاما ولم تحقق أى عائد والواردات أكثر من الصادرات"، محذرا من تكرار الخطأ وتوقع نتائج مختلفة، مضيفا: "المالية ضد إنشاء مناطق حرة خاصة جديدة، هناك 217 شركة تدفع رسوم أكثر، وبعض الشركات تحصل 300 مليون دولار وبتدفع 200 ألف دولار رسمى".