لا أصدق حتى الآن أننا لازلنا فى خلافات "حكومية حكومية"، بسبب صراع الوزارات على صلاحيات إجراءات الاستثمار فى مصر، ذلك أننى كنت أظن أن المسألة من البساطة بمكان ما يجعل الصراع على التعاون وليس على "تركة الروتين"!
عامان من البحث والمراجعة والانتظار، وما إن انتهت الحكومة من القانون حتى بدت لنا سوءات العمل، فبصرف النظر عن تحفظات كثيرة على القانون وصياغته وبنوده، إلا أننا وجدنا مشكلة أكبر وأعمق، وهي أن الحكومة الواحدة خرجت علينا بقانون من المفترض أنه يسهل مهمة المستثمر فى البلاد، غير أنها تصارعت على الإجراءات والاختصاصات والصلاحيات، حتى يكون فى كل وزارة حجر عثرة أمام المستثمر!
باليقين الأمر به من التداخل ما يجعل هناك بعض المنطق أن تضطلع كل جهة بمهامها، لكن بيقين أكثر يتلامس مع المصلحة بشكل أكبر، علينا أن نتعاون قليلا، وتتراجع بعض الجهات خطوة للخلف، وتترك أخرى تتقدم لإنجاز كل ما يتعلق بالمستثمر، حتى لا يجد الأخير نفسه مضطرا للذهاب إلى "مدام سهير" فى وزارة التخطيط مرة، ثم "مدام اعتماد" فى وزارة الاستثمار مرة أخرى، ومدام كذا فى وزارة الصناعة، إلخ إلخ من الروتين القاتل الذى نعانى منه منذ عقود.
ربما لا أملك تصورا على الأرض يشرح بالدقة كيفية الوصول إلى طريقة إجرائية سلسة ودقيقة بشأن التعامل مع ملف المستثمرين، وتراخيصهم وإجراءاتهم، ولكن لدى قناعة أن الأمر ربما يحتاج لتواجد كل الاختصاصات فى وزارة واحدة حتى تتحقق المصلحة فيما يتعلق بأهل الاختصاص، ومن ناحية أخرى يتحقق الإنجاز فيما يتعلق بسرعة التعامل مع المستثمرين من خلال شباك واحد، ينجز كل شئ، ويكفى المستمثر شر اللف "كعب داير" على مبانى الحكومة المتناثرة فى كل مكان.
ليس هناك توقيت يصرخ لتغليب المصلحة العامة أكثر من الآن، وليس هناك حاجة لتذكير الوزراء أن السباق فى مثل هذه الفترات يكون من أجل التعاون وليس من أجل الصلاحيات، فليذهب كل وزير مختص ليدرس كيف يعيد تشغيل مصنع متوقف، وآخر صاحب اختصاص ليسهل على مستثمر إجراءات توقفت بفعل الروتين، عندها سيشعر الكل بالإنجار وليس بالاستحواذ، فأعتقد أننا فى وطن واحد، ونتحدث عن قانون استثمار واحد، فما العيب أن يكون كل ذلك من شباك واحد؟.