قبل 4 سنوات من اليوم، انتفض ملايين المصريين ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية، التى حاولت اختطاف الدولة لصالح أجندتها غير الوطنية، المنحازة لرؤى ومصالح دول وأنظمة أخرى، لتنجح الموجات البشرية الهادرة فى الإطاحة بالجماعة بعد سنة من إمساكها بمقاليد الحكم وسيطرتها على مفاصل الدولة، سعت خلالها إلى إحلال رجالها وحلفائها فى كل المواقع المؤثرة، والاستجابة لإملاءات وتوجيهات قطر وتركيا وغيرهما، وتنفيذ أجندة سياسية واقتصادية مهددة لصلب الدولة وركائزها الأساسية، وهذه الممارسات المتجاوزة هى ما أضفى على تحرك المصريين فى 30 يونيو 2013 أهمية مضاعفة، وجعلها ثورة غير عادية فى مسار الدولة المصرية.
السنة التى أمسكت الجماعة الإرهابية برقبة الوطن فيها، حملت لمصر كثيرا من المشكلات والخسائر، إذ تسببت فى نزيف حاد على أصعدة عدة، مع انشغال الجماعة بمحاولاتها المستميتة لأخونة الدولة، وخضوعها لتوجيهات أنقرة والدوحة، وتغليبها لمصالح الجماعة والتنظيم الدولى على مصالح الوطن، ما زاد من حدة المشكلات الاقتصادية القائمة، وخلق مشكلات أخرى لا حد لها، فتفاقمت حدة الأزمة فى قطاعات الكهرباء والصحة والتعليم، وتراجعت معدلات الإنتاج وزاد مستوى العجز فى الموازنة العامة، ما وضع مصر بأكملها على شفا الانهيار لصالح صعود نفوذ الجماعة وتحقيقها مزيدا من المكاسب.
الإخوان يزيدون ديون مصر 243 مليار جنيه.. ويهبطون بالاحتياطى لـ13.5 مليار دولار فقط
المرحلة التى صعد فيها الإخوان للحكم، بالمراوغة والتلاعب بالقوى السياسية، واستغلال حالة السيولة والفوضى التالية لثورة 25 يناير التى أضعفت مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، كانت تستوجب سياسات وطنية رشيدة، لإصلاح ما جرى خلال 30 سنة من حكم نظام مبارك والحزب الوطنى، ولكن الجماعة لم تتجاهل الحاجة الملحة للإصلاح فحسب، وحتى لم تُبق على الأوضاع كما هى، وإنما قادت إلى مزيد من التدهور.
تسببت الجماعة بسياساتها العشوائية وانحيازاتها غير الوطنية، فى خسائر هائلة خلال سنة واحدة، تحتاج إلى سنوات وعقود لإصلاحها وتجاوز آثارها، إذ ارتفعت ديون مصر فى العام 2013 من 1310 مليارات جنيه إلى 1553 مليار جنيه، بنسبة 89% من الناتج المحلى الإجمالى، وزيادة 243 مليار جنيه فى عام واحد فقط، بل إن فوائد الديون فقط فى عام حكم الرئيس المعزول محمد مرسى بلغت 43.5 مليار جنيه، وفى الوقت نفسه تراجع الاحتياطى النقدى الأجنبى ليصل إلى أدنى مستوياته ويسجل 13.5 مليار دولار فقط.
مرسى يرفع الدين الخارجى 25.6% والبطالة 13% والفقر لـ25%
وفق التقارير الرسمية والأرقام الموثقة، فقد ساهمت السنة التى سيطرت فيها الإخوان على مصر وحاولت اختطافها وانتزاع مؤسساتها لصالحها، فى خلق أزمة اقتصادية ومالية حادة، فقد كشف تقرير حكومى عن أن الدين الخارجى لمصر ارتفع خلال عام حكم "مرسى" بنسبة 25.6% بنهاية يونيو 2013، ليصل إلى 43 مليار دولار، مقارنة بحجمه فى الشهور السابقة عليه، الذى بلغ 34.4 مليار دولار، وتعود الزيادة الكبيرة فى الدين الخارجى إلى اعتماد "مرسى" وجماعته على القروض الخارجية من الدول الداعمة له، وفى مقدمتها قطر.
وخلال العام المالى 2012/ 2013، الذى شهد فترة حكم "مرسى" والإخوان، بلغ العجز فى الميزان التجارى 32 مليار دولار، فى حين سجلت معدلات البطالة 13%، مقارنة بـ12% فى بداية حكم مرسى، كما ارتفعت أعداد العاطلين إلى 3.6 مليون فرد نهاية يونيو 2013، فيما ارتفعت معدلات الفقر إلى 25% من عدد السكان على المستوى القومى، ووصلت النسبة إلى 50% فى محافظات الصعيد.
باحث إسلامى: سنة حكم الإخوان تسببت فى خسائر اقتصادية فادحة لمصر
فى هذا الإطار، قال هشام النجار، الباحث فى شؤون الجماعات الإسلامية، إن مصر لاحقتها خسائر اقتصادية عديدة خلال الفترة التى حكم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى البلاد، فمن الناحية الاقتصادية توارى خبراء الاقتصاد الحقيقيون، وهربت الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير من مصر، ما كان له انعكاس مباشر على الحركة الاقتصادية للبلاد.
وأضاف "النجار"، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن النظام الإخوانى اعتمد فقط على دعم تركيا وقطر المادى، الذى تم توظيفه بشكل منحرف لفرض الإرادة السياسية للدولتين على مصر، ما جعل باقى دول الخليج تبتعد عن القاهرة وتوقف تدفق استثماراتها، وهو ما كان له أثر سلبى كبير على الاقتصاد المصرى.
وأوضح الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، أنه خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية تم الترويج لمشروع وهمى، غير مدروس وغير واقعى، اسمه "مشروع النهضة"، ومن الاختبار العملى لتجربة الإخوان طوال سنة، تأكد أن السير بالمسكنات والوعود الزائفة والعناوين البراقة سيمضى بالبلاد لكارثة محققة، فلم تتقدم عجلة الاقتصاد ولم تشهد مصر استثمارات حقيقة خلال تلك الفترة، بل على العكس تراجعت المؤشرات الاقتصادية وزادت الأزمات، ونشأت أزمات أخرى جديدة ولا تقل حدة عن ميراث نظام مبارك طوال 30 سنة.
طارق أبو السعد: الإخوان عطلوا مؤسسات الدولة وتسببوا فى هروب المستثمرين
فى سياق متصل، قال طارق أبو السعد، الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان عطلت المؤسسات الاقتصادية بالدولة خلال فترة حكمها، إلى جانب مشاهد العنف خلقتها الجماعة وتورطت فيها بشكل مباشر، ما كان له تأثير خطير على عجلة الاقتصاد، لا سيما أن الجماعة كانت تتغلغل فى مؤسسات الدولة وتعطل قرارات مهمة لمسيرة الاقتصاد ومصالح مصر ومواطنيها، ما انعكس سلبا على البنية الاقتصادية للدولة ومؤشرات الأداء والنمو.
وأضاف "أبو السعد"، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن ما خسرته مصر بسبب الإخوان كثير، فالجماعة عطلت استثمارات مباشرة، وعطلت عجلة الاقتصاد، وكان هدفها خلال حكم المعزول محمد مرسى تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية، وتنمية شركاتها فقط، وتنفيذ رؤى وخطط قطر وتركيا وغيرهما من الدول الداعمة للتنظيم، على حساب الدولة المصرية ومصالحها.
وأشار الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية فى تصريحه، إلى أن ما خسرته مصر بعد ثورة 30 يونيو كثير ومؤثر، بسبب الحرائق التى أشعلتها عناصر الإخوان، والعمليات الإرهابية التى نفذها أبناؤها وحلفاؤها، سواء بمهاجمة مؤسسات الدولة أو تعطيل عجلة الاقتصاد، وبلغت خسائر هذه المرحلة مليارات الدولارات، إلى جانب ما حملته ممارسات الجماعة من ضغوط على الاستثمار المباشر والسياحة وحركة التبادل التجارى، ما أدى فى النهاية لهروب كثيرين من المستثمرين من مصر، وزيادة حدة الزمة ودرجة المعاناة الاقتصادية.