سؤال يدور فى أذهان المواطنين مع قرب انتهاء دور الانعقاد الثانى لمجلس النواب، ومرور 18 شهرا على انعقاد المجلس فى يناير 2016، وهو "هل اغتنى نواب المجلس أو حققوا ثروات بسبب عضويتهم بالمجلس؟".
الإجابة على هذا السؤال تتطلب معرفة طريقة تقاضى النواب رواتبهم، وهل هناك ضوابط ومحاذير تحكم عملهم فى الحياة العامة أم أن هناك حرية فى التعاملات المالية والاستثمارات وتحقيق المصالح؟.
أولا: هل هناك رقابة على ثروات وأموال النواب؟
وفقا للمادة 38 من قانون مجلس النواب فإن القانون ألزم النواب بتقديم إقرار ذمة مالية للمجلس عند شغل العضوية وعند تركها وفى نهاية كل عام، وهو مايعزز إمكانية مراقبة أرصدة وثروات النواب قبل وبعد وأثناء وجودهم بالبرلمان.
ثانيا.. كم يتقاضى كل نائب شهريا من البرلمان؟
وفقا للمادى 34 من قانون مجلس النواب فإن كل نائب يحصل على مكافأة شهرية 5 ألاف جنيه، إضافة إلى المكافآت والبدلات، على ألا يتخطى مجموعهم عن أربعة أضعاف المكافآة، وهو 20 ألف جنيها شهريا، ما يعنى أن أقصى مايتقاضاه أى نائب شهريا 20 ألف جنيه.
ثالثا.. هل يحصل النواب على رواتب من جهات أخرى؟
وفقا للمادة 31 من قانون مجلس النواب، إذا كان عضو مجلس النواب عند انتخابه أو تعيينه من العاملين فى الدولة أو فى القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، يتفـرغ لعضوية المجلس ويحتفظ لـه بوظيفته أو عملـه، وتحسب مدة عضويته فى المعاش أو المكافأة.
ويكـون لعضو مجلس النواب فى هـذه الحالة أن يتقاضى راتبه الذى كان يتقاضاه من عمله، وكل ما كان يحصل عليه يوم اكتسابه العضوية من بدلات أو غيرها طوال مدة عضويته.
ولا يجوز مع ذلك، أثناء مدة عضويته بمجلس النواب أن تقرر له أية معاملة أو ميزة خاصة فى وظيفته أو عمله.
كما أنه لا يجوز أن يتخطى إجمالى كل مايتقاضاه النائب من البرلمان ومن وظفيته الحد الأقصى للأجور وهو 42 ألف جنيه.
رابعا.. هل يستطيع النواب التربح أو رئاسة شركات أو استغلال مناصبهم؟
تضمن قانون مجلس النواب نصا كاملا تحت عنوان "منع تضارب المصالح"، ونصت مواد على الأتى..
1. الفصل بين ملكية النائب لأى أسهم فى شركات أو أصول وإدارتها، بمعنى أنه لايجوز له إداراتها أو اتخاذ قرارات تخصها، وعلى النائب إخطار المجلس بإتمام اتخاذ ذلك الإجراء.
2. لا يجوز للنائب طوال مدة عضويته أن يشترى بشكل مباشر أو غير مباشر أسهما أو حصصا فى شركات أو مشروعات تجارية أو زيادة حصته فيها.
3. يحظر على النائب التعامل فى شراء الأصول والفروع إلا بالسعر العادل، وبالشروط السائدة فى الأسواق ، ودون أن يستخدم صفة عضو مجلس النواب فى عملية الشراء.
4. لا يجوز للنائب أن يقترض مالاً أو يحصل على تسهيل ائتمانى أو يشترى أصلا بالتقسيط إلا وفقا لمعدلات وشروط العائد السائدة فى السوق دون الحصول على أية مزايا إضافية، وبشرط إخطار مكتب المجلس.
5. لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب وعضوية الحكومة، أو المجالس المحلية، أو منصب المحافظ أو نائب المحافظ، أو مناصب رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية أو عضويتها، أو وظائف العمد والمشايخ، أو عضوية اللجان الخاصة بهما.
6. لا يجوز أن يُعَين عضو مجلس النواب فى وظائف الحكومة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو الشركات المصرية أو الأجنبية أو المنظمات الدولية أثناء مدة عضويته.
كيف أغلق البرلمان الحالى أبواب الفساد؟
كل هذه المواد والضوابط والمحاذير سدت الكثير من أبواب الفساد والتربح التى كانت تتم فى برلمانات فى عهود سابقة، كاستغلال النفوذ فى الحصول على قروض، وأراضى ومناصب وتحقيق مصالح استغلالا لعضوية البرلمان.
انتهاء ظاهرة النائب الوزير وتضارب المصالح
تخلص البرلمان الحالى بقانونه من ظاهرة تسببت فى كثير من أبواب الفساد فى عهود سابقة كانت تتمثل فى السماح للنائب أن يكون وزيرا أو مسئولا بالحكومة، ويتذكر الكثيرون برلمانى 2005 و2010 بما كانا يضماه من وزراء ومسئلوين بالحكومة، أشهرهم يوسف بطرس غالى الذى كان وزيرا للمالية ونائبا بالبرلمان، وكمال الشاذلى الذى كان وزيرا لشئون مجلس الشعب ونائبا بالبرلمان، وسيد مشعل الذى كان وزير للإنتاج الحربى ونائبا بالبرلمان، وغيرهم الكثيرين، مما أفقد البرلمان قدرته على تفعيل رقابة الحكومة، وتسبب فى تضارب كبير فى المصالح، وهو ما لم يعد ممكنا فى البرلمان الحالى.
القضاء على ظاهرة "نواب القروض والأراضى"
فى برلمان 1995 حدثت واقعة فساد كبيرة كان طرفها نواب البرلمان، سميت إعلاميا بفضيحة نواب القروض، حيث تم الكشف عن حصول عدد من النواب وقتها على قروض من البنوك بتسهيلات كبيرة بالمخالفة للأصول والأعراف المصرفية، مما ألحق ضرراً بعدد من البنوك.
كما شهدت تلك الفترة ومابعدها أيضا تورط نواب بالمجلس فى وقائع الحصول على أراضى الدولة سواءا بأسعار منخفضة أو بوضع اليد مستغلين فى ذلك مناصبهم النيابية، وهو ما راعى قانون مجلس النواب الصادر فى 2014 مواجهته بالمحاذير المذكورة سابقا.
انتهاء عصر الحصانة الكاملة للنواب
فى الماضى كانت الحصانة البرلمانية تمنح للنائب فى كافة أنشطة حياته فلا يجوز القبض عليه أو تفتيشه إلا بطلب رفع الحصانة أولا، إلا أن القانون الحالى منح النائب حصانة تحت قبة البرلمان فقط ومن خلال استخدام الأدوات الرقابية، أما خارجها فهو يتم معاملته كمواطن عادى عليه كافة الالتزامات فى حالة التلبس وغيرها.
وهو ماتأكد فى العديد من الوقائع خلال الفصل التشريعى الحالى، فى وقائع مثل التحقيق مع النائبة سحر الهوارى وإدانتها والحكم عليها بالسجن 5 سنوات ولم يمنع دخولها البرلمان القانون من إدانتها وتنفيذ الحكم بعد رفع الحصانة عنها بطلب من النائب العام.