تلقى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بيانا موقعا عليه من 49 كاتبا ومثقفا وفنانا ووزراء سابقين، من جميع الدول العربية يبدون فيه احتجاجهم على الخطوة التى اتخذها الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا أولاند، بترشيح وزيرة ثقافته السابقة أودرى أزولاى لمنصب مدير عام اليونسكو، الذى كان قد اتفق على أن يكون هذه المرة من نصيب المجموعة العربية.
وعلم "برلمانى" أن البيان تم تسليمه رسميا إلى السفير الفرنسى بالقاهرة قبيل الزيارة الأخيرة التى قام بها وزير الخارجية جان إيف بو دريان بالقاهرة، والتى تسلم خلالها نص البيان ليرفعه إلى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لدى عودته إلى باريس.
وكانت جريدة نوفل أوبسرقاتور الفرنسية هى التى كشفت النقاب عن تسلم الرئيس ماكرون لبيان المثقفين العرب والذى لم ينشر عنه شيئا حتى الآن فى الصحافة العربية.
وقد أجرت الجريدة الفرنسية حديثًا مع الكاتب المصرى الكبير محمد سلماوى، وهو أول الموقعين على البيان قال فيه: إن قرار الترشيح الفرنسى ضرب بعرض الحائط الاتفاق الذى كان قد اتفق عليه بين أعضاء المجلس التنفيذى لليونسكو بأن يؤول موقع المدير العام هذه المرة إلى العرب، وبناء عليه فقد تم تقدم 4 من المرشحين العرب لهذا المنصب حتى يكون هناك مجالا للاختيار من جانب المجلس التنفيذى لليونسكو.
وقال الكاتب الكبير محمد سلماوى فى حديثه مع الجريدة الفرنسية ، أن موقع مدير عام اليونسكو كان من نصيب جميع المناطق الجغرافية فيما عدا المنطقة العربية، رغم أن بعض دولها شاركت فى تأسيس اليونسكو عام 1945، وقال أن المجموعة الأوروبية حصلت على هذا المنصب 6 مرات حتى الآن.
وقد ورد فى البيان أن هذا الترشيح كان يهدف تسكين بعض أعوان الرئيس الفرنسى السابق المقربين له فى بعض المواقع قبل رحيله عن رئاسة، ولذا جاء قرار ترشيح أودرى أزولاى، فى اللحظات الأخيرة قبل إغلاق باب الترشح لليونسكو، ومن المعروف أن فرانسوا أولاند فعل نفس الأمر مع عشيقته وأم أولاده التى لم يتزوجها سيجولين رواين بترشيحها لرئاسة برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة لكنها خسرت أمام المرشح الألمانى.
وأشارت الجريدة الفرنسية إلى أن ترشيح أودرى أزولاى لا يعترض فقط طريق العرب فى الوصول إلى اليونسكو لكنه يضيف بعدا دينيا للمنافسة، حيث أن أودرى أزولاى، يهودية الديانة، مما يجعل المنافسة بين المرشحين العرب المسلمين والمرشحة الفرنسية اليهودية ذات طابع استقطابى على حد قول الجريدة وهو ما لا نحتاجه فى هذه المرحلة من تاريخنا.
وأشار البيان إلى أنه قد جرت العادة على أن دولة المقر لا تقود منافسة الدول الأخرى الأعضاء فى المنظمة الدولية التى تستضفها على أرضها لكن الرئيس الفرنسى لم يراعى ذلك فى ترشيح وزيرته السابقة، كما لم يراعى علاقات الصداقة الوطيدة التى تجمع بين فرنسا والعالم العربىوفى مقدمتهم مصر التى تعتبر مرشحاتها السفيرة مشيرة خطاب واحدة من أقوى المرشحين التسعة المتنافسين على هذا الموقع، حيث قدمت عرضا لرؤيتها لمستقبل اليونسكو فى الجلسة التى عقدها المجلس التنفيذى بالشهر الماضى للاستماع إلى المرشحين لموقع المدير العام وكان أداء المرشحة المصرية متفوقا بشكل لافت للنظر حسب شهادة أعضاء المجلس أنفسهم، اما بقية المرشحين فهم اللبنانية فيرا خورى، والقطرى حمد بن عبد العزيز الكوارى، والفرنسية أودرى أزولاى، والصينى تيشان تانج، وبولاد بولبلوجى من أذربيجان، وفام سان تشو من فيتنام، وجان ألفونسو فونتيس من جواتيمالا، وصالح الحسناوى من العراق.
يعتقد المراقبون أن المنافسة تنحصر فى الانتخابات المقررة فى أكتوبر القادم بين 3 مرشحين فقط هم مصر وفرنسا والصين، وتعود قوة مصر إلى تقدم مرشحاتها صاحبة الخبرة الطويلة فى مجال المنظمات الدولية ولانجازاتها فى مجال التعليم وحقوق المرأة والطفل أثناء توليها منصب الأسرة والسكان، اما المرشحة الفرنسية فخلفها ثقل فرنسا داخل اليونسكو باعتبارها دولة المقر، وكذلك نفوذ المنظمات اليهودية الدولية التى تدعمها بشكل كبير.
وأما المرشح الصينى فيعتمد على خبرته داخل اليونسكو باعتباره مندوبا لبلده منذ سنوات، بالإضافة لكون الصين هى المانح الأكبر لمشروعات اليونسكو المختلفة.
وقد وقع على البيان كلا من الكاتب الكبير محمد سلماوى، والناقد الدكتور جابر عصفور، وعالم الآثار الدكتور زاهى حواس، وجاء أكثر من نصف الموقعين العرب من خارج مصر ومعظمهم يمثل منظمات وهيئات ثقافية يصل أعضاءها بالآلاف، وفيما يلى نص البيان وأسماء الموقعين:
بيان من المثقفين العرب.. إلى الرئيس المنتخب إيمانويل ماكرون، حول ترشح فرنسا لليونسكو
نحن الأدباء والكتاب والمفكرين والفنانين المصريين والعرب الموقعون على هذا البيان، نتقدم بالتهنئة القلبية للرئيس الفرنسى المنتخب إيمانويل ماكرون، ونعلن تأييدنا لموقفه المناهض لكل أشكال التطرّف والتحيز سواء فى الداخل أو الخارج، ونتطلع لمرحلة جديدة فى تاريخ فرنسا وفى علاقاتها التاريخية بالوطن العربى.
ومن هذا المنطلق فإننا نعلن احتجاجنا على تلك الخطوة الاستفزازية التى قام بها الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند قبيل مغادرته قصر الإليزيه، بترشيحه لوزيرة ثقافته أودرى أزولاى لموقع المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، دون مراعاة لعلاقات الصداقة الوطيدة التى طالما جمعت فرنسا بالعالم العربى، ودون احترام للمبدأ المتوافق عليه دوليا بعدم جواز ان تستحوذ دولة واحدة على رئاسة أكثر من منظمة دولية كبرى فى نفس الوقت.
إن فى قرار الرئيس الفرنسى السابق والذى تخطى فيه جهات الاختصاص فى إدارته، من وزارة الخارجية الى مجلس النواب (وفق ما كشفت عنه تقارير الصحافة الفرنسية آنذاك)، ما يشير الى محاولة غير مقبولة لاستغلال الإجراءات الديموقراطية من أجل الاستحواذ على مواقع قيادية اتفق على تداولها، معتمدا فى ذلك على ما لدولة المقر من ثقل يفوق بقية الأعضاء، وهو عادة ما يجعل دول المقر تمتنع عن خوض مثل هذه المنافسات غير المتكافئة والتى تخل بمبدأ التداول الديمقراطى.
ولا نظنه كان خافيا على الرئيس السابق أن الاتجاه السائد هذا العام كان أن تؤول إدارة اليونسكو هذه المرة الى مرشح من المنطقة العربية ذات التاريخ الحضارى والثقافى الممتد عبر القرون، والتى شاركت فى تأسيس اليونسكو عام ١٩٤٥، وبمجرد فتح باب الترشيح تقدمت بالفعل أربع دول عربية بمرشحيها، تاركة المجال مفتوحا أمام المجلس التنفيذى لليونسكو لاختيار الشخصية العربية المعايشة للواقع العربى والمعبرة عنه، بما يمكن أن يصلح العوار الناتج عن تولى القارة الأوروبية إدارة هذه المنظمة الدولية ست مرات حتى الآن (تولتها فرنسا طوال ١٣ عاما منها)، بينما لم تتولاها المناطق الجغرافية الأخرى إلا مرة واحدة فقط، أما المنطقة العربية فلم تتولاها على الإطلاق طوال حوالى ثلاثة أرباع القرن.
لقد جاءت تلك الخطوة الرئاسية المباغتة لتكشف عما يبدو وكأنه إصرار على الحيلولة دون وصول العرب الى ادارة اليونسكو تحت أى ظرف من الظروف، ذلك أن تلك ليست المرة الأولى التى تترشح فيها شخصية ثقافية كبيرة من العالم العربى لمنصب المدير العام لليونسكو، وهى تخلق مواجهة لا لزوم لها بين الشرق والغرب، وتزيد من حدة الاستقطاب الذى يعانى منه العالم على كافة المستويات السياسية والثقافية والدينية.
لقد ساهمت الحضارة العربية فى بناء الحضارة الانسانية بما لا يمكن تجاهله، ولولا ما قدمته فى هذا المجال من إنجازات فكرية وثقافية وعلمية، ما انقشعت ظلمات العصور الوسطى ولا بزغ فجر عصر النهضة، لكن الدول صاحبة هذه الحضارة تتصدى الْيَوْمَ للخطر الداهم الذى يواجه الحضارة الانسانية فى كل مكان، والمتمثل فى التطرّف الدينى والإرهاب، وان وصول أحد مرشحيها لقيادة أكبر المنظمات الثقافية الدولية سيعطى بلا شك زخما جديدا لهذه المعركة، ويخرجنا من دائرة المواجهة الزائفة بين الشرق والغرب.
إننا نطالب الرئيس الفرنسى المنتخب بأن يعيد النظر فى تلك الخطوة غير الموفقة التى اتخذها الرئيس السابق والتى يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة تؤثر على الصورة الإيجابية لفرنسا فى العالم العربى، وعلى العلاقات العربية الفرنسية التى لا نشك فى الحرص المشترك عليها من الجانبين العربى والفرنسي.
الموقعون:
١) محمد سلماوى، أمين عام اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأميريكا اللاتينية
٢) الدكتور جابر عصفور، وزير ثقافة مصر الأسبق
٣) أحمد سويلم، شاعر مصرى
٤) الدكتور محمد عبد المطلب، ناقد أدبى مصرى
٥) محمد أبوسيف، مخرج سينمائى مصرى
٦) سمير درويش، شاعر مصرى
٧) بهاء عامر، فنان تشكيلى مصرى
٨) محمد بدر، خزاف مصرى
٩) محمد الشافعى، كاتب صحفى مصرى
١٠) محمد سليمان، شاعر مصرى
١١) غسان جمعة، مونتير سورى
١٢) أحمد ناجى، روائى مصرى
١٣) نازلى مدكور، فنانة تشكيلية مصرية
١٤) ياسين النصير، ناقد أدبى عراقي
١٥) الدكتور فيصل الأحمر، شاعر وأكاديمى جزائرى
١٦) جعفر العقيلى، قاص وصحفى أردنى
١٧) سيدى ولد الأمجاد، كاتب وشاعر موريتاني
١٨) الدكتور مبارك سالمين، رئيس اتحاد كتاب وأدباء اليمن
١٩)الدكتور ربحى حلوم، شاعر أردنى
٢٠) الدكتور محمد أحظانا، رئيس اتحاد كتاب موريتانيا
٢١) الدكتور نضال الصالح، رئيس اتحاد الكتاب العرب بسوريا
٢٢) مراد السوداني، رئيس اتحاد كتاب فلسطين
٢٣) الدكتور زياد أبو لبن، رئيس رابطة الكتاب الأردنيين
٢٤) الدكتور عبد المجيد شكير، مسرحى مغربى
٢٥) خالد السماحى، فنان تشكيلى مصرى
٢٦) الدكتور حمدى أبو المعاطى، نقيب الفنانين التشكيليين المصريين
٢٧) محمد البدوى، كاتب وأكاديمى تونسى
٢٨) أمينة خيرت، مطربة أوبرا مصرية
٢٩) الدكتور عمر أحمد قدور، رئيس الاتحاد القومى للكتاب السودانيين
٣٠) الفاتح حمدتو، شاعر سودانى
٣١) مصطفى عوض الله بشارة، شاعر سودانى
٣٢) عبد الرحمن حسن عبد الحفيظ، كاتب سودانى
٣٣) عبد المنعم أبو القاسم، كاتب سودانى
٣٤) الدكتور عمر محمد العمّاس، كاتب سودانى
٣٥) الدكتور طه حسن طه، كاتب سودانى
٣٦) عثمان سوار الذهب، كاتب سودانى
٣٧) محمد العرابى، نائب برلمانى مصرى
٣٨) السفير محمد حجازى، دبلوماسى مصرى سابق
٣٩) غسان المجذوب، مؤرخ موسيقى لبنانى
٤٠) الدكتور محمد عبيد الله، ناقد أدبى وأكاديمى أردنى
٤١) صلاح الدين الحمادى، رئيس اتحاد الكتاب التونسيين، ورئيس اتحاد دول المغرب العربى
٤٢) طلال الرميضى، أمين عام رابطة الأدباء فى الكويت
٤٣) منذر جدع، موسيقى فلسطينى
٤٤) عبد المحسن سلامة، نقيب الصحفيين المصريين
٤٥) الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار المصرى الأسبق
٤٦) المستشار نعيمة محمد جِبْرِيل، رئيس محكمة بنغازى بليبيا
47) محمدو ولد أحمد صابور، شاعر موريتانى
48) هند صبرى، فنانة تونيسية
49) فاطمة سيبنى قاسم، المدير السابقة لمركز بالأسكوا التابعة للأمم المتحدة لبنان