لا تزال دولة قطر بعد شهرين من الأزمة مع الدول العربية، تراهن على أحضان الملالى الخاسرة ظنا منها أن التلويح بورقة إيران فى وجه الدول الداعية لمكافحة الإرهاب الممول من قطر سيأتى ثماره، أو أن فتح أبواب إمارة قطر الصغيرة أمام عناصر الحرس الثورى الإيرانى والقوات الأجنبية الأخرى سيجعل نظامها فى مأمن من أى انتفاضة شعبية، أو أن عروضها السخية وإمدادها بكل ما تحتاجه من المواد الغذائية سينجى النظام من أزمة اقتصادية تفتك بها.
لا تزال دولة قطر بعد شهرين من الأزمة تراهن على أحضان الملالى الخاسرة، التى ارتمت فيها منذ بدايتها بعد ما قطعت الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية الدولة القطرية "تنظيم الحمدين" فى 5 يونيو الماضى، بسبب رعايتها للإرهاب، وإيواء تنظيمات إرهابية وعناصر مطلوبة دوليا، وهو ما ظهر بقوة فى طلب الدوحة من طهران فتح "قاعدة عسكرية" على أراضيها- بحسب تقارير اعلامية- لتكون بمثابة الخنجر الجديد الذى ستطعن به العرب.
التلويح بورقة إيران فى وجه العرب لم يكن استراتيجية النظام القطرى منذ بداية الأزمة فحسب بل بنيت قطر علاقاتها السياسية خلال السنوات الماضية على مبدأ الإضرار بأمن دول الخليج العربى واستفزاز مجلس التعاون الخليجى، وكان أبرز مثال على ذلك مساعيها لإقحام طهران فى البيت الخليجى عندما بلغ التعاون بينهما ذروته حيث دعت قطر الرئيس السابق أحمدى نجاد فى عام 2007 لحضور مؤتمر قمة الخليج بالدوحة كضيف شرف، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكرى مع الحرس الثورى بتوقيع اتفاقية عام 2015، وصفها المراقبون بالخطوة الغريبة التى لم تقدم عليها أى دولة عربية فى المنطقة سوى قطر.
ولم ينس أمير الإرهاب القطرى، تميم بن حمد فى خطابه الذى ألقاه أمس، الجمعة، ارسال رسالة استفزازية مباشرة إلى دول الرباعى العربى، عندما قال أقدم الشكر لـ"كل من فتح لنا أجوائه ومياهه الإقليمية"، حيث اعتبرها المراقبون المتابعون للسياسة القطرية أنها رسالة أيضا يتودد بها الأمير الصغير لحكام طهران، كى تغدق عليه المزيد من شحنات المواد الغذائية عبر الجسر البحرى بميناء بوشهر الذى خصصته إيران للتبادل التجارى مع قطر، بالاضافة إلى عروضها التى لن تنتهى.
ويرى المراقبون أن سماح إمارة الإرهاب لطهران ببناء قاعدة عسكرية هو نوع من الإستفزاز المباشر لدول الرباعى العربى، فبدلا من أن تسعى الدوحة لإنجاح المساعى العربية من أجل حلحلة الأزمة، راحت من جديد تراهن على إيران التى تسعى هى الأخرى لإستفزاز مشاعر أطراف الأزمة، وتحقيق أحلامها فى السيطرة على الخليج، وتغلغل عناصرها فى الدول الخليجية، ووضع أقدام عناصر الحرس الثورى داخلها، لإثارة القلاقل بها، وتنفيذ أجندتها المشبوهة.
وعتمت إمارة الدوحة التى تدعى الاستقلالية فى القرار، على انتشار عناصر الحرس الثورى فى مؤسسات الدولة لحماية النظام القطرى أمام موجة استياء شعبية غير مسبوقة، وحاولت التغطية على التقارير التى تفيد بأن هذه العناصر أصبحت تبسط سيطرتها على مفاصلها، وبالتالى تسيطر على قراراها السياسى، وتقديم المنطقة الخليجية إلى إيران على طبق من ذهب، عبر إنشاء قواعد للتغلغل فى هذه المنطقة، كما أن هناك تقارير إعلامية أشارت إلى أن الدوحة سمحت لعناصر إيرانية بالبقاء على الحدود القطرية السعودية، كنوع من الاستفزاز المباشر.
لكن المراقبون أيضا أكدوا على أن طهران لن تخرج من الدوحة حتى لو انتهت الأزمة القطرية، فالفرصة التى منحها إياها تميم لم ولن تعوض، وعرض الأخير بإنشاء قاعدة عسكرية قُدم لطهران على طبق ذهب كى تنفذ أجدتها السياسية المشبوهة، وأكدوا على أن القاعدة ستتحول إلى احتلال إيرانى لقطر بعد ذلك.
كل هذه الخطوات والسياسات التى يتبعها "تنظيم الحمدين" فى الأزمة، جعلت أمير قطر يواجه مصيرا محسوما بعد أن سار متخبطا نحو تأزيم الموقف بدلا من طريق الحلول، وهو الأن يغامر مغامرة كبرى لم يحسب عواقبها على مستقبل بلاده ومنطقة الخليج العربى بشكل عام، لكنها فى النهاية ستكون عواقب وخيمة عليه، فالدول الرباعى لاتزال عصية على الإختراق الإيرانى على عكس الدوحة التى أصبحت مرتع لملالى إيران.