على الرغم من نفى القاهرة رسميا وعلى لسان رئيسها "مبارك"، أى دور لمصر فى محاولة إعادة أمير قطر المخلوع الشيخ "خليفة"، إلى منصبه مرة أخرى، بعد أن انقلب عليه ابنه حمد بن خليفة، ونصب نفسه أميرًا على البلاد، إلا أن الأخير ظل يحمل حقدًا دفينًا لمصر والمصريين، وظلت العلاقة بين القاهرة والدوحة "متوترة" فى ظل حكم "الأمير المنقلب".
"برميل قطر" وضع يده بيد أعداء الأمة، وقام بتنفيذ مخططهم الدنئ والذى يهدف لتفتيت الدول العربية، تحت مسميات عدة، منها "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، من أجل تحقيق أمن إسرائيل، وضمان تدفق حقول النفط لتبقى تحت سيطرتهم حتى تنضب، فاستضاف أكبر قاعدة للقوات الأمريكية فى المنطقة، "العديد"، لتكون له سندا وظهيرا، فى تنفيذ المخطط، ولباقى دول المنطقة عدوًا وحزنًا.
ففى شتاء 2011، أصبحت الفرصة سانحة أمام "أمير قطر المنقلب"، لينتقم من مصر، ظنا منه أنها أرادت إزاحته عن السلطة وإعادة والده مرة أخرى، "برميل قطر"، حاول الانقضاض على أكبر دولة بالمنطقة، وتحويلها إلى بؤرة صراع واقتتال مدة 50 عامًا، حتى لا تقوم لها قائمة.
قيل قديمًا إن "الترويج مهما علا صراخه لا ينجح فى تسويق بضاعة رديئة"، ففى نوفمبر 1996 أطلق "حمد" "الجزيرة" لتكون آداته التخريبية من أجل تنفيذ المشروع الشيطانى الذى يهدف إلى تفتيت الدول العربية إلى عدد من الدويلات، ولخدمة أجندته السياسية ونشر رسائله، حيث وصفها وزير الإعلام البحرينى "على بن محمد الرميحى" بأنها آداة لترويج الفتن والتطرف.
مركز كارنيجى للشرق الأوسط، قال عن القناة، إن استقلالية محتوى قناة الجزيرة موضع شك بسبب اعتمادها المالى على دولة قطر، ولأن أحد أفراد الأسرة الحاكمة فى قطر يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها، حيث انتقدت قناة الجزيرة بانتظام المسئولين العرب والمصريين وكذلك الرؤساء، ومع ذلك، فهى لم تنتقد أبدا المسئولين القطريين أو جماعة الإخوان.
وأشار المركز إلى أن القناة تتصرف باعتبارها بديلاً لوزارة الإعلام القطرية الملغاة وحتى لوزارة الخارجية القطرية أحياناً، وبأجندة سياسية واضحة دفعت القناة إلى انتقاد بعض البلدان أو الزعماء وتجنب آخرين أو الثناء عليهم، فى حين بقيت بمنأى عن السياسة القطرية، وقد اتّضح هذا أكثر من أى وقت مضى بعد عزل محمد مرسى، عندما اتخذت القناة موقفاً منحازاً مؤيداً لجماعة الإخوان، وبذلك ارتكبت القناة أخطاء وقائعية كبيرة، بما فى ذلك بث صورة واقعية عن احتجاجات كبيرة مناوئة لمرسى ووصفها بأنها مؤيّدة له.
وبدأت "الجزيرة" فى فبركة التقارير والأخبار عن مصر ولمدة استمرت 15 عامًا، حتى حانت فرصة الانتقام واندلعت ثورة يناير ضد حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ليطلق "حمد" سموم قناته المشبوهة تجاه "القاهرة" حتى لا يقوم للشرق قائمة: "أنا إن قدر الإله مماتى.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى .. كـم بغـت دولـة على وجــارت.. ثم زالت وتلك عقبى التعـدي".. من قصيدة "مصر تتحدث عن نفسها لشاعر النيل "حافظ إبراهيم".
ومنذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة، عمدت "الجزيرة" على نشر الأكاذيب عن أعداد قتلى الثورة، واستضافة أشخاص أرادوا هدم الدولة لحاجة فى نفس يعقوب، لم يقضها الله لهم، لم تكتف قطر بالجزيرة الأم بل عمدت إلى إطلاق قناة تحمل اسم "الجزيرة مباشر مصر"، فى الشهر التالى للثورة أى مارس 2011.
ركزت القناة الوليدة على أحداث شهدتها البلاد كان هدفها هو "إسقاط الدولة المصرية"، وكان من بين هذه المشاهد هو نشر مقاطع فيديو لانفجار خط الغاز الطبيعى المتجه لإسرائيل، فى 27 من أبريل 2011، وفى 9 سبتمبر قامت القناة بتغطية اقتحام القنصلية الإسرائيلية فى الجيزة، وما لبثت أن استضافت "أحمد الشحات" الشاب الذى أنزل العلم الإسرائيلى من فوق القنصلية، ثم وصفت ما فعله الشاب بالبطولة.
صفوت حجازى "الإرهابى"، كان ضيفا دائما على هذه القناة، حيث قال عن مشهد اقتحام السفارة الذى أساء لمصر كثيرًا، أمام دول العالم: "لا أتصور أن الشاب قام بارتكاب جريمة"، وتساءل: "هل تسلق مبنى أصبح جريمة؟"، مؤكدًا أن هذا الرجل حقق إرادة ملايين كانوا يتمنوا هذه اللحظة ولم يرتكب مخالفة قانونية، متوعدا بتكرار اقتحام سفارة إسرائيل بالقاهرة، فكانت قيادات الإخوان والمحسوبون عليهم، ضيوفا دائمين بالقناة، حتى تحولت لمنصة الإخوان الإعلامية بعد الثورة.
إبان ثورة يناير، وفى طلة من إطلالاته على قناة الجزيرة اتهم عصام سلطان، الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، على الهواء مباشرة بأنه كان مناصرا للديكتاتورية والشمولية إبان عهد مبارك، كما تطاول على الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، زاعمًا أن مطالباته المستمرة للمجلس العسكرى بالاستمرار فى الحكم له أسباب تتعلق بنجله.
ولأن "الأزهر" من قوى مصر الناعمة، التى أرادت قطر إسقاطها ضمن مشروعها الكبير لإسقاط الدولة المصرية، استضافت القناة أشخاصًا "معممون" ومن ضمنهم "جعفر الطلحاوى" العضو فى اتحاد "القرضاوى"، من أجل التطاول على الأزهر الشريف وقياداته والتشكيك فى المؤسسة الدينية العريقة.
"القناة العميلة" أرادت استثارة فئات معينة فى المجتمع المصرى، مثل "المزارعين"، حيث عمدت إلى بث ونشر الشائعات المغرضة والتشكيك فى قدرة الحكومة على توفير الأسمدة الكيماوية للمحاصيل، وبعد ثورة 30 يونيو، قامت "القناة" بحملة كذب وتضليل لم يشهدها تاريخ الإعلام من قبل، فكانت تعرض فيديوهات مفبركة عن مسيرات ومظاهرات مناهضة للثورة، وهى مشاهد ثبت فبركتها وعدم صحتها، حيث فشلت جميع محاولات القناة فى تأليب وتحريض الرأى العام المصرى ضد الرئيس السيسى أملاً فى عودة الرئيس المعزول محمد مرسى، والقائمة تطول وتطول.