وتعتبر ديون المؤسسات الحكومية لدى المؤسسات الحكومية أو التشابكات المالية بين المؤسسات المختلفة أمر معقد، فكل مؤسسة حكومية لديها مستحقات لدى الأخرى، وكل المحاولات بتصفيتها أو تسديدها لم تحل حتى الآن، رغم أهميتها وتأثيرها السلبى على الوضع الاقتصادى.
واعتبر عدد من الخبراء وأعضاء مجلس النواب توجيهات المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بحصر أصول الدولة غير المستغلة واعتبارها فى أولويات الحكومة، ووضع تصور متكامل حول سبل الاستفادة منها على الوجه الأمثل، بما فى ذلك الأصول التى تمتلكها الشركات، والمؤسسات التابعة للدولة، وذلك بهدف فض التشابكات المالية، وتحقيق الإدارة الرشيدة للأصول المملوكة للدولة واستغلالها على النحو الأمثل، خطوة أولى لفض تلك التشابكات والحد من الدين الداخلى.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد معيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة أن فكرة استبدال الدين الداخلى بالأصول غير المستغلة تحتاج إلى مزيد من الدراسة، موضحًا أن الفكرة طُرحت من قبل وكان هناك محاولات لتنفيذها لكنها توقفت.
وأشار معيط فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، إلى أن الجزء المتعلق بمستحقات الهيئة العامة للتأمينات فقط هو الذى يُمكن استبداله بأصول غير مستغلة، موضحًا أنه من الممكن أن يتم تسوية التشابكات المالية بين جهات بالحكومة وبنك الاستثمار القومى عبر مبادلتها بالأصول غير المستغلة.
وكانت البداية مع النائب مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، وأول من نادى بحصر الأصول غير المستغلة تحت قبة البرلمان الحالى ببداية دور الانعقاد الأول فى يناير 2016، حيث خاطبت اللجنة رئيس مجلس الوزراء بعدها لمطالبته بتشكيل لجنة مشتركة لحصر تلك الأصول وبحث كيفية استغلالها الاستغلال الأمثل.
وقال مصطفى سالم لـ"برلمانى"، إن التشابكات المالية هى مديونيات الشركات والمؤسسات الحكومية لدى بعضها، لافتًا إلى أنه يمكن حصر الأصول غير المستغلة لدى تلك المؤسسات والوزارات، تمهيدًا لعرضها للبيع واستبدالها بديون الهيئات والوزارات لدى بعضها ولدى بنك الاستثمار القومى.
وتابع سالم: "ننادى بحصر تلك الأصول منذ أكثر من عامين، وهى تتعدى مئات المليارات من الجنيهات وتركها يمثل خسارة فادحة، رغم أنها قد تكون أحد الحلول لفض التشابكات المالية بين المؤسسات".
وطالب وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب بحصر دقيق وشامل للأصول بجميع الوزارات والهيئات ثم تقييمها بشكل دقيق وبشفافية تحت رقابة الأجهزة المعنية، ثم عرضها للبيع أو حق الانتفاع للاستفادة من قيمتها لفض التشابكات المالية أو خفض العجز أو دفع عجلة التنمية، مما يحد من الدين الداخلى.
وفى سياق متصل، قال النائب عمرو غلاب رئيس لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، إن فكرة مبادلة الأصول غير المستغلة بالدين الداخلى محور حديث داخل اللجنة منذ فترة، وأن هناك مطالبات بتشكيل جهة موحدة لحصر الأصول غير المستغلة، لافتًا إلى أن الخطوة التى أقدم عليها رئيس الوزراء هى نفسها التوصيات التى اقترحتها اللجنة الاقتصادية.
وأضاف غلاب لـ"برلمانى" أن مبادلة الأصول غير المستغلة لدى الهيئات والوزارات بديونها مع بنك الاستثمار القومى، هو موضوع مطروح للبحث حاليًا بلجنة الشئون الاقتصادية للخروج بتوصيات حول آلية التنفيذ وإن كان ذلك سيتم وفقًا لمشروع قانون أم لا.
وأكد رئيس لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، أن الأمر يحتاج إلى تعاون بين جهات الولاية، مشيرًا إلى أن هناك جهات ولاية ليس لديها قاعدة بيانات من الأساس، مؤكدًا أن غياب قاعدة بيانات واضحة فى هذا الشأن يصعب اتخاذ القرار.
فيما رأى النائب محمد بدراوى عضو لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، أن الحديث عن استبدال الأصول غير المستغلة بالدين الداخلى "كلام فارغ"، مؤكدًا أنه لا يمكن استبداله نظرًا لضخامة حجمه بالمقارنة مع حجم الأصول غير المستغلة، مطالبًا بالتصرف فورا فى أصول كل محافظة بالبيع فى حدود من 2 إلى 5 مليار جنيه على أن تعود حصيلة البيع إلى مرافق المحافظة مباشرة حتى يشعر المواطن بتحسن.
كما توقع بدراوى، فى تصريح لـ"برلمانى"، رفض البنوك استبدال الدين الداخلى بأسهم بالشركات أو أصول غير مستغلة لدى الوزارات، لافتًا إلى أن البنوك ليس لديها إدارات محترفة لإدارة تلك الأصول، مطالبًا بإنشاء هيئة واحدة للأراضى المصرية، وإنشاء صندوق سيادى يضم الأصول ويتم تمويله بطرحه فى صورة أسهم.
وأوضح بدراوى، أن الفكرة على الواقع العملى لا يمكن تنفيذها، مشيرًا إلى أنه لو صدر تكليف رئاسى سيتم حصر الأصول غير المستغلة فى كل قرية ومدينة ومحافظة فى غضون 15 يومًا فقط، وسيكون هناك حصر وافٍ بكل عقار وأرض زراعية موجودة.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور محمد فؤاد عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، والمتحدث باسم حزب الوفد، أن التعامل مع الشركات يختلف عن الأجهزة الحكومية فيما يتعلق بالأصول غير المستغلة، موضحًا أنه يمكن استغلال الأصول التابعة للحكومة، لكن التابعة للشركات التعامل معها سيكون بطريقة مختلفة، ويكون قرار عمل من الشركة وليس بقرار رئيس وزراء.
وأوضح فؤاد لـ"برلمانى"، أن فكرة مبادلة الأصول غير المستغلة بديون الوزارات والهيئات مقبولة بشكل عام، مضيفا "ولكن الشيطان يكمن فى التفاصيل، ويجب تحديد إن كانت ستئول للخزانة العامة ويحق للمالية التصرف فيها أم لا".