وجاء الاتصال الهاتفى من ترامب عقب يومين من قرار اتخذته الخارجية الأمريكية بإعادة برمجة المساعدات الختصة بمصر وقطع جزء منها يقدر بحوالى 96 مليون دولار مع تأجيل حصة أخرى.
وقد أثار قرار المساعدات انتقادات من وسائل إعلام الأمريكية رأت أنه يعكس انقسامًا داخل الإدارة، ويشير إلى تقويض وزير الخارجية ريكس تيلرسون لسياسات رئيسه، فهاجمت مجلة "فرونت بيدج الخارجية الأمريكية وقالت إنها تسعى لتقويض سياسة الرئيس دونالد ترامب لاسيما فيما يتعلق بمصر.
وأوضحت المجلة، أن الرئيس ترامب كان واضحا للغاية فى رغبته الابتعاد عن نهج أوباما فى دعم الإخوان بمصر، وبرنامج نشر الديمقراطية فى العالم العربى، وكان السيناتور جون ماكين واضحا فى أنه يريد أن يسير فى نفس اتجاه أوباما، لكن الخارجية استمعت لماكين.
وسخرت المجلة من إنصات وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون لموقف ماكين المعادى لسياسة مصر وقالت "إن الرئيس جون ماكين ليس فى البيت الأبيض، فلماذا كان تيلرسون يستمع إليه بدلا من ترامب".
ومن ناحية أخرى، رصد موقع "بريتبارت نيوز" الإخبارى العديد من المشكلات والتناقضات التى سقطت فيها وزارة الخارجية الأمريكية تحت قيادة تيلرسون، أبرزها القرار الأخير بقطع جزء من حصة مصر فى المساعدات الأمريكية، وهو القرار الذى سبقه ترحيب الخارجية الأمريكية بجماعة على صلة بالإخوان، وهو ما يؤكد وقوف تيلرسون عقبة أمام مساعى إدارة ترامب لإدراج الجماعة على قوائم الإرهاب.
كما علق موقع "بريتبارت نيوز" على قرار إدارة ترامب قطع جزء من المساعدات الأمريكية لمصر وتأجيل جزء آخر، منتقدًا القرار، وقال إنه يأتى على الرغم من أن الإدارة قررت تعليق 50 مليون فقط من مساعداتها لباكستان، التى اتهمها الرئيس ترامب مؤخرا بإيواء الإرهابيين الذين يحاربون ويقاتلون القوات الأمريكية فى أفغانستان.
وأشار الموقع إلى أنه علم من المتحدث باسم الخارجية، أن إدارة ترامب قررت إعادة توجيه 96 مليون دولار كانت مخصصة لمصر إلى شركاء أمنيين أخرين دون أن تحددهم.
وفى نفس السياق، حذر معهد واشنطن الأمريكى من أن قرار الولايات المتحدة الأخير بقطع جزء من حصة مصر من المساعدات سيقوض مصداقية الرئيس دونالد ترامب فى القاهرة التى أصبح لديها سببا الآن للتساؤل عما إذا كان دعم ترامب للرئيس السيسى له أى ثقل.
وأشار المعهد فى التقرير الذى كتبه إريك ترايجر إلى أن القرار بإلغاء 96 مليون دولار وتأجيل 195 مليون دولار آخر، كان مفاجئا للقاهرة التى افترضت أن العلاقة القوية بين الرئيسين ترامب والسيسى فى الأشهر الأخيرة كانت كافية لضمان علاقات ثنائية قوية بين البلدين، وتضمن استمرار المساعدات العسكرية التى واجهت حالة من عدم اليقين فى ظل الإدارة السابقة، إلا أن التغيير فى المساعدات يوضح السياسيات البيروقراطية والداخلية المعقدة التى تقوم عليها السياسة الأمريكية إزاء مصر، والتى فشلت إدارة ترامب فى إدارتها فى هذه القضية وأدت إلى نتيجة مربكة أسفرت عن صراعات مع أولويات الإدارة الأخرى.
وأشار ترايجر إلى أن الشروط التى تضعها الإدارة الأمريكية على 195 مليون دولار لمصر غامضة إلى حد ما، وبدلا من تحديد خطوات ملموسة تقوم بها القاهرة للحصول عليها، وضعت الإدارة أعلنت مجموعات من المخاوف دون أن تحدد ما إذا كان ينبغى أن يتم التعامل مع جزء منها أم كلها.
ورأى الباحث الأمريكى أن الكيفية التى تم اتخاذ بها قرار قطع جزء من المساعدات تعكس حالة الفوضى فى صنع السياسات، وأنه اتخذ لاعتبارات بيروقراطية وسياسية، وليس فى ضوء استراتيجية شاملة للعلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، لافتًا إلى أن قطع المساعدات جاء قبل أسابيع قليلة من الموعد المقرر لاستئناف مناورات النجم الساطع بين البلدين عقب توقف استمر أربع سنوات.
وانتقد ترايجر أيضًا سوء تنسيق الإعلان عن القرار داخل الحكومة الأمريكية، لافتًا إلى تسريبه لوكالة رويترز قبل ساعات من وصول وفد أمريكى رفيع المستوى للقاهرة يضم مستشار الرئيس وصهره جاريد كوشنر ودينا باول نائبة مستشار الأمن القومى، للاجتماع مع الرئيس السيسى.
وكان الوفد سيزور القاهرة فى إطار جولة إقليمية تركز على تعزيز السلام بين الفلسطييين والإسرائيليين، وإنهاء المواجهة بين الدول العربية وقطر، إلا أن قرار المساعدات لابد أنه أجبر الوفد على التطرق للعلاقات المصرية الأمريكية بدلا من هذه الأولويات الأخرى.
وأكد معهد واشنطن، أن الأثر النهائى لقرار الإدارة الأمريكية غامض، حيث أن معظم التمويلات المتأثرة بالقرار قد تصرف فى النهاية.