السبت، 23 نوفمبر 2024 03:16 ص

3 أسباب لتأخر إدراج واشنطن للجماعة على قوائم الإرهاب.. صراعات الإدارة ومؤامرات تيلرسون فى المقدمة ورشاوى الدوحة الأبرز.. وتقارير: قطر تدفع 1.5 مليون دولار شهريا لتعطيل القرار

ألغام الإخوان فى مكتب "ترامب"

ألغام الإخوان فى مكتب "ترامب" ألغام الإخوان فى مكتب "ترامب"
الأحد، 20 أغسطس 2017 01:00 م
كتبت ريم عبد الحميد - رباب فتحى

كانت التقديرات حينها تشير إلى إدراج سريع وعاجل لجماعة الإخوان على قوائم الكيانات والتنظيمات الإرهابية.. دخل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب البيت الأبيض فى يناير الماضى، ليسود الارتباك أرجاء جماعات المصالح فى واشنطن، وأروقة الحزب الديمقراطى المناوئ للرئيس الجديد، والصحف والكيانات الإعلامية الموالية للحزب، ومن يتلقون تمويلا مباشرا وغير مباشر من إمارة قطر.

 

منذ اللحظة الأولى لوجوده فى البيت الأبيض، مثّل الوافد الجديد تهديدا واضحا ومباشرا لأجندات مشبوهة، يتبناها فريق من الحزب الديمقراطى، أو من الإعلام الأمريكى، أو من اللوبى المؤيد لجماعة الإخوان الإرهابية، جاء "ترامب" محاطا بدعوات لا تنقطع من قبل مستشاريه وفريق حملته الانتخابية، وأعضاء بالكونجرس، وقلة من الصحف ومراكز الأبحاث التى لم تعرف أموال قطر ورشاوى "تنظيم الحمدين" طريقا لها، لتصنيف الإخوان على قوائم الإرهاب، واقترب الرجل أحيانا من هذه المطالب، وابتعد عنها فى أحايين، واتخذ مواقف تبدو واضحة بشأن الإخوان فى الوقت الذى اتخذ فيه وزير خارجيته "ريكس تليرسون" مواقف رمادية، وبين الشد والجذب والاقتراب والابتعاد، مرت 7 أشهر كاملة ولم يضع "ترامب" قدمه بشكل كامل فى أرض هذه المطالب المتواترة، ظلت الإخوان حاضرة فى الساحة الأمريكية، حاضرة خارج قوائم الإرهاب، حاضرة فى أروقة وزارة الخارجية وأجندة وزيرها ريكس تليرسون، وما زالت المطالب تتواتر وأسباب المماطلة قائمة.

 

تيلرسون.. مرشد "قطرى إخوانى" فى البيت الأبيض
 
فى صدارة الأسباب التى حالت دون ترجمة مساعى إدارج الإخوان على قوائم الإرهاب، يأتى وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، رجل الأعمال الذى يحمل بين ملفاته عقودا واتفاقيات عدة مع إمارة قطر وتركيا، الرعاة الإقليميين لجماعة الإخوان الإرهابية، منذ أن كان مديرا تنفيذيا لشركة "إيكسون موبيل" النفطية العملاقة، التى قادته قبل عدة سنوات لعضوية مجلس الأعمال الأمريكى القطرى، وفيما بعد مجلس الأعمال الأمريكى التركى، لينحاز ـ بطبيعة البيزنس والمصالح المالية ـ إلى أنقرة والدوحة، وينضم بحسابات المصالح للمعسكر الداعم للإخوان.
 
 
ريكس تيلرسون، الذى آثار كثيرا من الجدل منذ ترشيحه لمنصب وزير الخارجية قبل تنصيب "ترامب" رسميا، على خلفية رئاسته السابقة لشركة "إيكسون موبيل"، أثبت على مدار الأسابيع القليلة الماضية انحيازه السافر لإمارة قطر وتنظيم الإخوان الإرهابى، الأمر الذى دفع عددا من المراقبين ومراكز الأبحاث الأمريكية للتحذير من تداعيات الدور الذى يؤديه داخل الإدارة الأمريكية، وأثره على سياسة "ترامب" الخارجية، واصطدامه المباشر بالرغبة التى عبر عنها الرئيس الأمريكى فى مناسبات عدة بشأن وضع نهاية حاسمة للحرب على الإرهاب.
 
 
تعمد "تيلرسون" فى مناسبات عدة الدفع باتجاه عرقلة تصنيف جماعة الإخوان كيانا إرهابيا، رغم حملة الإدانة الواسعة عبر دوائر واشنطن الرسمية وشبه الرسمية لدور الإخوان التخريبى فى المنطقة، ودعوة كثيرين من مسؤولى الإدارة الأمريكية، وأعضاء الكونجرس، لملاحقة نشاط الجماعة داخل وخارج الولايات المتحدة، وأكثر ما يكشف نفاق "تيلرسون" ما سبق أن قاله بنفسه عن الإخوان، خلال سعيه للفوز بتصديق مجلس الشيوخ على ترشيحه لمنصبه الحالى، ففى إحدى جلسات نظر تعيينه خلال يناير الماضى، قال تيلرسون: "القضاء على تنظيم داعش يمثل الخطوة الأولى لوضع نهاية لقدرات جماعات وأفراد آخرين قد يشنون هجمات ضدنا، وتصفيته ستسمح لنا بتوجيه مزيد من الاهتمام للجماعات التى تتبنى الإسلام الأصولى، مثل القاعدة والإخوان".
 
 
الرأى السابق لـ"تليرسون" أمام مجلس الشيوخ، لم يشهد أى ترجمة عملية لهذا الانحياز على أرض الواقع، فى منتصف يونيو الماضى، وبعد إعلان عدد من الدول العربية موقفها الرافض لسياسات قطر الداعمة للإرهاب، وإضافة إلى مواقف "ترامب" الواضحة من جماعة الإخوان وظهيرها الداعم فى الدوحة وأنقرة، عارض وزير الخارجية الأمريكى صراحة إداراج الإخوان على قوائم الإرهاب، متحججا بأن للجماعة أحزابا سياسية وممثلين فى حكومات بعض الدول، مثل البحرين وتركيا.
 
 
وفى تقرير سابق، قالت منظمة "كلاريون" الأمريكية إن إدارة دونالد ترامب لم تصنف الإخوان جماعة إرهابية كما كان متوقعا، مشيرة إلى أن هذا التصنيف يقع ضمن الاختصاص المباشر لوزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذى اختار الإخوان وأنصارها فى قطر وتركيا، وانحاز لهم على حساب الدول العربية الأخرى، مشيرة إلى أن حجج وزير الخارجية فى هذا الشأن غير مقنعة، يُضاف لهذا ما سبق أن زعمه وزير الخارجية الأمريكى الزعم بأن الإخوان جماعة "معتدلة وغير عنيفة"، كما ادعى أن الأحزاب السياسية المنبثقة عنها، التى تشارك فى حكومات بعض دول المنطقة، تنبذ العنف والإرهاب، فى تكرار لادعاءات سبق أن روجتها إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.
 
 
رشاوى الدوحة للصحف ومراكز الأبحاث الأمريكية
 
تحركات وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون المكشوفة لم تكن وحدها سبب عرقلة مساعى الإدارة الأمريكية ودوائر صنع القرار فى واشنطن لإدارج الإخوان على قوائم الإرهاب، فبخلاف الدور الذى يلعبه وزير الخارجية الموالى لقطر والتنظيم الدولى للإخوان، ضاعفت الدوحة من المنح المالية والرشاوى المقنّعة التى تخصصها لمراكز الأبحاث والصحف الأمريكية، فى محاولة لفرض أجندتها على صانع القرار الأمريكى، وعرقلة أى تحركات لضرب مصالحها المشبوهة.
 
 
وفى تقرير مشترك، كشفت وكالة "أسوشيتدبرس" وموقع "بوليتيكو" الأمريكيان، عن تعاقد إمارة قطر مع شركة لوبى جديدة مقابل 150 ألف دولار شهريا، لتأمين عدم إدراجها هى وجماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، وضمان عدم اتخاذ أى إجراءات عقابية ضدهما.
 
 
وذكر التقرير، أن قطر تعاقدت مع إحدى شركات العلاقات العامة ذات النفوذ السياسى فى واشنطن، وهى شركة تضم فى قائمة مؤسسيها مدير سابق لحملة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مع آخر متخصص فى إيجاد المعلومات المحرجة عن السياسيين الأمريكيين، ما يشير إلى رغبتها فى تحدى الحضور العربى والنفوذ السعودى والإماراتى الضخم فى العاصمة الأمريكية، واستغلال ذلك فى الأزمة الراهنة فى منطقة الخليج، والعمل على جمع أى معلومات يمكن أن تُسْتَخْدَم بصورة سيئة ضد هذا النفوذ.
 
 
وأشارت الوكالة، إلى أن الأزمة الحالية انعكست على شعارات سيارات الأجرة فى لندن، وإعلانات التليفزيون الهجومية فى الولايات المتحدة، وتدفقت الرسائل المتنافسة على شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام من الطرفين منذ بدء الأزمة، ورأت "أسوشيتدبرس" أن التعاقد مع شركة ذات صلة بمساعد "ترامب" السابق، كورى ليواندوسكى، يدل على رغبة قطر فى اختراق البيت الأبيض، الذى يتمتع بعلاقات وثيقة مع السعودية.
 
 
وأوضحت صحيفة "بولتيكو"، أن شركة "أفينيو استراتيجيز جلوبال"، بحسب المعلومات المقدمة لوزارة العدل؛ ربما تقدم المشورة لدولة قطر فى الأمور المتعلقة بالدبلوماسية العامة، والاتصالات، والاستراتيجية، وخدمات العلاقات الحكومية.
 
 
الشريك المؤسس للشركة "بارى بينت"، الذى عمل أيضًا فى حملة دونالد ترامب الانتخابية، يمثل قطر من خلال اتصالات مع أعضاء الكونجرس والعاملين فيه، والإعلام، والأفراد، والمنظمات المعنية، مقابل 150 ألف دولار شهريًا، فى تعاقد تبلغ قيمته السنوية 1.8 مليون دولار أمريكى.
 
 
وكانت الصحف الأمريكية قد سلطت الضوء على الجهود القطرية فى حملة العلاقات العامة فى واشنطن، التى تسعى لاستمالة الموقف الأمريكى لصالحها فى الأزمة الراهنة مع الدول العربية المعارضة لتمويلها للإرهاب.
 
 
وكشف موقع "بوليتيكو" فى تقريره، أن قطر التى كانت تدفع 300 ألف دولار شهريا لشركات اللوبى، لتعزيز مصالحها فى العاصمة الأمريكية؛ أصبحت تدفع 1.5 مليون دولار شهريًا بعد الأزمة، وتعاقدت مع 3 شركات جديدة فى واشنطن منذ الشهر الماضى، وتسعى لإنفاق مزيد من الأموال فى سبيل مواجهة مكانة السعودية والإمارات فى أروقة صناعة القرار الأمريكية.
 
 
 
صراعات البيت الأبيض وتوازنات القوى بالإدارة الأمريكية
 
ومن مؤامرات قطر إلى صراعات الداخل الأمريكى، توالت الملفات تلو الملفات داخل المكتب البيضاوى، لتزاحم ملف إدراج الإخوان على لائحة الكيانات الإرهابية، الذى انشغل عنه الرئيس الأمريكى بسبب الأزمات المتتالية التى تعانيها إدارته منذ أيامها الأولى فى البيت الأبيض. 
 
 
فى صدارة الأزمات التى يواجهها "ترامب"، تأتى تحقيقات قضية التدخلات الروسية فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التى يتهم فيها الحزب الديمقراطى ومرشحته الخاسرة هيلارى كلينتون، الرئيس الحالى دونالد ترامب، بالاستعانة بقراصنة إلكترونيين روس، للتأثير على نتائج الانتخابات التى أسفرت عن خسارة مدوية لـ"كلينتون".
 
 
وتمتد قائمة الأزمات داخل البيت الأبيض، لتشمل سلسلة الإقالات والاستقالات التى ضربت الإدارة الأمريكية الجديدة فى شهورها الأولى، ذلك فضلا عن صراع "ترامب" المفتوح مع وسائل الإعلام والصحف الأمريكية التى يتهمها بالتحيز ضده، عبر نشر أخبار كاذبة تتبنى وجهات نظر معادية، بحسب اتهامات وردود الإدارة الأمريكية.
 
 
ورغم مرور أكثر من 7 أشهر على دخول "ترامب" البيت الأبيض، وتوالى الأزمات داخل الإدارة الأمريكية، لم تتوقف دعوات إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، ومؤخرا رصد تقرير بحثى أمريكى صادر عن معهد "هادسون" للدراسات، تحول الإخوان للعنف بعد خسارة السلطة فى عدد من البلدان، منها مصر، قائلا إن عددا من البيانات والوثائق الخاصة بالإخوان، وبعض المؤلفات المنسوبة لها، تكشف صراحة عن تبنى فصيل كبير داخل التنظيم للنهج العنيف.
 
 
وفى الورقة البحثية التى ألفها خبير معهد "هادسون" الأمريكى، مختار عوض، يقول إن السنوات الأربع الماضية شهدت تحولا هائلا داخل جماعة الإخوان المصرية، سيستمر تأثيره على مدار أجيال قادمة على الأرجح، فالتغييرات المفاجئة فى حظوظ الجماعة من الوصول للسلطة، إلى خسارتها سريعا، ثم تعرضها لأسوأ حملة فى تاريخها، جعلت التنظيم يبحث عن إجابات للمسار المنتظر، وكان استخدام الجماعة للعنف كوسيلة للتغيير مَعلمًا أساسيا لإعادة التقييم فى سياق تطور الأحداث فى مصر.
 
 
فى السياق ذاته، ذكر موقع "ناشونال إنترست" الأمريكى فى تقرير نشره قبل يومين، أن إمارة قطر خططت للاستيلاء على السلطة فى عدد من الدول العربية، عبر دعمها وتمويلها المشبوه لجماعة الإخوان الإهابية، مؤكدا أن الإدارة الأمريكية عليها إعادة النظر بشكل عاجل فى علاقة واشنطن والدوحة، والتحرك الجاد لإدراج الجماعة على قوائم الكيانات والتنظيمات الإرهابية.

print