وبعد 24 ساعة على المصادقة حتى انتقلت الأزمة للشارع التونسى الذى عادت له المظاهرات من جديد رفضا للقانون، حيث شهد شارع الحبيب بورقيبة اليوم السبت مسيرات جابت شوارع العاصمة التونسية نظمتها أحزاب الجبهة الشعبية والقوى الديمقراطية ومكونات المجتمع المدنى وحملة مانيش مسامح، ضد ما اعتبروه الانقلاب على الدستور والعودة للنظام الرئاسى.
وعبرت أحزاب الجبهة الشعبية عن رفضها القطعى لهذا القانون، مؤكدة على استمرارها فى مقاومته بكل الطرق النضالية المشروعة والمتاحة لكتلتها البرلمانية باعتباره انتهاكا للدستور وقانون العدالة الآنتقالية وتكريسا لسياسة الإفلات من العقاب لصالح الذين خدموا بن على وساعدوا فى نهب ثروات البلاد واضطهاد .
وشددت الجبهة الشعبية، على أن هذا القانون مقدمة لتدمير كل ما حققه الشعب التونسى على طريق إرساء دولة القانون والمؤسسات، وطى لملفات الاغتيالات السياسية وعلى رأسها ملف اغتيال شهيدى الجبهة الشعبية والوطن، شكرى بلعيد ومحمد البراهمى، والإرهاب وتسفير الشباب التونسى وتحويله إلى مرتزقة فى بؤر الصراعات فى المنطقة.
وصوت على القانون الذى يعفى المسئولين السابقين المتورطين فى جرائم فساد مإلى من الملاحقة القضائية 117 نائبًا، ورغم تعديل مشروع القانون الذى تم تقديمة فى 2015 من قبل الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى بحذف المادة التى تعفى رجال الأعمال المتورطين فى الفساد من المحاسبة مقابل ضخ أموال للدولة.
واتهمت احزاب المعارضة رئاسة المجلس والائتلاف الحاكم- الذى يضم الإخوان وحزب الرئيس – أنه لم يحترم الإجراءات ويتعين انتظار رد المجلس الأعلى للقضاء بشأن شرعية مشروع القانون بعد أن طلب منه البرلمان المشورة القانونية.
وإلى جانب التحرك الشعبى قام 35 نائبًا بالتوقيع على عريضةً للطعن فى دستورية القانون بعد أن تمّت المصادقة وسيُقدّم الطعن إلى الهيئة الموقتة لمراقبة دستورية القوانين (محكمة دستورية موقتة)، وأعلن الحزب الجمهورى، دعمه توجه النواب للطعن فى دستورية مشروع القانون الأساسى المتعلق بالمصالحة فى المجال الإدارى، ومساندته لكافة التحركات السلمية الرافضة لهذا القانون، محملا الكتل البرلمانية للنهضة والنداء وأفاق تونس والحرة، مسئولية التداعيات السياسية للمصادقة على هذا القانون.
وفى المقابل قال المسئولون، إنهم يأملون من خلال القانون فى إنعاش الاقتصاد وإعطاء إشارات إيجابية للمستثمرين فى الداخل والخارج لضخ أموالهم، فى وقت تعانى فيه تونس من عجز مإلى كبير فى ظل انحسار مواردها وتباطؤ النمو الاقتصادى إلى حوإلى 1.1% فى 2016.
وساند إخوان تونس قانون المصالحة، حيث وصف زعيم حركة «النهضة» التونسية راشد الغنوشى، مصادقة البرلمان على القانون بأنها «ممارسة لقيمة العفو والتسامح الأصيلة فى التاريخ الإسلامى بدل الآنتقام والتشفي».
وأعرب وصف زعيم حركة «النهضة» ، عن ارتياحه لأن شعلة الثورة التونسية مازالت متقدة، وقال: «جوهر الثورة هو الحرية، والحريات العامة والخاصة لازالت قائمة فى تونس بشهادة القريب والبعيد، من خلال الصحافة الحرة والانتخابات النزيهة والتعددية السياسية ومنظمات المجتمع المدنى، وحرية النقد، وهذا مالم تتمتع به تونس قبل الثورة».
وأكد الغنوشى، على احترامه لموقف المعارضة من قانون المصالحة، لكنه تساءل "لماذا هذا الصراخ والعويل بأن الثورة قد انتهت لأنها مارست العفو ولم تمارس الآنتقام والتشفى، مع أن ثورة النبى عليه الصلاة والسلام، وهى أعظم ثورة مارست أعلى صنوف العفو يوم فتح مكة،فلم تتم إحالة زعماء الجاهلية على السيوف، وإنما أحالتهم إلى العفو، ليتحولوا إلى قادة فى الصف الإسلامى».
وينتظر ألف و500 موظف حكومى من عهد الرئيس بن على العفو بفضل القانون، ممن يشتبه بارتكابهم "ألفساد المالى"، و"الاعتداء على المال العام"، لكنه يستثنى الموظفين الذين يشتبه بارتكابهم "الرشوة" و"الاستيلاء على المال العام".