أثار مشروع قانون حماية اللغة العربية، المقدم من مجمع اللغة العربية، لمناقشته من قبل مجلس النواب لإقراره كقانون جديد، ليسدل الستار على العمل بالقانون رقم 102 لسنة 1976، وهو القانون المعمول به الآن ـ كثيرا من الجدل.
وجاء مشروع القانون فى 21 مادة، من الأولى وحتى الـ 17 اشتمل على ما يجب فعله من قبل الأشخاص والمؤسسات وما عليهم الالتزام به فى حق اللغة العربية، والمشروع حاول أن يركز على مواطن صنع القرار اللغوى مثل مؤسسات الدولة والمؤسسات التعليمية والإعلامية والصحفية، حيث توضح المادة 12 إلزام الصحف بمصحح لغوى ومنع النشر باللغة العامية وتعاقب المخالفين بالغرامة والحبس، بينما أكدت المادة 18 أن مجمع اللغة العربية هو الجهة المختصة فى الدولة بمتابعة مدى الالتزام بهذا القانون، أما المادة 19 فنصت على العقوبات الواقعة على من يخالفون القانون، والمادة 20 نصت على أنه يوضح علاقة هذا القانون بالقوانين التى صدرت مسبقا لحماية اللغة العربية، والمادة الـ21 والأخيرة طالبت بنشر القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به بعد أربعة أشهر من تاريخ نشره، ويختم بخاتم الدولة وينفذ باعتباره قانونا من قوانينها.
والمادة 12 من مشروع القانون والخاصة بالعمل الصحفى، والتى تنص على عقوبة الحبس والغرامة، فى حالات الكتابة باللغة العامية أو لغة عربية غير صحيحة، وهو ما يعتبر مخالفا للدستور والذى كفل حرية الصحفيين إلا فى 3 حالات هى "التحريض على العنف، أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى الأعراض"، وذلك بحسب المادة ٧١ فى الدستور الذى ينص على: "ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون".
وحول المادة 12، قال الكاتب والشاعر إبراهيم داوود، رئيس تحرير مجلة إبداع الثقافية، إن المجمع لن يقدر على تنفيذ القانون بشكله الحالى، وسيتم رفضه، كما أنه لا خوف على اللغة العربية، وذلك كونها لغة القرآن والأحاديث النبوية، والطلاب فى المدارس، وأنه يرى أن اللغة ليست فى خطر، كما يتصور البعض.
وتابع "داوود" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى" أنه رغم حرصه على الكتابة باللغة الفصحى إلا أن هناك الكثيرين يعبرون عما فى داخلهم بالعامية، وهناك من الكتاب والصحفيين الذين يستخدمون العامية الآن، متسائلا: "هنسجنهم كلهم يعنى؟. وأضاف، أن مجمع اللغة العربية يقوم الآن بدور المشايخ المتشددين، لافتا إلى أن الخطر يكمن فى إعطاء المجمع وصايا لـ الصحف وأصحاب الرأى.
وقال الكاتب الصحفى محمد شعير، إن اللغة العربية ليست مقدسة، ولا أى لغة أخرى لها قداسة، بل إن اللغة أشبة بكائن حى يتطور، لغة امرؤ القيس ليست هى لغة صلاح عبد الصبور، ولغة المتنبى ليست لغة أمل دنقل، ولغة نجيب محفوظ فى أعماله الأولى ليست هى نفس اللغة التى استخدمها فى أعماله الأخيرة، وبالتالى تطور اللغة يأتى من انتهاكها لا من إضفاء قدسية عليها بالقانون، على حد وصفه.
وأضاف "شعير" أن اللغة الإنجليزية مثلا لم تقف مكانها محلك سر، قائلا "لا أدرى إذا كان هناك مجمعا للغة الإنجليزية مهمته إضفاء قداسة عليها أم لا، لأنها تطورت على أيدى أبناء المستعمرات السابقة".
وتابع محمد شعير، الغريب أن الفقهاء والشيوخ الغيورين على اللغة وشيوع العامية هم من يتحدثون دائما أن العربية محفوظة وباقية باعتبارها لغة القرآن، لكنهم هم الذين يتباكون عليها الآن، وخائفون من انقراضها، واصفا مواد القانون بـ"المسخرة" على حد وصفه.
وحول رأى نقابة الصحفيين فى المادة، يقول محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين، ومقرر اللجنة الثقافية والفنية بالمجلس، إن مجلس النقابة لا يعلم شيئا عن مشروع القانون المقدم من جانب مجمع اللغة العربية بخصوص حماية اللغة، والذى يتضمن مواد تعرض الصحفيين للحبس والغرامة، واصفا الأمر بالكارثى.
وتابع "كامل" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى" أنه فور علمه بالمواد المذكورة أبلغ مجلس النقابة خلال اجتماعه الشهرى يوم الأربعاء الماضى، واتفق خلاله أعضاء المجلس على التحرك ضد هذا القانون.
وأوضح عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن اللغة العربية من اللغات الثرية للغاية وتتطور مع مرور الوقت، مشيرا إلى أن الشكل الخبرى اختلف منذ مائة عن الآن.
وأضاف "كامل" أن استخدام العامية فى الصحافة موجود منذ فترات بعيدة، واستخدامها صحيح، معتبرا أن ما يحدث "كلام فاضى" على حد وصفه.
فيما جاء تعقيب مجمع اللغة العربية من جانب الدكتور عبد الحميد مدكور، أمين عام مجمع اللغة العربية، الذى أكد أن ما طرح حتى الآن هو مشروع قانون، وليس القانون نفسه، مشيرا إلى أن اجتماعا عقد بوزارة العدل لمناقشة تلك المواد، بحضور ممثل عن الهيئة الوطنية للإعلام، ونقابة الصحفيين، بجانب وفد المجمع.
وأضاف "مدكور" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى" أنه لا يرى أى مشاكل فى القانون، وفيما يخص المادة 12 من القانون، أكد أن الصحف لابد أن تكون حريصة من تلقاء نفسها على خروج المحتوى الصحفى بشكل صحيح لغويا، وإذا كانت الأمر صعب تنفيذه فالقانون "يعدل المايلة" على حد تعبيره.
وأكد عبد الحميد مدكور، أنه يرفض احتواء، المادة الصحفية لـ العامية، خاصة أنها لم تكن تستخدم من قبل، قائلا "مش عاوزين عامية احنا".