موقف قطر وتحركها السريع للتدخل فى حادث الصومال الأخير، جاء مناقضًا لما تحاول تصديره للخارج، عن تعرضها لحصار ينهكها اقتصاديًا ويكبلها، ويؤثر عليها، كما أنه يثير التساؤلات حول إصرار الإمارة للتحرك السريع فى إرسال المساعدات والإغاثات للدول الأفريقية.
وتعد هذه المساعدات بوابة أساسية لقطر للتدخل فى دول القارة، التى لم تنجح فى اختراقها بشكل كامل حتى الآن، حيث تعتمد فقطر بشكل أساسى فى الاعتماد على تقديم مساعدات للدول الأفريقية، أما تحت مظلة بض المنظمات الخيرية التابعة لها، او من خلال إرسال إغاثات عاجلة، من الحكومة القطرية فى حال وقوع حوادث إرهابى كما هو الحال فى حادث مقديشيو الأخير.
وبعد حوالى ساعتين فقط من وقوع التفجير الإرهابى فى مقديشو الأسبوع الماضى، والذى راح ضحيته حوالى 300 شخص وجرح 300 آخرين فى، أعلنت قطر عن إرسال طائرة مساعدات طبية إلى الصومال، على متنها فريق طبى، لعلاج مصابى الانفجارات الإرهابية التى وقعت مؤخراً بمقديشو وإخلاء الجرحى ونقلهم عبر جسر جوى لتلقى العلاج اللازم خارج الصومال.
وقالت وكالة الأنباء القطرية، إن هناك فريقًا طبيًا مزودًا بأحدث الأجهزة الطبية، سيشارك فى عمليات علاج المصابين وإخلاء الجرحى ونقلهم عبر جسر جوى لتلقى العلاج اللازم خارج الصومال.
الصومال الأولى فى تلقى المساعدات القطرية
وتعد الصومال إحدى الدول الأفريقية التى تركز قطر على منحها المساعدات، تحت مظلة الجمعيات الخيرية أيضًا، ومن ضمنها جمعية راف وقطر الخيرية ومؤسسة عيد الخيرية، التى أعلنت فيما قبل عن حملة مشتركة "إغاثة الصومال"، واستهدفت الحملة جمع تبرعات بمبلغ 10 ملايين ريال.
هذا الدور الذى تسعى قطر لترسيخه، لم يقتصر على الصومال فقط، وإن كانت أكثر الدول التى تركز عليها قطر، وإنما شمل دول أفريقية أخرى، من ضمنها إثيوبيا، وجيبوتى.
مساعدات غذائية فى إثيوبيا
ففى إثيوبيا، أطلقت المنظمات الخيرية القطرية أيضًا حملات مماثلة، بتوفير مساعدات غذائية، وكذلك بعض المشروعات المتعلقة ببناء مدارس، أو مساجد.
جيبوتى ثانى متلقٍّ للمساعدات
ووفقًا لدراسة أعدها مركز المزماة الإماراتى، فإن جيبوتى تعد ثانى متلقٍّ للمساعدات الإنسانية القطرية فى المنطقة بعد الصومال.
وأوضحت الدراسة أنه تحت مظلة "المنظمات الخيرية" نفسها عملت مؤسسة راف والخطوط الجوية القطرية، على إنشاء بعض المدارس والمساجد، بتكلفة 1,8 مليون دولار.
وتم افتتاح مكتب لقطر الخيرية فى جيبوتى (يناير 2016)، لتنفيذ مشاريع بقيمة 2 مليون دولار خلال عام 2015، وأخرى بقيمة 5 ملايين دولار لعام 2016.
أما منظمة الدعوة الإسلامية السودانية، قالت إن قطر مولت تنفيذ 41 مشروعاً لتربية الأبقار والأغنام والدواجن، و5 مشاريع لزراعة الخضر والفاكهة، و5 مشاريع أخرى للتأهيل والتمكين الاقتصادى للأرامل، و3 مشاريع لتجارة المواد الغذائية والاستهلاكية، لافتًا إلى أنه قد تم تنفيذ 31 مشروعاً منها باليمن، و15 مشروعاً بموريتانيا، ومشروعان بكل من إثيوبيا وأوغندا، ومشروع بكل من الصومال وبوروندى ورواندا وجزر القمر.
حاتم باشات: قطر تستغل المساعدات للتغطية على دعمها للتنظيمات الإرهابية داخل الدول
حاتم باشات، عضو البرلمان الأفريقى، وعضو لجنة الشئون الأفريقية، قال إن سرعة قطر فى إرسال المساعدات فى حادث الصومال الأخير، يثير علامات الاستفهام، لافتًا إلى أنه لم يمر ساعتين فقط على الحادث، كانت قطر تحركت بهذه المساعدات التى تحتاج إلى وقت فى إعدادها وتجهيزها.
وأضاف باشات، أن قطر تسىء بشكل أساسى للاعتماد على تقديم المساعدات الإنسانية لهدفين، الأول هو التوغل داخل دول القارة، خاصة الدول التى لا تدخل فيها بمشاريع اقتصادية كبيرة، والسبب الآخر، هو التغطية على تمويلها للجماعات والمنظمات الإرهابية داخل هذه الدول.
وأشار باشات، إلى أن المنظمات الخيرية والمساعدات الإنسانية، هى المظلة التى تتوغل قطر من خلالها للدول الأفريقية، للتغطية على دعمها للإرهاب، حيث توجه قطر دعمها للجماعات الإرهابية فى الصومال وفى دول الساحل الافريقى تحت مظلة هذه الجمعيات الخيرية.
وفى السياق نفسه، أكد باشات، أنه كان يجب أن يشهد الحادث الأخيرة تحركًا سريعًا من مصر، فى إرسال المساعدات للصومال، كما يحدث بشكل مستمر، لافتًا إلى أنه لا يجب أن نترك أى ثغرة لقطر للتوغل داخل القارة.
وتابع "باشات": فى إطار عودتنا القوية للقارة الأفريقية، والسياسة التى يتبعها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا الملف، على الحكومة أن تركز على الاهتمام بملف، المساعدات العاجلة، والإنسانية، لأى دولة أفريقية تتعرض لأزمة أو حوادث سواء إرهابية، أو كوارث طبيعية مثل الفيضانات وغيرها.
من 2009 حتى الآن.. أدلة دعم قطر للجماعات الإرهابية فى أفريقيا
ما أكده باشات من أن قطر تتخذ هذه الجمعيات الخيرية كمظلة لدعم الجماعات الإرهابية، أمر ليس بالبعيد، خاصة أن وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى، اعترف به فعليًا فى حوار مع مجلة "جون افريك – الفرنسية"، حيث قال إن بلاده قدمت دعمًا للجماعات الإرهابية فى منطقة الساحل الأفريقي، بدون قصد.
وقال عبد الرحمن: "قدمنا الدعم للجماعات الإرهابية فى الساحل الأفريقى، ولم نكن نقصد ذلك، مضيفًا "كان هناك منحة قطرية مخصصة للهلال الأحمر الليبى، وسقطت فى أيدى الإرهابيين عن طريق الخطأ".
وتصريحات وزير الخارجية القطرى رغم كونها كافية لإثبات تورط بلاده فى دعم الجماعات الإرهابية فى دول القارة الأفريقية، إلا أنها ليست الدليل الوحيد، وإنما هناك أدلة أخرى تثبت ذلك، من ضمنها اتهام الولايات المتحدة الأمريكية، الصريح لقطر ورجال أعمالها، بدعم حركة شباب المجاهدين فى الصومال.
وذكرت صحيفة التليجراف البريطانية، أنه فى ديسمبر الماضى، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية، رجال الأعمال القطرى عبد الرحمن النعيمى كإرهابى عالمى.
ووجهت الولايات المتحدة الأمريكية النعيمى اتهامًا صريحًا للنعيمى بإرسال ما يقرب من 366 ألف جنيه استرلينى لممثل القاعدة فى سوريا الذى يدعى أبو خالد السورى، والمعروف أيضًا بكونه أحد قادة حركة "أحرار الشام".
وأشارت الجريدة، إلى أن النعيمى أتهم أيضًا من قبل الإدارة الأمريكية، بتحويل مبلغ مليون دولار للقاعدة خلال شهر لتنظيم القاعدة فى العراق، و250 الف دولار لحركة شباب المجاهدين فى الصومال، وهو ما أنكره النعيمى، قائلاً إن هذه الاتهامات مدفوعة من قبل الإدارة الأمريكية بسبب انتقاده الدائم للسياسة الأمريكية.
دور قطر فى دعم حركة الشباب فى الصومال، كشفه منذ عام 2009، أيضًا تقارير للسفارة الأمريكية فى طرابلس، حيث ذكرت السفارة فى تفاصيل لقاء عقد فى سرت الليبيبة، بين مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشؤون الأفريقية فى ذلك الوقت، جونى كارسون، ورئيس الحكومة الانتقالية فى الصومال الشيخ شريف شيخ أحمد، ووزير خارجية الحكومة الاتحادية الانتقالية الصومالية محمد عبد الله عمر، ورئيس الأركان والمستشار الأقدم عبد الكريم جامع، حكومة الولايات المتحدة على دعمها.
وقال شريف، وهو يستعرض جهود حكومته لصد قوات حركة الشباب المجاهدين، إن الحكومة الاتحادية الانتقالية قد نفذت كل آلية لتحقيق الاستقرار فى مقديشو، ولكن دعم حركة الشباب لا يزال قويا ويحظى بدعم القاعدة.
وألقى شريف باللوم على بعض الحكومات، بما فيها قطر، بتقديم المساعدة المالية إلى حركة الشباب، واتهم إريتريا بجمع هذه الأموال وكذلك الأسلحة إلى حركة الشباب.