أزمة جديدة يبدو أنها تلوح فى الأفق، فيما يخص حقوق المرأة ووضعها ضمن المنظومة القضائية المصرية، إذ تنظر المحكمة الإدارية العليا فى جلستها يوم 24 فبراير المقبل، الطعن المقدم من أمنية جاد الله، إحدى أوائل كليات الحقوق، على عدم تعيينها قاضية فى مجلس الدولة، بعدما تقدمت بطعن فى 2016، وهى المرة الثانية بعد طعنها السابق فى 2014.
وفى هذا الإطار، طالب عدد من عضوات مجلس النواب، مجلس الدولة بحل الأزمة الحالية الخاصة بتعيين المرأة قاضية، فى ظل أحكام الدستور الذى يتيح للمرأة التعيين فى كل الوظائف دون تمييز، مثلها مثل الرجل، لتعلن النائبات عن تقدمهن بعدد من الطلبات واتجاههن لإجراءات برلمانية، سواء تشريعات أو أسئلة لوزير العدل، من أجل تمكين المرأة من حقها، على حد قولهن.
يأتى ذلك فى الوقت الذى طالب فيه الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، الهيئات القضائية بالمبادرة باتخاذ قرار تعيين السيدات فى المناصب والمواقع القضائية المختلفة، مضيفا خلال الجلسة العامة للمجلس، الثلاثاء الماضى، أن مطالبته تأتى استنادًا لنص المادة 11 من الدستور.
فى هذا السياق، تقول أمنية جاد الله، صاحبة الطعن وإحدى المرفوضات فى تعيينات مجلس الدولة، إنها ستدفع بعدم دستورية القرار السلبى بالامتناع عن تعيينها، لاقتصاره فى التعيين على الخريجين وإقصاء الخريجات رغم تفوقهن، ما يُشكّل تمييزا واضحا ومخالفة لمواد الدستور الصريحة والمعاهدات الدولية التى تمنع التمييز بأشكاله ضد المرأة، خاصة أن مجلس الدولة حوّل المسألة برمتها للمحكمة الإدارية العليا مباشرة، وحرمها من حقها فى درجات التقاضى أمام القضاء الإدارى أولا.
وأضافت أمنية جاد الله، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن هناك قرارا صادرا من مجلس الدولة فى 2015 برفض تعيين المرأة قاضية، رغم أن هناك إشكالية كبرى تتعلق بالأمر، إذ نص الدستور فى المادة 11 على أن "تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة، والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها".
وتابعت صاحبة الطعن على قرار مجلس الدولة، قائلة: "المادة 53 من الدستور نصها، المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر"، مستطردة: "الإشكالية الأكبر تتمثل فى أن قبول الدفع بعدم الدستورية من عدمه، وتحويل الأمر للمحكمة الدستورية العليا، يتوقف على قرار من مجلس الدولة، أى أنه الخصم والحكم فى آن واحد" بحسب قولها.
دينا عبد العزيز تطالب وزير العدل بإعلان أسباب الامتناع عن تعيين المرأة بمجلس الدولة
فى الإطار ذاته، أعلنت النائبة دينا عبد العزيز، عضو مجلس النواب عن محافظة القاهرة، تقدمها بسؤال لوزير العدل المستشار حسام عبد الرحيم، تطالب فيه بالإعلان عن أسباب رفض تعيين المرأة قاضية فى مجلس الدولة.
وأضافت النائبة دينا عبد العزيز، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، قائلة: "مواد الدستور تلزم بالمساواة فى كل الوظائف، لا يوجد أى مبرر أو سبب واضح لرفض مجلس الدولة تعيين المرأة قاضية، فهذا حق لها وفق الدستور".
سوزى ناشد: أعدّ قانونا لتنظيم تعيين المرأة قاضية فى مجلس الدولة
بعيدا عن الآراء المنتقدة، أعلنت سوزى ناشد، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، عن تقدمها بمشروع قانون خلال دور الانعقاد الحالى لتعيين المرأة قاضية فى مجلس الدولة، خاصة بعد الحراك الذى يشهده الموضوع فى الوقت الحالى، وطعن إحدى خريجات الحقوق على القرار السالب بعد تعيينها، مشيرة إلى أن المادة 11 بالدستور تنص على المساواة بين الرجل والمرأة فى كل المواقع والوظائف.
وأضافت سوزى ناشد، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أنها تعكف على دراسة الأمر وإعداد مشروع يجسد ما نص عليه دستور مصر الصادر فى 2014، الذى يُلزم بفتح المجال للمرأة للعمل فى كل الهيئات القضائية، وليس فى جهات بعينها، وتعليقا على مهاجمة البعض لهذا الأمر ورفض تنفيذها، قالت: "إحنا ما بنطلبش مجاملة، ده حق كفلة الدستور، وتنفيذه واجب".
واعتبرت عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، قلة عدد القاضيات فى مصر نتيجة مباشرة لطول مراحل القبول فى التعيينات، مؤكدة أن الطالبات دائما ما يتساءلن عن عدم قبولهن فى مجلس الدولة، رغم أن قضاياه إدارية بحتة، مشيرة إلى أن مجلس الدولة هو الهيئة القضائية الوحيدة التى لا تقبل قاضيات، وأن تاريخ عمل المرأة المصرية المُشرّف، يؤكد حقها فى العمل بأية مهنة.
عبلة الهوارى: يمكننا النجاح فى أى مكان.. ونحتاج دفعة من القيادة السياسية
من جانبها، قالت الدكتورة عبلة الهوارى، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، إن مجلس الدولة هو الهيئة الوحيدة التى لا تضم قاضيات، رغم أنه كيان مناسب لعمل المرأة فى القضاء، خاصة إدارة الفتوى والتشريع، فهى غير مختصة بالنظر فى قضايا جنائية أو ما شابه، متابعة: "عمل المرأة فى مصر يحتاج دعما ودفعة من القيادة السياسية لمساندتها، المرأة ممكن تكون موجودة وناجحة فى كل مكان".
تجدر الإشارة إلى أن مصر شهدت تعيين أول دفعة قاضيات فى العام 2007، وضمت 30 قاضية أدّين اليمين الدستورية أمام مجلس القضاء الأعلى، برئاسة المستشار مقبل شاكر، رئيس المجلس وقتها، تلا ذلك تعيين 12 قاضية، وحتى 2015 لم تجرِ أى تعيينات جديدة إلا لأعداد قليلة جدا، ليصل عددهن الإجمالى إلى 66 قاضية تقريبا، وفق آخر إحصائيات وزارة العدل، وذلك مقابل 16 ألف قاضٍ فى كل الجهات والهيئات القضائية المصرية، ويظل مجلس الدولة الجهة الوحيدة المتشددة فى رفض تعيين المرأة بشكل كامل.