حصل "برلمانى" على ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة والخاصة بتعديلات بمشروع قانون التأمين الصحى، وشملت ملاحظات القسم برئاسة المستشار مهند عباس نائب رئيس مجلس الدولة، 70 مقترحا بالتعديل، تم إرسالها إلى الحكومة منذ شهر تمهيدًا لإقرارها بعد مناقشته فى البرلمان .
وتبين من الملاحظات حذف كلمة "الاجتماعى" من عنوان مشروع القانون المعروض، وذلك تفاديا لحدوث خلط بين نظام التأمين الاجتماعى المقرر طبقا للمادة (17) من الدستور ونظام التأمين الصحى المقرر طبقا للمادة (18) والذى جاء مشروع القانون المعروض تنفيذا لها.
وأكد المستشار عبد الرازق مهران رئيس المكتب الفنى لقسم التشريع أن المادة الأولى من القانون جعلت استفادة المصريين العاملين بالخارج والمقيمين مع أسرهم بالخارج من نظام التأمين الصحى الشامل أمرا اختياريا وهو الأمر الذى يتعارض مع صراحة نص المادة (18) من دستور 2014 والتى تنص على أنه " تلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض"، وذلك بهدف بسط مظلة نظام التأمين الصحى الشامل لتشمل جميع المصريين، وتغطى كل الأمراض لجعل الجميع على قدم المساواة فى الإفادة من نظام التأمين الصحى الشامل، الذى تلتزم الدولة بإقامته تنفيذًا لمبادىء الدستورى الذى ألقته على عاتقها المادة (18) من الدستور.
وأضاف مهران، أن القسم حذف عبارة "ويجب ألا تقل عن الخدمات المقدمة حاليا لمنتفعى الهيئة العامة للتأمين الصحى يوم صدور هذا القانون" الواردة بالمادة الثالثة، حيث يختلف نظام التأمين الصحى الشامل المنظم بموجب مشروع القانون المعروض اختلافًا جذريًا عن نظام التأمين الصحى القائم حاليًا، وإلا ما كانت هناك أى حاجة لإصدار مشروع القانون المرفق.
كما حذف مستشارو القسم عبارة (غير هادفة للربح) من المادة الرابعة، وذلك لتعارضها مع كون الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل هيئة عامة اقتصادية.
وأشار مهران إلى أن اللجنة استبدلت عبارة (رئيس مجلس الوزراء) بعبارة (رئيس الجمهورية) الواردة بالمادة الخامسة، بحسبان أن الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل تخضع للإشراف العام لرئيس مجلس الوزراء، وهو من يصدر نظام العمل بها ويحدد اختصاصاتها وفقًا لحكم المادة (4) من مشروع القانون، ومن ثم يصبح هو المختص بتشكيل مجلس إدارتها بحكم تبعيتها له.
وتناولت اللجنة المراجعة للقانون المادة 14، حيث تم نقل عبارة "ويكون المركز الرئيسى للهيئة العامة للرعاية الصحية بالقاهرة" على أن يكون لها فروعًا فى جميع محافظات الجمهورية، تقوم بنفس دور هيئة الرعاية على مستوى المحافظة أو الإقليم.
وحذف القسم البند الخاص بإقرار التعاقدات بكافة أشكالها التى تتم مع الهيئة أو أى جهات أخرى قبل دخولها حيز التنفيذ الوارد ضمن اختصاصات مجلس إدارة هيئة الرعاية، وذلك لأن النظام يقوم على أساس الفصل بين جهة التمويل وجهة تقديم الخدمة، فضلًا عن أن التعاقدات المشار إليها تتم وفقًا لمعايير الاعتماد والجودة التى تضعها هيئة الاعتماد والرقابة ولا دخل لهيئة الرعاية فى هذا الشأن.
وأوضح مهران، أن المادة 19 تضمنت حكمًا يجيز قيام هيئة الرعاية بتقديم مهامها بذاتها أو عن طريق إنشاء كيانات تابعة لها، ويرى القسم أن مصطلح "كيانات تابعة لها" يشوبه الغموض وعدم التحديد لماهية وطبيعة هذه الكيانات، وهو ما قد يسبب إشكاليات لدى التطبيق العملى.
وأضاف رئيس المكتب الفنى أنه تم حذف كلمة "غير المشروطة" من البند الخاص باختصاص مجلس إدارة الهيئة العامة للاعتماد والرقابة، بقبول المنح والتبرعات والهبات والوصايا والإعانات التى تقدم لهيئة الاعتماد والرقابة من غير المنشآت الصحية الخاضعة للتقييم اتساقا مع حكم القانون رقم 61، كما تم حذف عبارة "تعتبر وزارة الصحة المسئولة عن إصدار تراخيص المُنشآت الصحية)، وذلك اكتفاء بالقواعد العامة المنظمة لاختصاص وزارة الصحة.
ورأى القسم ضرورة حذف من المادة 20 عبارة (وبما لا يجاوز نصف فى الألف من الإيرادات السنوية لتلك الجهات) الواردة ، باعتبار أن وضع حد أقصى لمقابل الخدمة بمراعاة الإيرادات السنوية للجهات الخاضعة لرقابة هيئة الاعتماد والرقابة لا يستقيم مع طبيعة مقابل الخدمة الذى يستحق للجهة مقدمة الخدمة بصرف النظر عن تحقيق الجهة متلقية الخدمة إيرادات من عدمه، فضلاً عن أن التحديد المشار إليه يجعلنا أمام فرض ضريبة على الإيرادات التى تحققها الجهات المشار إليها دون استنزال المصروفات والنفقات التى تكبدتها، وبذلك يصاب القانون بالعوار الدستورى .
ورأى القسم أن القانون ربط الاشتراكات التى يؤديها المؤمن عليهم، وجهات عملهم، وأصحاب الأعمال، والخزانة العامة عن غير القادرين، بالحد الأدنى للأجور المعلن عنه بالحكومة على المستوى القومى.
وكانت المادة (18) من الدستور تنص على أن "تلتزم الدولة إقامة نظام تأمين صحى شامل وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقًا لمعدلات دخولهم"، وهو الأمر الذى يقتضى نزولاً على صراحة هذا النص الدستورى أن يكون تحديد اشتراكات المؤمن عليهم والجهات المشار إليها على أساس الدخل الفعلى الذى يحصل عليه المؤمن عليهم وليس على أساس ما يفترض أن يحصلوا عليه وفقًا للحد الأدنى المعلن عنه بالحكومة على المستوى القومى.
ونوه مهران عن حذف عبارة (أموال الزكاة) من بين مصادر التمويل للهيئات المنشأة بموجب مشروع القانون المعروض، لأن هذه الأموال بالنسبة للهيئات المشار إليها لا تعدو أن تكون من قبيل المنح أو الهبات أو التبرعات التى جرى النص عليها ضمن موارد هذه الهيئات.
واستبدل القسم عبارة (ويستمر الاشتراك عن الأبناء والمُعالين حتى بلوغهم سن المقرر قانونًا لعدم استحقاق المعاش وفقًا لأحكام قوانين التأمين الاجتماعى، أو الالتحاق بعمل) ، بعبارة (ويستمر الاشتراك عن الأبناء والمُعالين حتى الالتحاق بعمل) لذلك رأى القسم هذا التعديل لمعاملة الأبناء والمعالين غير العاملين منهم معاملة غير القادرين المتعطلين عن العمل متى بلغوا ذلك السن ولم يلتحقوا بعمل.
كما تلاحظ للقسم أن البند الخاص بالخزانة العامة، تحمل قيمة اشتراكات فئات غير القادرين بمن فيهم المتعطلين عن العمل وغير المستحقين أو المستنفدين لمدة استحقاق تعويض البطالة.
ولما كانت الفئات المشار إليها إنما تمثل الحصة التى يتحملها رب العمل فقط دون أن تغطى الحصة التى يفترض أن يتحملها المؤمن عليه أو من يعوله حتى تتساوى نسبة الاشتراكات التى تحصل عليها الهيئة عن المؤمن عليهم سواء كانوا من القادرين أم من غير القادرين، وذلك إعمالا لمبدأ المساواة حيث يتمتع الجميع بذات خدمات النظام، وهو الأمر الذى يضعه القسم تحت بصر الجهة الإدارية لتداركه تحقيقًا للغاية التى يتوخاها المشروع وهيتحمل الخزانة العامة كامل قيمة الاشتراكات عن غير القادرين.
وأنهت اللجنة المراجعة لمشروع القانون ملاحظاتها، بأن تحصيل مبالغ مالية جبرًا من المواطنين دون أن يحصلوا على أى مقابل على ذلك، فكان لابد من وصف الضريبة العامة بهدف ضمان الاستدامة المالية للنظام.
وألا تتجاوز هذه الضرائب الأغراض المقصودة منها، ولو كان الغرض من فرضها زيادة موارد الدولة لمقابلة مصلحة المواطنين، فلا يتحقق وفقا لمفهوم العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى، وتعد أحد أهدافه، أن يتمثل الهدف من فرض الضرائب فى اجتناء حصيلتها لتغطية عجز قائم فى موارد الدولة، لذا يضع القسم الأمر تحت بصر الجهة مُعدة المشروع لتدارك ما يشوبه من أوجه العوار الدستورى.