قانون تجريم ختان الإناث تطور كثيرا فى العام الأخير حيث تم تغليظ العقوبات التى وصلت لسبع سنوات، وتحولت الجريمة من جنحة لجناية، ولكن هل هذا الأمر كافٍ؟ لم يكن كذلك لقلة التوعية واستمرار الأطباء فى القيام بجراحات الختان وتشوية الأعضاء التناسلية، فقد تبين من المسح السكانى الأخير أن نسبة الختان بين الإناث وصلت إلى 74.4% فى مصر، والمشكلة الحقيقية أن 82% ممن يجرون هذه الجريمة هم من الأطباء.
والغريب حقا أن القانون رغم عقوباته الشديدة والغليظة إلا أنه فتح بابا يعد ثغرة حقيقية أمام استغلال الأطباء الممارسين للختان، عندما جاء عنه أن تجريم ختان الإناث يعنى عدم القيام ببتر كل أو جزء لأى عضو تناسلى ما لم يتوفر مبرر طبى لذلك، فهذا المبرر لا يتحدد فى حالات معينة وحتى أنه لا يرى أصحاب القرار هذه المبررات الطبية مثلما يراها مختصين الطب.
ومن هنا كان لابد من وقفة لمعرفة بنود القانون تحديدا ومنها لحالة من الجدل ما بين الأطباء والمجتمع المدنى ومجلس النواب الذين يمثلون مثلث المسئولين عن إنهاء هذه الظاهرة التى ترتكب يوميا ضد الفتيات.
مواد قانون تجريم ختان الإناث
يعود المرجع القانونى إلى قانون العقوبات المصرى رقم 78 لسنة 2016 ممارسات ختان الإناث فى المادتين 242 مكرر و 242 مكرر (أ) فى قانون العقوبات، حيث حدد المشرع مادتين بقانون العقوبات على ممارسى ختان البنات وهما المادتان 242 مكرر و242 مكرر( أ)
وتنص المادتان على السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز السبع، لمن مارس الختان، والسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز السبع إذا أفضى الختان لعاهة أو الموت، والسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز الثلاث لكل من طلب ختان أنثى.
المبرر الطبى فى عين مجلس النواب
وفى هذا الصدد، قالت النائبة مى محمود، أمين سر لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، أن المبرر الطبى يكون ضرورى أحيانا وعندما تم التصديق على هذا القانون من جانب مجلس النواب، كان لعدة حالات وهى:
- إذا كانت الأم تعانى من ورم خلال الحمل فيفرز هرمونات تتسبب فى تضخم الأعضاء التناسلية للفتاة عند ولادتها.
- إذا كانت الأم تتناول مركبات بها هرمونات ذكورة فى أول ثلاثة أشهر من الحمل فتؤدى لتضخم الأعضاء التناسلية للفتاة.
وأضافت النائبة مى محمود، أنه عند هذه المرحلة نحتاج لعملية الختان، لذلك تم وضع كلمة "مبرر طبى"، مؤكدة أن صاحب السلطة أن يقر بأن الحالة من هذه الحالات يكون الطب الشرعى فقط وليس أى طبيب لديه اتجاهات مخالفة، مؤكدة أن فكرة المبرر الطبى لا تأتى فى تعريف القانون المصرى فقط بل ترجع لتعريفه فى المنظمات العالمية.
طبيب نساء ردا على موقف "المبرر الطبى": حالات غير منطقية
فى حين قال الدكتور عمرو حسن، استشارى النساء والتوليد بطب قصر العينى، أن هذه الحالات غير منطقية و"مفيش حاجة اسمها كده"، مؤكدا أن كلمة مبرر طبى فتحت الباب أمام الكثير ممن ليس لديهم ضمير مهنى ويضعون اتجاهاتهم فيما يخص ختان الإناث قبل تطبيق القانون، حيث أقنعوا الأهالى أن هناك مبرر طبى فى حالة فتياتهم وهذا أمر قانونى ولا يوجد فيه مشكلة.
وأضاف حسن، أنه لا توجد سيدات تأخذ هرمونات ذكورة فى أول ثلاثة أشهر من الحمل أبدا، ولا يوجد سبب منطقى للمبرر الطبى إلا فى حالات تضحم الأعضاء التناسلية التى تكون ناتجة عن عيوب خلقية وهى نادرة جدا حتى أنه لا يرى حالة منها أبدا ولا يسمع أن أحد من زملائه واجه ذلك، لافتا إلى أنه قد يكون مرجوع فكرة هرمونات الذكورة لتناول السيدات البروجستيرون وهو هرمون يحدد النسل وقد تحمل السيدة وهى تتناوله دون علم والذى كان سابقا يحمل صفات هرمونات الذكورة منذ الستينيات إنما حاليا لا يوجد أى شىء من ذلك هذا الهرمون لاستناد هذه الحالة التى لا توجد فى الواقع من الأساس.
المجتمع المدنى: المبرر الطبى ذكر دوليا لحالات مختلفة
وبشأن نص المنظمات الدولية على تعريف الختان، قال الدكتور طلعت عبد القوى، استشارى أمراض الباطنة ورئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، إن الختان دوليا لا يسمى بختان إنما بعمليات تشوه الأعضاء التناسلية للسيدات، فعندما يتم ذكره المبرر الطبى يشير إلى حالات الحوادث والأورام فى هذه المنطقة التى تحتاج لجراحة تدخل واستئصال أو قطع، وبما أنه أمر مهم جدا أن يباح تم ذكره فى المبرر الطبى للتقرب من هذه المنطقة الخاصة جدا من جسد السيدة.
وأضاف عبد القوى، أن عام 2017 هو عام المرأة والذى تمت التوجيهات فيه من السيد الرئيس السيسى أن يمتد إلى 30 مارس 2018، وتمثل ظاهرة ختان الإناث صورة من أخطر صور العنف ضد المرأة من الطفولة، وهذا يتعارض مع دستور 2014 سواء المادة 11 الخاصة بحقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف والمادة 80 الخاصة بحقوق الطفل، لذلك يجب الانتباه لتطبيق القانون أكثر من وضعه وتغليظه وألا يكون هناك أى مدخل لغير أصحاب الضمير الذين يجرون مثل هذه العمليات.