وتلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساء أمس، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلسطينى محمود عباس. وصرح السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن الاتصال تناول بحث تداعيات القرار الأمريكى بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، فى ظل مخالفة هذا القرار لقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالوضع القانونى لمدينة القدس، فضلاً عن تجاهله للمكانة الخاصة التى تمثلها مدينة القدس فى وجدان الشعوب العربية والإسلامية.
وأضاف المتحدث الرسمى، أن الرئيس أعرب خلال الاتصال عن رفض مصر لهذا القرار ولأية آثار مترتبة عليه. وفى السياق نفسه قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، إن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، باعتبار القدس عاصمة إسرائيل، يخالف كل القرارات الشرعية، لأن قضية القدس لها مرجعيات قانونية دولية باعتبار أن القدس مدينة تقع تحت الاحتلال.
وأضاف، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامى أسامة كمال، عبر برنامجه مساء dmc، أن مصر ضمن الدول التى طلبت اليوم من مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة، وهناك تحركات عربية وإسلامية ودولية عالمية ستتم خلال الساعات المقبلة، ووزراء الخارجية العرب سيجتمعون السبت المقبل، وذلك للتعبير عن موقف دولى، يعبر عن التوافق الدولى تجاه القرار.
استطرد أن المجتمع الدولى الآن يواجه تحديا كبيرا حاليا، وقرار ترامب يقوض كل جهود السلام، وجهود التسوية السياسية، وهذا تحدى يجب على المجتمع الدولى والأطراف الرئيسية أن تحدد كيف ستتعامل معها.
وفرق أبو زيد بين الأثر القانونى والأثر السياسى لقرار ترامب، حيث قال إن الأثر القانونى يعتمد على المرجعيات وهى قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، لكن على المستوى اليسايسى له أثرا كبيرا لأن الولايات المتحدة دولة كبيرة ومن المفترض أنها راعية سلام، وحينما يكون هذا موقفها يعطى قدرا كبيرا من الدعم للموقف الإسرائيلى، وهذا بالتأكيد له دور سلبى فى مستقبل عملية السلام.
وقال أن حجم الإدانات الكبيرة التى صدرت من الدول، كلها تؤدى إلى نتيجة واحدة وهى أن هناك رفض عالمى لهذا القرار وإدراك لخطورة الآثار المترتبة عليه، وقلق على مستقبل العملية السياسية والسلمية.
وفى رد فعل قوى من مشيخة الأزهر، حذر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من التداعيات الخطيرة لإقدام الولايات المتحدة على قرار الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيونى ونقل سفارتها إليها، لما يشكله ذلك من إجحاف وتنكر للحق الفلسطينى والعربى الثابت فى مدينتهم المقدسة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وتجاهل لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، تهفو قلوبهم إلى مسرى النبى الأكرم، وملايين المسيحيين العرب، الذين تتعلق أفئدتهم بكنائس القدس وأديرتها.
وشدد الإمام الأكبر على أن القدس المحتلة، وهويتها الفلسطينية والعربية، يجب أن تكون قضية كل المنصفين والعقلاء فى العالم، حتى لا يفقد الفلسطينيون، ومعهم ملايين العرب والمسلمين، ما تبقى لديهم من ثقة فى فاعلية المجتمع الدولى ومؤسساته، وحتى لا تجد الجماعات المتطرفة وقودا جديدا يغذى حروب الكراهية والعنف التى تريد إشعالها فى شرق العالم وغربه.
وأكد الإمام الأكبر على أن ما يعانيه عالمنا العربى والإسلامى من مشكلات وحروب، يجب ألا يكون ذريعة أو عذرا للقعود عن التحرك الفاعل لمنع تنفيذ هذا القرار المجحف وغير المقبول، كما يجب على المجتمع الدولى ومؤسساته، أن تأخذ بزمام الأمور، وتبطل أى شرعية لهذا القرار، وتؤكد حق الشعب الفلسطينى فى أرضه المحتلة، وعاصمتها القدس الشريف.
ودعا شيخ الأزهر هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين لاجتماع طارئ لبحث تبعات هذه الأمر، كما يعلن فضيلته عن عقد مؤتمر عالمى عاجل حول القدس، بمشاركة كبار العلماء فى العالم الإسلامى ورجال الدين المسيحى، والمؤسسات الإقليمية والدولية المعنية، لبحث اتخاذ خطوات عملية تدعم صمود الفلسطينيين، وتبطل شرعية هذا القرار المرفوض الذى يمس حقهم الثابت فى أرضهم ومقدساتهم.