يأبى عام 2017 أن يرحل، دون أن يمر قطار الربيع الفارسى داخل الجمهورية الإسلامية فى إيران، عقب شرارة أشعلت فتيلها انتفاضة الفقراء من مدينة مشهد ثانى أكبر مدن إيران من حيث الكثافة السكانية، فى نهاية العام (21 من ديسمبر)، احتجاجا على سياسات طهران التى سئم منها الداخل والخارج، والوضع الاقتصادى المتدهور والغلاء المعيشى والبطالة والفساد المستشرى داخل المجتمع وبين الفئة الحاكمة.
ومع تصاعد الاحتجاجات، بدأ يطرق القصاص فى 2018 أبواب رعاة الإرهاب ودعاة الفوضى، حاملاً شرارة ثورة شعبية تشهدها الشوارع والميادين داخل وخارج طهران للمطالبة بوضع حد لمؤامرات النظام الحاكم ضد دول الجوار وفى مقدمتها سوريا والعراق، وتوفير الملايين التى يتم انفاقها لتفتيت البحرين واليمن وضرب استقرار لبنان وتمويل ميليشيات الخراب المنتشرة على خرائط العالم العربى.
وفى أواخر ديسمبر خرجت التظاهرات التى هددت أركان النظام، من مدينة مشهد وامتدت إلى عدد من المدن الكبرى، مثل كرمانشاه ومشهد وشيراز الجنوبية، ندد فيها المتظاهرون بسياسات طهران فى إنفاق أموال طائلة فى سوريا والعراق ولبنان، لتحقيق مكاسب سياسية، فيما تركت شعبها فريسة للفقر والغلاء، وكانت أبرز الشعارات، التى رفعها المحتجون "الموت للديكتاتوريين.. الموت لروحانى اتركوا سوريا وانظروا لحالنا" وقاموا بتمزيق صور المرشد الأعلى على خامنئى.
ويرى مراقبون أن الاحتجاجات التى تواصلت لأيام قوبلت بعنف شديد من قبل قوات الأمن التى قمعت المتظاهرين المرددين شعارات مناوئة للحكومة، وتطورت الأحداث إلى مواجهات، قتل فيها متظاهران، قد تتواصل مع بداية العام الجديد، وتكون الشرارة التى يتجرع بها الملالى من كأس السم، لطالما قادوا مؤامرات لتفتيت بلدان المنطقة، والتدخل فى شئونها عبر خلاياها النائمة التى تستطب الشيعة، واللعب بورقة الطائفية فى كلا من سوريا والعراق ولبنان.
وأكد المراقبون أن سقوط قتلى بين المتظاهرين، سيشعل حماس الشباب الغاضب من سياسات النظام، وتبقى 3 سيناريوهات تحكم المشهد داخل إيران فى العام الجديد، السيناريو الأول: هو رضوخ حكومة روحانى لمطالب الجماهير الغاضبة، أمام تصاعد موجات الاحتجاجات فى الداخل، وضغوط خصوم طهران فى الخارج من أمثال الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام الذى دعم الاحتجاجات منذ بدايتها، ولوح بنقل سلمى للسلطة، وقبل أن يستغلها التيار المنافس للإصلاحيين، لتحقيق مكاسب سياسية فى الشارع، واستعادة قاعدته الشعبية التى فقدها السنوات الماضية، وتوظيفها لخدمته فى انتخابات 2021.
أما السيناريو الثانى: يقوم على فرضية، أن تتصاعد الاحتجاجات بشكل أكبر، يقابلها تعنت من قبل النظام الذى قد يلتزم الصمت، ويدافع عن سياساته، ويلقى بالكرة فى ما يصفه المسئولين بـ"المؤامرات" الخارجية، ويلقى بالاتهامات أمام المحتجين بأنهم مدفوعين من استخبارات أجنبية، وعليه ستزداد المواجهات مع قوات الأمن المرابطة فى ميادين المدن الكبرى، وقد تشتعل وتشكل ثورة عارمة تفوق انتفاضة 2009، التى قادتها الحركة الخضراء،وتم قمعها بالقوة، وفى هذا السيناريو قد تطول فترة الاحتجاجات ربما لأشهر.
والسيناريو الثالث:سيكون السيناريو الذى لا ترغب طهران فى الوصول إليه، وهو سيناريو الأرض المحروقة، بعدما سيشعر النظام بأن قواه ستبدأ بالتراخى والانهيار أمام الموجات العاتية من الجماهير الغاضبة جراء سياساته، وقد يدعو لانتخابات رئاسية مبكرة، ويضحى النظام بالرئيس حسن روحانى لامتصاص غضب المحتجين، لحماية رأسه (الولى الفقيه) المتربع على قمة الهرم، الذى يمسك بل السلطات فى يده.