ورغم التحرك الجديد لأمير قطر، وما انفقه خلال زيارته إلا أن مراقبون أكدوا فشل الدوحة فى تحقيق أهدافها، حيث لم تحظى الزيارة بأى زخم سياسى أو اهتمام إعلامى، بل أتت بنتائج عكسية وسط تحذيرات إقليمية ودولية من الأهداف المشبوهة للزيارة التى شملت تشاد وموريتانيا والسنغال والنيجر وجزر القمر والجابون.
وحذر مراقبون وخبراء من سعى قطر للتغلغل فى القارة السمراء من خلال إغراءات المال عبر ما تسميه العمل الخيرى والدعم الإنسانى، وتحت ستار دعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بضخ استثمارات فى بعض الدول.
وقال المحلل الفرنسى إيمانويل دوبي، رئيس "معهد الاستشراف والأمن فى أوروبا" إن استراتيجية قطر التى تعتمد على دفع استثمارات ضخمة فى أفريقيا لكسر عزلتها إقليمياً فشلت بشكل واضح.
وتحت عنوان "قطر فى مواجهة الرباعى العربى لمكافحة الإرهاب بأفريقيا"، أوضح المحلل الفرنسى لمجلة "لوبوان" الفرنسية، إن قطر سعت إلى أفريقيا لكسر عزلتها، وهو ما توّج بفشل ذريع.
وكشف إيمانويل دوبى عن محاولات قطر لتقويض الدور السعودى فى أفريقيا، حيث تتمتع المملكة العربية السعودية بعلاقات قوية مع دول أفريقيا جنوب الصحراء، مضيفاً أن الصورة الذهنية للدوحة لدى العديد من الدول الأفريقية باتت سلبية، باعتبارها إحدى الدول الداعمة للإرهاب.
وأرجع المحلل الفرنسى السبب فى تلك الصورة الذهنية، إلى أن قطر ينظر إليها على أنها محفظة نقدية، وليست مستثمراً حقيقياً بمشروعات تنموية تدر أرباحاً تعود بالنفع على البلاد، حيث تتجاوز أهدافها التأثير الاقتصادى أو الثقافي، إلى الجانب الأمني.
وأشار المحلل الفرنسى إلى تصريحات وزير الخارجية السعودى عادل الجبير، بتقديم مساهمة بنحو 100 مليون دولار، لدعم القوة المشتركة لدول الساحل الأفريقى لمحاربة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة، فيما قدمت الإمارات مساهمة بقيمة 30 مليون يورو.
واختتم إيمانويل دوبى حديثه بأن أفريقيا زادت من عزلة قطر، وأكدت دعمها للإرهاب تحت مظلة الاستثمارات الاقتصادية والمساعدات الإنسانية، وهو ما أفقدها دعماً دولياً ومحتملاً.
وبالتزامن مع الزيارة، قال عمار السجاد رئيس لجنة إسناد الحوار الوطنى فى السودان فى تصريحات سابقة إن قطر قدمت دعما عينيا لكل الحركات الصومالية التى كانت تحت مسمى الاتحاد الإسلامى للمقاومة، الذى خرجت من رحمه حركة الشباب المتطرفة.
وكشف السجاد عن أن حركة الشباب بعد انشقاقها عن الاتحاد الإسلامى، عقب الهزيمة من الجارة إثيوبيا، عمدت إلى استقطاب عناصر ينتمون لتنظيم "القاعدة"، لتنفيذ عمليات إرهابية فى البلاد؛ الأمر الذى عجل بإدراج أغلبية منسوبيها فى قوائم إرهاب أمريكية وأممية.
وشدد على أن الحركة المتطرفة تلقت دعما مهولا من استخبارات دول لديها مصلحة، لا يستبعد أن تكون قطر من بينها، وأصبحت قوة ضاربة تمتلك أجهزة ومعدات قتال عالية التطور، لا تتوفر لكيان سياسى عادى، الأمر الذى مكنها من تنفيذ عمليات إرهابية ضخمة.
واعتبر السياسى السودانى، أن اكتشاف حجم التمويل المقدم للحركة المتطرفة فى غاية الصعوبة؛ "لأنه يتم بسرية عالية ودقة متناهية"، مرجحا أن تكون قطر قد توقفت عن دعم حركة الشباب؛ نظرا لتبنيها ودعمها للحكومة الحالية بمقديشو، لافتا إلى تضاؤل هجمات الحركة مؤخرا.